تعديل الحكومة أتى بوجوه جديدة، ليست هذه اول حكومة تعدل المواقع، وتأتي بجدد، وليس هذه المرة الأولى تلغي الحكومة وزارة في تعديل سابق، وتستحدث ذات الوازرة في التعديل الذي يليه، وهو ما حدث في موضوع الاستثمار.
لم يعرف الناس أسباب استقالة قادة رئيسي هيئة تشجيع الاستثمار د خالد الوزني في زمن حكومة د بشر الخصاونه، ولاحقاً الأخ فريدون حرتوقه، ثم صارت الهيئة بلا رئيس حتى عينت لها الأخت الفاضلة فداء الحمود.
ليس الحديث هنا عن أشخاص ولا عن حق لناس بتولي المناصب، لكن الحديث عن الغموض في أوليات الاستثمار، وفي حقيقة تشجيعه، وفي استحالة تحقيق فرق كبير وسريع وجذب للمستثمرين في ظل منافسة دول إقليمية لنا.
يتحدث السيد ميشيل الصابغ حين باركت له بتأسيس جامعة طبية في العقبة، عن نحو عامين من الانتظار لفرز أرض يملكها في العقبة لتحقيق شرط الترخيص للجامعة، ويتحدث آخرون عن استثمار فرنسي في وادي عربة انتظر نحو تسع اشهر لبدء الاستثمار وربما انه ما زال عالقاً، وتعاني سلطة العقبة تأخر كبير في موافقات الحكومة بعمان، ولا نعرف معنى ذلك وسببه.
قبل مدة اثيرت قضية مستثمر عربي، والقصص تطول عن شواهد الـتأخير في جلب الاستثمارات والإعاقات الوظيفية وعرقلة المشاريع وتأخرها.
بالنسبة للكثيرين وجود هيئة أو وزارة للاستثمار سيّان، فالعقليات التي تدير الملفات والتأخير فيها واحدة ومنتشرة في بقية المؤسسات والوزارات، هناك اعاقات بالجملة، وهناك قصص وفصول متعددة، وفي وقت نحن بحاجة فيه لتطوير القدرات والتركيز على نوعية الاستثمارات وفتح البلاد وتعافي الاقتصاد يحدث المزيد من الإعاقات.
أسئلة كثيرة عن ملف الطاقة في الاستثمار، وعن الضرائب والرسوم الكبيرة التي يدفعها أي مستثمر، وعن القيود على إيداع وسحب الأموال من البنوك بفعل تعليمات البنك المركزي.
يتحدث مستثمر عراقي عن طلب بنكه الذي يودع حساباته به توضيح سبب سحبه مائة دينار من حسابه، ويقول إنها لدفع فاتورة الكهرباء، ويتحدث عن أنهم يضطرون لوضع المال في البيت كي لا يتم تتبعهم عند أي عملية سحب، مع ان نشاطهم معلن ومعروف ومرخص في المنطقة الحرة منذ اكثر من خمسة عشر عاما.
في المقابل يتحدث مستثمر أردني كبير في قطاع النقل المنظم والتطبيقات عن عدم السماح لهم في توسعة مجال عملهم وتحديديهم بعدد محدد من الرخص للسيارات، مع انه يخدم في عمان والكرك بشكل كبير، ولا سبيل للتغيير.
قبل عامين جاء مستثمر لإنشاء مستشفى لعلاج السرطان، وتمويله كامل من دولة أوروبية، وفي النهاية بعد أن قابل عِلية القوم غادر وبدأ يعمل في بلد آخر.
قصص كثيرة يطول شرحها، عنونها الهروب إلى تركيا ومصر، والبعض يذهب لقبرص، وعنا مناطق حرة تُدر دخلا كبيراً، ولكنها مقيدة بالتعقيدات واغلال البيروقراطيات.
صحيح أن النظرة ليست كلها سلبية وان هناك اقبالا عربيا خليجيا على الاستثمار في الاردن، وثمة مستثمرون أردنيون صنعوا قصصا من النجاح، وثمة تعاف ونجاح في بعض المشاريع، لكن أيضا هناك تطويل وتأخير غير مبرر.
لو لم تكن هناك هيئة او وزارة للاستثمار لقلنا ان المعيقات مبررة، لكن مع وجود مؤسسات للاستثمار علينا ان نحدد طرق حقيقة لفكفكة جمهوريات الفساد الوظيفي والــتأخير والضعف الإداري والخوف ورعب مسؤولين، وفتح منافذ سريعة للمعاملات والمشاريع العالقة.
اليوم لدينا وزير استثمار جديد، لم يُجرب في العمل العام، إلّا برهة من الزمن، وقبل ذلك خبرته الكبيرة بنكية ومصرفية، فلنمنحه فرصه للإنجاز، لكن بدون انتظار؛ فالمعيقات مشخصة ومحددة ومعروفة ولا نريد مزيدا من التأخير وفوات الفرص.