قراءة في رهانات الحكومة ، ودلالة الإصرار على افتتاح مهرجان جرش ...!! د. رعد مبيضين
مقابل الإصرار الحكومي على الاستمرار بفعاليات مهرجان جرش ، فإن هذا يفتح الباب على مصراعيه أمام تجاذبات سياسية وقانونية جديدة سيشهدها الأردن في الداخل والخارج وفي المرحلة الفاصلة ما بين الوباء والتعافي منه ، وما بين الإنهيار الاقتصادي أو النهوض منه ، عبر منظومة سياسية تشكل للأسف تراجعات بكل مناحي الحياة ، لا بل وتضرب بكل رؤية جديدة من الألف إلى الياء ، وفي كل مناحي مفاصل الدولة في الأردن ، وهنا قد يتساءل البعض ، كيف ؟!! و للإجابة نقول : للأسف الشديد الرهانات تتحرك وفق اعتقادات البعض غير المبالي بكل ما يحدث ، و تتبدل المعطيات تبعاً للأسئلة التي يثيرها الشارع بين الحين و الأخر ، و يثيرها الشتات في الخارج حاله حال جميع الأردنيين الذين راهنوا على الكثير من الإصلاحات ومن ضمنها ، عدم افتتاح مهرجان جرش بسبب الجائحة وتفشي الوباء المتحور منه وغير المتحور ، نتحدث عن " كورونا " بكافة فصولها التي اطاحت بالاقتصاد والتعليم وصولا إلى أغلاق المساجد ، واقتراب انهيار كل من الأنظمة الصحية والتعليمية والاقتصادية والاجتماعية إلخ ...!!
وبصراحة أكثر فإن ما دفعني للكتابة ( دلالة الإصرار الحكوني على افتتاح المهرجان ) في ظل تفشي الوباء ، سيما وأن المسألة وفق التحليلات تشي بأن المتخصصين باستصدار النصائح قد تجاوزا الحسابات العادية بهذه النصحية ، في وقت نجد فيه حماس شعبي تشتد حركته في الداخل والخارج باتجاه تغيير المعطيات لوقف جميع مخرجات المتغيرات غير المحسوبة ...!!
ما يعني أن دلالة الإصرار الحكومي على افتتاح المهرجان ، يأتي كتحريض غير مباشرة للمظاهرات من ناحية ، ومن ناحية ثانية يضعنا أمام حقيقة مفادها بين قوسين ان ( هناك رغبة في تقديم قراءة أردنية لعموم المشهد ، ولكن هذه المرة مغايرة ومختلفة ) ،
نقول ذلك والأرواح تقدم مجانية لهذا الوباء ، كقرابين من أجل فقط " أفتتاح المهرجان " كضرورة حتمية لا بد منها حتى وإن اختلفت الأعمار ...!!
للأسف يا سادة كل المفاهيم غدت عرضة لتبدلات متحركة وغير ثابتة ، في ظل أوضاع أقتصادية متداعية تحتاج إلى من تستند عليه ، اقتصاد عاجز ومنذ أكثر من عقدين عن رفع رواتب المتقاعدين في الضمان الاجتماعي والتقاعد المدني ممن تقل رواتبهم عن 500 دينار ، مع ان خط الفقر عندنا يطال من دخلهم 1000 دينار ، نتحدث عن طامة كبرى تتجاوز كل هذا الترف الفني في ظل جائحة كورونا ، التي جعلت العالم أجمع امام إجراءات غير مسبوقة في الإغلاقات والحظر والكمامات والمطاعيم والتباعد الاجتماعي لدرجة تقطعت فيها الأرحام ، ناهيك عن " الأمراض النفسية " والتي نرى مخرجاتها في جملة الإنتحارات التي لا تحرك فينا ساكنا ، وكأننا في" مسرح " يا " سادة المهرجان " ...!!
وبالتالي فإن الاستنتاج الأولي يدور حول فكرة واضحة وبسيطة مفادها ( ما فائدة المهرجان في ظل تفشي وباء كورونا ) ولكل من يدافع عن القرار نقول : من يتحمل مسؤولية تفشي المرض بسبب هذا التجمع في المهرجان ؟! و هناك اعداد كبيرة عرضة للعدوى ونقل الوباء في المجتمع .ومن هنا يأتي التقاطع الحاصل في الموقف الرافض شديد الوضوح في " عدم افتتاح المهرجان " ، وبين سادة افتتاح المهرجان ...!!
وقد برز إلى السطح التشكيك بكل إجراء قامت به الحكومة منذ ظهور كورونا إلى يوم إشعال طامة مهرجان جرش ، والذي أطاح بكل ما ادعته في مواجهة الوباء ، والسؤال ياسادة ألا يدفع كل هذا نحو قراءة مختلفة في مشهد تكاد أن تختلط فيه الخطوط ، وتتقاطع حوله الاحتمالات بصورة غير مسبوقة ؟!!! للأسف هناك تداعيات متسارعة لحدث لم تضبط معطياته بشكل صحيح، إنما هي انعكاس لإدراك يعرفه الجميع حول ألية تشكيل الحكومات المتعاقبة ...!! خادم الإنسانية