زاد الاردن الاخباري -
مع استنفادها جميع الخيارات لتعويض النقص في الوقود، دقت مؤسسة كهرباء لبنان ناقوس خطر الخميس، باعلانها ان البلاد على موعد مع انقطاع شامل للتيار خلال ايام، مضيفة مسمارا اخر الى نعش الازمات التي باتت تدفع عددا متزايدا من اللبنانيين الى التفكير في الانتحار.
وقالت المؤسسة في بيان إنها "استنفدت جميع الخيارات الممكن اللجوء إليها، ولم يعد بإمكانها سوى تسيير المجموعات الإنتاجية المتبقية بما يتجانس مع خزينها المتبقي من المحروقات وكميات المحروقات المرتقب توريدها بموجب اتفاقية التبادل مع الدولة العراقية".
وكشفت المؤسسة أن مخزونها المتبقي من مادة الفيول قد تدنى بشكل كبير، حيث نفذ بالكامل في كل من المعملين الرئيسين لتوليد الكهرباء في البللاد، ما أدى إلى توقفهما عن العمل بشكل كامل وكذلك حصل في الباخرتين المنتجتين للطاقة، ما يعني بقاء معمل واحد وهو الذوق الحراري قيد التشغيل حتى نفاذ المخزون داخله.
وجراء أزمة محروقات حادة تشهدها البلاد منذ أشهر، تراجعت تدريجيا قدرة مؤسسة كهرباء لبنان على توفير التغذية لكل المناطق، ما أدى الى رفع ساعات التقنين لتتجاوز 22 ساعة يوميا، بحسب وكالة "فرانس برس".
ولم تعد المولدات الخاصة قادرة على تأمين المازوت اللازم لتغطية ساعات انقطاع الكهرباء.
وأشارت المؤسسة إلى أنه يتعذر عليها، منذ أشهر، استخدام فائض العملة الوطنية المتراكم في حساباتها لدى مصرف لبنان جراء عمليات جباية فواتير الاشتراكات بالتغذية في التيار الكهربائي، وذلك في محاولة منها لتغطية جزء من حاجاتها من المحروقات بالعملة الصعبة لزوم إنتاج الطاقة.
ويعاني لبنان، الذي عمق الانفجار من أزماته السياسية والاجتماعية، من واقع اقتصادي صعب لاسيما بعدما خسرت العملة الوطنية أكثر من 90 في المئة من قيمتها، فضلا عن وجود أزمة محروقات ونقص في مواد غذائية وطبية وأساسية.
معاناة وانتحار
تقول منظمة "إمبرايس" للصحة النفسية ان عددا متزايدا من اللبنانيين باتوا يفكرون في الانتحار مع تسارع الانهيار الاقتصادي الذي تشهده البلاد منذ عامين والذي انعكس شحا في الأدوية وبينها تلك المخصصة للاكتئاب ونوبات القلق.
وقالت المنظمة ان "خط الحياة" التابع لها والمخصص للدعم والوقاية من الانتحار، تلقى خلال العام الحالي اضعاف ما كان يتلقاه سابقا من الاتصالات.
واضافت ان هذه الاتصالات بلغ عددها 1100 شهريا، أي العشرات في اليوم الواحد، وذلك بعد انهيار اقتصادي بدأت ملامحه قبل عامين ثم فاقمه انفجار مرفأ بيروت المروع في الرابع من أغسطس 2020.
ومنذ ذلك الحين، وجد عشرات الآلاف أنفسهم عاطلين عن العمل أو باتت رواتبهم لا تساوي سوى القليل بعدما فقدت الليرة اللبنانية نحو 90 في المئة من قيمتها أمام الدولار.
في بلد يبلغ فيه الحد الأدنى للأجور 675 ألف ليرة، أي ما يعادل 45 دولارا وفق سعر الصرف في السوق السوداء، ارتفعت أسعار المواد الغذائية بنسبة 700 في المئة.
ويجد اللبنانيون أنفسهم مضطرين لدفع ما لا يقل عن مليون ليرة (66 دولارا) شهريا للمولدات الخاصة جراء انقطاع التيار الكهربائي المزمن.
وتفاقمت معاناة اللبنانيين مع تفشي فيروس كورونا وتأثيراته على الصحة النفسية ثم صدمة انفجار المرفأ الذي أودى بحياة 214 شخصا على الأقل وتسبب بإصابة أكثر من ستة آلاف آخرين، ودمر أحياء في بيروت.
وترى بشرى (26 عاما) المتطوعة أيضا في "إمبرايس"، أن عملها بات اليوم أشبه بـ"مهمة مستحيلة" لإنقاذ المتصلين الذين تخنقهم الأزمات، قائلة: "يجدر بنا أن نمنحهم الأمل في بلد لم تعد فيه مساحة للأمل".