وعندما يتحدث المتابعون عن الحركة الديموقراطية العربية فتجدهم يتحدثون حكما عن الحالة البرلمانية الاردنية كونها سبقت عند انشائها ونشاتها تكون الجغرافيا السياسية لمعظم الاقطار العربية وهذا ما جعل من البرلمان الاردني يشكل مرجعية برلمانية عربية ورافعة مؤسسية للتعددية السياسية لاسيما وان الحاضنة السياسية التى جاءت مع تشكيلة كانت رافعة عربية هاشمية التى كانت قد اطلقت الثورة العربية الكبرى وبسطت سيطرها من الحجاز على كل المشرق العربي بعد الحرب العالمية الاولى ولولا التغير الذى طرا على طبيعة الاحداث التى رافقت نهايات الحرب العالمية الثانية لكان الحال غير الحال لكنها المتغيرات الموضوعية التى تسقط بنتائجها على متغيرات المشهد حسب النتائج والاستخلاصات .
وما بين الحرب العالمية الاولى والحرب العالمية الثانية شكل البرلمان الاردني الذى انشئ بقرار عام 1923 حالة فريدة فى الوطن العربى كما شكل عند تكوينه نموذجا برلمانيا عام 1929 كان الاول فى تكوين المؤسسات البرلمانية عندما سبق بوجوده ودوره تشكل الانظمة السياسية لمعظم الدول العربية لهذا يعد البرلمان الاردني من النماذج البرلمانية التى ينظر لها باحترام مرجعية وتقدير على المستوى العربى والدولي.
البرلمان الاردني مر منذ نشأته بمحطات عديدة كانت فى معظمها نتيجة الظروف الموضوعية المحيطة لكنه استطاع دائما عبر مسيرته التى استمرت من عمر الدولة تقريبا ان يجتاز مع الصعاب الظرفية على الرغم من حددتها ويتخطى التحديات الذاتية على الرغم من مفاصلها الحادة فشكل يذلك حماية للنظام السياسي ومرجعية شعبية و تشريعية حافظت على الحواضن العامة للدولة الاردنية كما عملت على تاطير مجريات العمل وتوثيقه من خلال مرونة اداة بعضم المتغير وصلابة موقف يذود عن الدولة بثبات ويدافع عن مصالح الامة بصلابة .
المجلس النيابي الذى مر بفترة بعد التاسيس وما قبل الاستقلال كان قد تشكل من ستة عشر نائبا منتخبا وستة وزراء واخذ بنموذج المجلس الواحد وكان برئاسة حسن ابو الهدى وتدوال من بعدها على رئاسته عبدالله سراج وابراهيم هاشم وحتى توفيق ابو الهدى الى ان تم اعلان الاستقلال عام 46 ومن بعد ذلك جاء هاشم خير الذى كان يرأس حزب النهضة العربية وهذا يدل على مكانة الاحزاب منذ نشاة التاريخ الاردني واهمية هذة الاحزاب فى العمل السياسي والوطنى .
واستمر العمل النيابي بصورته المتناغمة مع المشهد الى حين ادخلت المنطفة باجواء اانكبة عام 48 وما تليها من اعلان وحدة الضفتين واجراء التعديلات الدستورية بهذا الجانب واخذت الاجواء تنعكس اكثر على المناخات العامة فى المشهد العام بعد الاعلان عن حلف بغداد وحصول الاردن على كامل اعترافه من الامم المتحدة عام 55 فكان ان عزم جلالة الملك الحسين عام 56 على تعريب الجيش فكان ان حل البرلمان ليضمن احتواء ردات الفعل فى حينها لاسيما بعد العدوان الثلاثي على مصر والذى تبعه انهاء المد الانجليزى والفرنسي ودخول العالم بحالة قطبية جديدة بقيادة الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي .