د. مفضي المومني - كنت اراجع إلتقرير الإحصائي لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي، لآخر خمس سنوات لكتابة مقال متخصص، ووقعت عيني على جدول صادم صادر عن صندوق البحث العلمي المستقل سابقاً والمسكن حالياً في الوزارة لعام 2017 وانقل منه؛ إجمالي المبالغ المقدمة من الصندوق للجامعات بالدينار الاردني لعام 2017 ونسبة الإنفاق مما قدم، وكانت كما يلي:
الجامعة. المبلغ المقدم من الصندوق نسبة الإنفاق%
الاردنية: 761.678 36.96
العلوم والتكنولوجيا: 327.257 15.764
مؤته: 242.056 11.660
اليرموك: 626.760 10.923
الالمانيه: 146.601 7.158
البلقاء التطبيقية: 144.640 6.967
آل البيت: 78.685 3.790
الهاشمية: 77.634 3.740
الطفيلة التقنية: 7.455 0.359
الحسين: 3.750. 0.181
اما الجامعات الخاصة فالمبالغ المقدمة ضئيلة ونسب الإنفاق أقل من 1%
واذا اطلعنا على نسب إنفاق الجامعات من المبالغ المرصودة في ميزانياتها للبحث العلمي؛ ونسبة الإنفاق منها، والمصدر من ذات التقرير؛ الحسابات الختامية للجامعات لعام 2017:
الجامعة…….نسبة الإنفاق من ميزانيتها للبحث العلمي%
الاردنية: 24.473
العلوم والتكنولوجيا: 12.640
مؤته: 3.477
اليرموك: 6.021
الالمانيه: 2.041
البلقاء التطبيقية: 4.626
آل البيت: 6.051
الهاشمية: 8.468
الطفيلة التقنية: 0.116
الحسين: 0.820
اما الجامعات الخاصة فنسب الإنفاق من الجدول نفسه دون 2% من ميزانياتها للبحث العلمي.
الارقام أعلاه صادمة، ومع انها ضئيلة جدا مع المعدلات العالمية لميزانيات البحث العلمي في الجامعات عالميا، إلا أن إدارات الجامعات تضع ارقاما للبحث العلمي في ميزانياتها وتعجز عن صرفها، ونلاحظ عن النسب المتدنية للإنفاق في الحالتين، الدعم المقدم من صندوق البحث العلمي وكذلك من ميزانيات البحث العلمي المرصودة في ميزانيات الجامعات نفسها، ولكم أن تتخيلوا ماذا تفعل مثل هذه النسب لتطوير البحث العلمي، إذ أن المشكلة ليست بالتمويل المتوفر على ضحالته..! بل في الإدارات الجامعية والتي يلجأ بعضها لإضافة الوفر غير المصروف كبطولات لها في تسديد المديونية للجامعة… وهذا يذكرني بقصة (حصان البخيل الذي مات بعد ان تعلم قلة الأكل)،
• إذا عرفنا أن المبالغ غير المصروفة من ميزانيات البحث العلمي تؤول لصندوق البحث العلمي إلا أنه اتخذ قرار سابقاً من الحكومة بأعفاء الجامعات من ذلك..! وقامت بعض إدارات الجامعات بإعتبار المبلغ بطولة لها بتقليل حجم المديونية… !، وكيف تقنعنا بعض الجامعات بتصنيفاتها غير الصحيحة والوهمية، مع هكذا إنفاق على البحث العلمي، وتتغنى مثل هذه الإدارات أن نسبة المخصصات للبحث العلمي تقترب من 10% من ميزانية الجامعة والواقع أن هذه ارقام وهمية للإستهلاك وما يتم إنفاقه فعلا على البحث العلمي لا يزيد عن 6% بالمعدل من المبالغ المرصودة للبحث العلمي سواء من الصندوق او ميزانية الجامعة، وهذه ارقام رسمية من التقرير الإحصائي لوزارة التعليم العالي لعام 2017 ولم اجد إحصائيات عن البحث العلمي في التقرير لآخر خمس سنوات، ولكن مؤشر 2017 يضعنا بالصورة الحقيقية المؤسفة.
من هنا يتضح أن الإدارات الجامعية ورؤساء الجامعات مقصرين جدا في تفعيل واستخدام المتاح من المال على قلته للبحث العلمي، حيث اخذهم هوس التصنيفات الوهمية والنشر في سكوبس واي اس اي والإستلال لفقره… .ومعطلات ومحبطات للبحث العلمي والتعقيدات التي لها أول وليس لها آخر، والظهور الإعلاني والتغني بإنجازات وهمية ليست من الواقع في شيء، ليتضح من الإحصاءات الرسمية اعلاه أن الوضع البحثي في اسوء حالاته ويسأل عن ذلك رؤساء الجامعات، لأن بعض جامعاتنا في الغالب تدار بعقلية (One Man Show)
وقد يقول أحدهم أين أعضاء هيئة التدريس؟ وما دورهم؟
فأقول إن إدارة الجامعة مسؤولة عن تفعيلهم وتوجيههم نحو البحث العلمي من خلال عمادات البحث العلمي، ومن خلال طرح الأولويات والمشاريع البحثية ودعم الباحثين، وتسهيل مهماتهم وتوفير المختبرات والأجهزة والابتعاث للبحث وللدراسة والتدريب، وعقد الدورات والمؤتمرات والورش العلمية، ودفع حوافز للبحث والنشر، وتفعيل نظام الباحثين وغير ذلك من امور كثيرة باتت معروفه للجميع.
أما الواقع في بعض جامعاتنا فحدث ولا حرج، يتحمل أعضاء هيئة التدريس تكاليف البحث والنشر ويقتطعونها من قوت ابنائهم، وعود بفتح مركز لمساعدة الباحثين في البحث والترجمه والنشر، اتضح انها وهمية كاذبة مثل التصنيفات، وعود بحوافز للباحثين وللنشر في قواعد بيانات مرموقه، والانظمة والتعليمات إما موجوده او يمكن ايجادها، ولكن الواقع وهم وكذب وتطبيق بمزاج الرئيس، للظهور الإعلامي لا غير وبعدها ينسى الأمر، مع ان ذلك يجب أن يكون نظامي ومطبق دون (هيزعات) إعلامية لتلميع الرئيس..! ، أيضا التركيز في البحث العلمي على الترقيات فقط إلا من رحم ربي، لأن إجراءات بعض الجامعات وتطبيقها العقيم لأسس الترقيات وحصرها بأمور شكلية عقيمة، دون النظر للبحث العلمي وجوهره وإنتاجيته وأثره على المجتمع والإرث العالمي للعلوم، جعل من الأبحاث شكل دون مضمون أو أثر، ورقم يضاف لأرقام يبحث عنها رئيس عاثر ليحصل على تصنيفات تلمع شخصه، والبحث العلمي وأثره ونتاجاته آخر إهتمامه او غائب كلياً عن المشهد.
ولا ننسى التعقيدات في سنة التفرغ العلمي وحجبها من الجامعات على بعضها إلا بالواسطة… وكذلك التعقيدات في المشاركة وحضور المؤتمرات العلمية ومحدودية الدعم المقدم.
وهنا يستوقفنا سؤال؛ أين دور مجلس التعليم العالي ووزارته من هذه الأرقام المخيبة للآمال، وأين المحاسبة للإدارات الجامعية عن التقصير المفزع في البحث العلمي وإدارة مخصصاته على قلتها..!، وهل تم عمل دائرة نقاش على الأقل لبحث هذه الأرقام الصادمة! وتحريك للماء الراكد في هذا الشأن المهم… نقاط كثيرة نضعها في جعبتهم ومسؤولياتهم، ولا ننغر بالفقاعات الإعلامية للإنجازات التي يصدح بها البعض، واضح جداً نتاج هذه الأرقام، إلا إذا أثبت البعض من رؤساء الجامعات أن البحث العلمي في القمم وأنه لا يحتاج لكل هذه الأموال، (فقد علمونا قلة الأكل)… وللحديث بقية عن التعليم التقني والفشل الذريع في تطويره… .حمى الله الأردن.