زاد الاردن الاخباري -
قال عضو مجلس امناء المركز الوطني لحقوق الانسان، إبراهيم البدور، إن ازمة القطاع الصحي العام متفاقمة ،و انها ارخت بظلالها على المشهد الاردني خلال الأسبوع الماضي ،وذلك بعد وفاة طفلة في مستشفى البشير بعد تأخر في تشخيصها ؛حيث أظهرت هذه الحادثة الانهيار السريع في المنظومة الصحية في القطاع العام وكشفت عورات الخلل الذي تكدس خلال سنوات من الاهمال وعدم الجدية في إصلاح وتطوير هذه المنظومة .
وبيّن ان الاردن كان يتباها في تطوّر القطاع الصحي لديه ،حيث كان -ولازال -وجهة الاشقاء العرب و بعض الدول الافريقية لمن يبحث عن خدمة طبية مميزة بسعر مناسب ومعقول .وكان الاستثمار في هذا القطاع من أهم الاستثمارات التي سعت لها الدولة ،حيث وصل حجم السياحة العلاجية في سنة واحدة 2 مليار دينار.
ووضح ان النظام الصحي في القطاع العام كان مصدر لكمية كبيرة من الخبرات التي رفدت القطاع الخاص و الدول الخليجية ،و كان جزء مهم من الصوره الجميلة التي تمتع بها الاردن كبلد مميز في هذا القطاع ،ولكن الهجرات الذاتية والقسرية من هذا القطاع كانت أحد الاسباب الرئيسة في هبوط جودة الخدمة الصحية ،وشكلت ضربة قاسمة لهذا القطاع الذي أصبح أي طبيب -يحصل على خبره- يغادر حتى وصلنا الى ما نحن عليه من تشظي في الجسم الطبي العام.
واضاف ؛ان الحوادث الأخيرة والإستقالات المتكررة دقت ناقوس الخطر بأن القطاع العام الطبي أصبح بحاجة لإعادة رسم منظومة صحية جديدة توقف الانهيار و وتعيد لهذا الجسم الثقة التي فُقدت و تلبي حاجات المواطنين بتقديم خدمة طبية كما تعودوا عليها بالسابق .
الحلول التقليدية جربناها ولم تفلح حتى في توقيف نزيف هذا القطاع ؛ لذلك لا بد من حلول جذرية وإعادة رسم للمنظومة الصحية للقطاع العام بشكل شمولي .
وفي هذه المادة أطرح 3 حلول لعمل هذه المنظومة :
اولاً :إيجاد مظلة واحدة لكل القطاعات الصحية العامة ( وزارة الصحة ،الخدمات الطبية ،المستشفيات الجامعية )-بدون دمج- بحيث يقوم كل قطاع بتغطية باقي القطاعات بالتخصصات الغير متوفرة لديه ، و هذه المظلة لن ترتب أعباء مالية إضافية خصوصاً إذا علمنا ان كل هذه القطاعات تأخذ تمويلها المالي من الموازنة العامة بشكلٍ مباشر او غير مباشر .
فالأمر هو تنظيم وإدارة للموارد البشرية والخبرات الطبية وإعطاء المواطنين فرصة لأخذ خدمة طبية بغض النظر عن مكان تأمينه .
ثانياً : عمل تأمين صحي شامل يضم كافة القطاعات المذكورة أعلاه، بحيث يكون المواطن مؤمناً حسب الدرجة التي يختارها -جميع موظفي القطاع الحكومي والعسكري والجامعي يدفعون بدل تأمين صحي - .علماً ان نسبة كبيرة من الاردنيين مؤمّنين، والباقي يحصلون على إعفاءات طبية تغطي كلف علاجهم في حال مرضهم ،وكل هذا الكُلف تدفع من موازنة الدولة .
إضافةً لذلك يمكن التعاون مع مؤسسة الضمان الاجتماعي في إنشاء هذا التأمين الصحي بحيث يكون مظلة كاملة تضم كل الاردنيين .
ثالثاً : تفعيل نظام العناية الطبية الأولية(primary health care )مثل دول (بريطانيا وغيرها )، و تكون المراكز الطبية الشاملة المنتشرة في المملكة هي وجهة أي مريض ؛ بحيث يتم تقييم الحالات واعطاء العلاج فيها ،وفي حال كانت الحالة تستدعي التحويل يتم ذلك الى أقرب طوارئ .
و يكون عمل هذه المراكز على مدار الساعة بحيث يتم إمدادها بكوادر طبية -أطباء عامين بعد عمل دورات مكثفة لهم - لغاية إعداد أطباء يحملون تخصص طب الأسرة بحيث يقومون بهذا العمل الذي هو صلب اختصاصهم .
و إذا علمنا أن 80% من الحالات التي تراجع الطوارىء هي عادية (cold case)يمكن علاجها بدون عمل أزمة في الطوارئ وبدون إرباك للأطباء بحيث يخف الضغط على الطوارئ ولا تذهب ألا الحالات التي بحاجة لدخول او عمليات .
وأنهى حديثه بقوله ان هذه الحلول هي حلول جذرية تعيد ترسيم علاقة متلقي الخدمة (المواطن ) ب مقدم الخدمة ،وتؤسس آلية لعمل ممنهج إداري يقوم على توحيد الجهود وتقديم خدمة طبية بمستوى جيد وبعدالة للجميع ،وأن
الحلول التجميلية لن تفيد بعد الان -جربناها وفشلنا -ولم يبقى أمامنا الا الحلول العميقة .