زاد الاردن الاخباري -
علّق مرصد مصداقية الإعلام الأردني "أكيد" الخميس، على اعتذار وزير النقل وجيه عزايزة، عن إكمال تصريحاته لقناة المملكة الاثنين الماضي بسبب ارتباطه بـ"عشاء".
وقال المرصد إن حلقة تلفزيونيّة عرضتها وسيلة إعلام مرئيّة محليّة؛ للبرنامج الحواري "صوت المملكة" لاقت نقاشًا واسعًا بين جمهور المتلقين وتعليقهم على بعض دقائقها، خاصة تلك التي اعتذر فيها وزير النقل عن الدخول في نقاش مع المتحدثين الآخرين، خلال مداخلة صوتية عبر البرنامج بشأن التحدث عن مطالب أصحاب مكاتب التاكسي.
وأضاف أنه تتبع محتوى الحلقة التي جاءت بعنوان: "سيارات النقل العمومي وفوضى التطبيقات الذكيّة" وتضمَّنت عددًا من الضيوف؛ منهم مستثمر في سيارات النَّقل "التَّاكسي" ذات اللون الأصفر، ورئيس مجلس إدارة سيارات النَّقل المميز، ومقرّر لجنة السِّياحة والآثار والنقل في مجلس النوّاب، ووزير النَّقل عبر الهاتف، ودار الحوار حول مطالبات بعض أصحاب مكاتب "التاكسي" بتحرير نسبة من مركبات "التاكسي" المملوكة لهذه المكاتب لتتحول إلى " تكسي أصفر".
وخلال مداخلة الوزير مجيبًا على سؤال مذيع البرنامج حول ما يمنع الحكومة من اتخاذ قرار "التحرير"، بالإضافة إلى نقاط أخرى تناولتها المداخلة حول الموضوع ذاته، وطارحًا "وجهة نظره"، طلب مذيع البرنامج رد أحد الضيوف على الوزير وحينها اعتذر الوزير عن المتابعة وأنَّه مرتبط بشأن خاص في تلك اللحظة قال إنَّه"عشاء"، مؤكدًا على أنَّه لم يتفق مع المذيع على الدخول في أيِّ نقاش مع أيّ طرف آخر خلال مداخلته.
وبين "أكيد" أنه تابع ردود الفعل على اعتذار الوزير وسبب ذلك، بدأ هذا النِّقاش أثناء الحلقة وبخاصّة بين الضيوف المتحدثين، مع طلب مقدّم البرنامج على عقد النقاش، حتى طلب العزايزة حينها تخصيص حلقة يحضر فيها إلى الأستوديو ويتحدث ويناقش أيِّ من الأطراف الأخرى، قائلاً: "هذا الجدال نخصّص له حلقة خاصّة، وأنا جاهز آجي معك في حلقة خاصّة".
ونقل المرصد عن المستشار الإعلاميّ والمدرب الصَّحفي جواد العمري، قوله إنَّه لم يكن مناسبًا من الوزير الاعتذار بسبب حضوره "عشاء"، فالشأن العام أهم من الشأن الخاص بالنسبة لوزير يتولى المسؤولية العامة، فالسبب الذي أبداه لعدم مواصلة الحديث كان "غير مقنع" للمشاهد ولأصحاب القضية في قطاع النقل الذين يمثلون شريحة واسعة من المجتمع "تعاني من مشكلة مزمنة".
وأضاف العمري أنه بعد اعتذار الوزير عن إكمال الحوار، أصبح غائبًا عن ساحة النقاش، وفي هذه الحالة ينبغي على المذيع الرد على الضيف الذي انتقد الوزير بالقول "إن العشاء أهم من المستثمرين ومن أولاد البلد"، وليس التعقيب على كلامه بأنه هو أيضًا يرفض موقف الوزير والاعتذار للمشاهد. وتعقيبًا على قول المذيع بـ"أننا نحتاج وزير منصبه للعمل" وأنه " وزير منين جاي والله ما أنا داري"، قال العمري إنَّ هذه عبارات تحمل شُبهة إهانة وتقليل من شأن الوزير، وبخاصّة أن الوزير أبدى استعداده ليكون ضيفًا في الأستوديو لاحقًا.
وبيّن أنّه كان من الأفضل على المذيع الابتعاد عن التصعيد وتأزيم الموقف، وقبول عذر الوزير عن إكمال المقابلة، وترك الحكم للجمهور، والتعليق للضيوف، على أن يكون ضامنًا لعدم الإساءة الشخصية للوزير من قبلهم، وأن يكون الحكم والتعقيب على أقواله وأفعاله وقراراته فقط.
وحول مفهوم المداخلة الهاتفية في البرامج التلفزيونيّة، قال العمري إنَّ مقدّم البرنامج وقع في خطأ التفريق بين المقابلة والمداخلة، وما تقتضيه طبيعة كل منهما، وإنّه من المعروف لدي العاملين في القنوات الإخبارية أن المداخلة عبر الهاتف من الضيف تكون بين دقيقتين إلى أربع دقائق، وتتم في العادة بين الضيف والمذيع بطرح سؤال أو سؤالين.
وأشاد العمري بجرأة مقدّم الحوار في نقاشاته مع ضيوف حلقات برنامجه، إلا أنَّه أشار إلى أنَّ المذيع خالف شروط المداخلة التي اتفق عليها مسبقًا مع الوزير، وكان عليه عدم الإلحاح على إدخال طرف آخر للرد على الوزير ومجادلته، خلافًا للعرف بالنسبة لهذا النوع من المقابلات وهو المداخلة، كما أنه وضع نفسه في موضع الحكم على أداء الوزير بأسلوب ابتعد عن أسس الحوار التي تفترض في المذيع الحياد والإنصاف، وكان عليه قبول اعتذار الوزير والاستماع إلى رأي باقي الضيوف في تصريح الوزير عبر الهاتف.
وحول الأصل في تعامل الإعلامي مع هذه المواقف، رأى مرصد "أكيد" أنَّ الممارسة الفُضلى هي تجنُّب السقوط في فخ الانفعال والانسياق وراء التعاطف مع أطراف في القضية المطروحة للنقاش على حساب أطراف أخرى، أو اتخاذ مواقف هجوميّة، وأن يتعامل الإعلام مع الأطراف كافة بحياديّة وتوازن للحفاظ على الثقة بين المتلقّي والوسيلة الإعلامية، وتحقيق المصداقيّة في التغطية الصحفيّة.
ولم تمر الحلقة التلفزيونيّة مرور الكرام بعد ما حدث، بل أثارت جدلاً بين الأوساط الإعلامية، وجاءت موضوعًا لمواد إخباريّة حملت عناوين عديدة، خالفت المبادئ المهنية المعمول بها في عالم الصحافة. إذ حملت مادة جاءت بعنوان "الوزير وجيه عزايزة (أصاب) وعامر الرجوب (يردح) وصفقة الـ 10 مليون لن تمر يا تلفزيون المملكة" تحيُّزًا واضحًا لطرف على حساب آخر وأحكام وآراء تحمل وجهة نظر كاتبها، بالإضافة إلى اتهامات لقناة تلفزيونيّة بتحقيقها مصلحة خاصة "صفقة" نتيجة طرحها للموضوع دون الاستناد على حقائق صلبة وأرقام تؤكد صحة ما ورد في المادّة.
وذكّر "أكيد" بأنّ مهمّة الصحفيّ الأساسيّة هي نقل المعلومة بأمانة ودقة، بهدف نشر المعرفة، وتبنّي هموم المواطنين بحياديّة وموضوعيّة، بالإضافة إلى أنَّ الرقابة على أداء المسؤولين والمؤسّسات، هي أيضاً من وظائف الصحفي، بعيداً عن إطلاق الأحكام المسبقة أو الاتّهامات، التزامًا بالمعايير التي تحكم مصداقية التغطية الصحفية.