يشهد ملف القدس هذه الفترة تداعيات سياسية عميقة جاءت من وقع القرار الامريكي باعادة فتح القنصلية الامريكية فى القدس الشرقية وهو القرار الذى تم التوافق عليه بين الوزير الامريكي بلينكن والوزير الاسرائيلي لابيد ليتم تنفيذه بعد اقرار الموازنة العامة للحكومة الاسرائيلية فى تشرين الثانى من الشهر القادم ولما يعنيه هذا القرار من مضمون على واقع صفقة القرن البائدة وما يرسله من رسائل ضمنية حول القدس الشرقية ومكانتها السيادة للدولة الفلسطينية وللوصاية الهاشمية فان ملف القدس اصبح يحمل صفة الاولوية فى المحافل الرئيسية السياسية والأمنية.
وهذا ما برز من خلال طلعات العلم الازرق الجوية فوق القدس والتى جاءت هذه المرة بمشاركة سبع دول عسكرية وهى الولايات المتحدة والبريطانية والهند والايطالية وفرنسا اليونان اضافة الى اسرائيل وبمشاركة المانية لاول مرة بعد بعد ما ادخلت المانيا بعهد جديد طي صفحة المستشارة مريكل وسياساتها التى كانت تشكل قطب التوازن فى شقي المعادلة البروتستنينية الداعمة فى واشنطن والثابتة فى برلين
اسرائيل التى تريد ان تحاكي الولايات المتحدة باستخدام عملية الاتصال العسكري العسكري (Military to military contacts) كاداة من ادوات سياستها الخارجية لدعم دبلوماسيتها وسياستها مع الحلفاء لاسيما ان هذه الادوات العسكرية اصبحت تلعب دورا هاما في العلاقات الدولية الجيوسياسة الاسرائيلية من جاءت اهمية اطلاق اسرائيل لهذه المناورات (بالدبلوماسية الجوية) لتحقيق اهدافه المختلفة وخاصة بيع الاجهزة والمعدات الحربية المختلفة لدول كثيرة في العالم منها دول العربية.
هذه الطلعات الجوية التى تريد اسرائيل تسييسها لتكون لصالح الحكومة الاسرائيلية فى اسرلة القدس ومحيطها جعلت من حالة الاوضاع الميدانية تتفاقم بصورة سريعة لكون هذه الطلعات الجوية جاءت فوق المالحة من (قرى بنى حسن ) المقدسية فى يوم المولد النبوى حيث قابلها الشاب الفلسطينيون باشتباكات ميدانية فى باب العامود مع جيش الاحتلال الإسرائيلي وقواته الامنية حيث ادت الى اعتقال العشرات من الشباب الفلسطيني كما تم جرح اخرين ،وتخللها ايضا طلب من اعضاء الكنيست العرب بعودة القنصلة الامريكية للقدس الشرقية الامر الذى جعل من درجة الاشتباكات الميدانية تكون اكثر سخونة وتنذر باشتداد المشهد العام وسخونة ويجعلنا ايضا بصورة متصلة ان نضع التهديدات التى حملتها صحيفة هارتس الاسرائيلية قبل ايام للاردن انها تهديدات عدائية مضمونها يقع فى سياق عدم التدخل الاردنى فى مجريات الامور فى القدس.
لكن الاردن الذى عود العالم على صحة موقفه فى ادارة ازمات المنطقة عبر مصداقية قوله وفعله فى حفظ حالة الامن والسلم فيها لن تثنيه هذه التهديدات المبطنة التى جاءت من نتنياهو وتياره المهزوم من ممارسة دورة التاريخي تجاة القدس والاماكن المقدسة فيها وهو الدور المؤيد بالشرعية القانونية وبالشرعية التاريخية والذى توافق حولة واجتمع عليه الجميع بل ان هذه الممارسات سيزيد الاردن اصرار على مواصلة مشواره من اجل ترسيخ عروبة القدس ومن اجل الدفاع عن هويتها ومكانتها كعاصمة للاديان السماوية لئلا يتم اختطافها من طرف يريد ان يفرض حلولا احادية على المنطقة ومجتمعاتها لكون هذه الحلول لن تحقق حالة طبيعية بين شعوب المنطقة على الرغم من مواصلة الدول العربية اقامة علاقات دبلوماسية مع اسرائيل .
فان الحلول الاحادية الخارجة عن القانون الدولى والاتفاقات البنية كانت قد رفضت شكلا ولن تكون مقبولة حتى للنظر موضوعا فان موضوع القدس الشرقية هو موضوع متوافق عليه ضمنيا وعلى الوصاية الهاشمية فيه من جميع الاطراف المتداخلة والراعية فيجب على الحكومة الاسرائيلية عدم تجاوز الخطوط العريضة المتوافق عليها ضمنيا وعدم الرضوخ لتيار التطرف المهزوم سياسيا الذى يقوده نتنياهو فالقدس كما قال جلالة الملك هى خط احمر ولا يجوز لاحد تجاوزه مهما كانت مبررات هذا التجاوز، فان تصدير ازمة الحكومة الاسرائيلية لا يتم بالدخول فى حيط القدس العربي الهاشمي الصلب .