زاد الاردن الاخباري -
أكد خبراء أوبئة وصحة أن التجمعات التي حدثت خلال الأسابيع الماضية كانت سببا مباشرا في ارتفاع معدلات الإصابات التي باتت تشكل قلقا ومخاوف من حدوث ذروة وبائية جديدة في حال استمرارها على هذا النحو.
وقالوا في تصريحات : إن الحكومة تتحمل مسؤولية هذه الارتفاعات، فضلا عن غياب العدالة في تطبيق القانون على الجميع بسوية واحدة، مؤكدين ضرورة وصول اللقاحات إلى جميع المواطنين، خاصة في المناطق النائية والأطراف التي تعد النسبة الأقل تطعيما حتى الآن.
وفي السياق، قال عضو لجنة الأوبئة الدكتور مهند النسور إن ارتفاع النسب الإيجابية لفحوصات كورونا “مقلقة”، مطالبا بالعمل للحد من هذا الارتفاع.
وأشار إلى أن الالتزام بالتباعد والكمامات لم يعد السبيل الوحيد للوقاية، بل ينبغي رفع نسب التطعيم وتعزيز الوصول إليها، وخاصة للفئات البعيدة عن العاصمة والمناطق النائية والأطراف.
وقال النسور إن هناك “أناسا ما زالوا مترددين بشأن اللقاح ويجب إقناعهم والوصول اليهم، والعمل في ميدان سكناهم”، مستحسنا فكرة التجربة الجديدة بإرسال فرق توعية وتطعيم إلى محافظة المفرق، التي لم يقتصر عملها على موظفي القطاعين العام والخاص، بل وصلت الى كبار السن والسيدات في المنازل، وشدد على تعزيز هذه التجربة وتمكينها وصولا الى باقي المحافظات.
من جانبه، قال عضو المركز الوطني لحقوق الإنسان الدكتور ابراهيم البدور إن ارتفاع النسب الإيجابية لأكثر من 5 بالمائة لم يحدث منذ أشهر، معربا عن قلقه رغم تحقيق مناعة مجتمعية وصلت إلى نحو 75 بالمائة.
وعزا البدور سبب الارتفاع إلى الاختلاط العالي وعدم التقيد بالبروتوكولات الصحية في مساحات ضيقة، مطالبا بضرورة منع التجمعات، وكسر حلقة العدوى، وفرض التقيد بالاشتراطات الصحية.
وأكد أن الحكومة هي التي تتحمل مسؤولية هذه الارتفاعات، حيث كان ينبغي لها أن تكون حامية للقانون، منتقدا ما وصفه “عدم توفر معايير العدالة في التعامل مع المواطنين فيما يتعلق بأوامر الدفاع المتصلة بالشأن الوبائي.
وطالب بتطبيق القانون على الجميع من دون استثناءات لتعزيز الثقة بالعمل الحكومي.
بدوره، قال استشاري الأمراض الصدرية والتنفسية والعناية الحثيثة الدكتور محمد حسن الطراونة إن استمرار ارتفاع النسب الإيجابية إلى أكثر من 5 % بشكل متواتر ولمدة لا تقل عن أسبوع، في ظل الانفتاح الكبير وعودة القطاعات والتعليم الوجاهي، وعدم الالتزام بالإجراءات الوقائية ولبس الكمامة والتباعد والتجمعات الكبيرة التي تحصل، وضعف الإقبال على التلقيح، كل ذلك ربما ينذر بدخول المملكة بانتكاسة وبائية جديدة.
وأشار الطراونة إلى “أننا نحتاج الآن الى زيادة وتيرة التلقيح، وضرورة توعية المواطنين لزيادة إقبالهم على اللقاح، ومتابعة الإجراءات الوقائية والكمامة والتباعد في مثل هذا التوقيت من السنة، الذي ترتفع فيه نسبة الإصابة بالفيروسات التنفسية، ما قد يزيد من احتمالية المضاعفات بالتزامن مع انتشار فيروس كورونا”.
ولفت الى ضرورة التأكد من جاهزية القطاع الطبي، باعتبارها مهمة ملحة، من خلال تحديث البروتوكولات العلاجية، وتدريب ودعم الكوادر الطبية من أجل تقديم خدمة مثلى للمرضى المدخلين إلى أقسام العزل والعناية الحثيثة للتقليل من أعداد الوفيات.
وكان عضو لجنة الأوبئة الدكتور بسام حجاوي قال في تصريحات صحفية أمس، إن نسبة الـ 5 % للفحوصات الإيجابية “لا تخيف الآن بالنظر إلى مؤشرات، منها توفر أسرة العناية الحثيثة وأجهزة الأوكسجين ومعدل الإشغال في المستشفيات، ونسب التطعيم اليومية والشهرية التي حققنا فيها أرقاما مقبولة”، لافتا الى أن الوضع الوبائي “جيد ولا يتطلب العودة إلى أي إغلاقات او إلغاء للتعليم الوجاهي ولا رجوعا للخلف”.
وأضاف حجاوي أن القلق يأتي من عدم الالتزام بالبروتوكول الصحي المعتمد، والشعور بحالة التراخي في تنفيذ الإجراءات الوقائية.
من جهته قال الخبير الوبائي الدكتور عبد الرحمن المعاني إن زيادة تدني مستوى الالتزام وعدم القدرة على خلق توازن في الإصابات ما بين ضبط ارتفاعها وبين الانفتاح، يستدعي إصدار قرارات دفاع جديدة لضبط إيقاع انتشار الفيروس.
وأضاف المعاني: “من الواضح أن عدد الحالات غير المكتشفة في ازدياد، ما يستدعي زيادة الفحوصات المخبرية وقراءة العينات، أو إعادة توجيهها إلى الفئات الأكثر استهدافا بالفيروس، كالمخالطين ومخالطي المخالطين واللاجئين والوافدين، حيث يكون الالتزام بالإرشادات الصحية في حده الأدنى لظروف اقتصادية بحتة”.
وتابع أن الإحصائيات العالمية تشير إلى أن 40 بالمائة من الحالات لا يتم الوصول إليها، وهذه النسبة ربما تكون مصدرا خصبا لزيادة الحالات أو لإحجام بعض الحالات عن العلاج في المستشفيات، والاعتماد على الشركات الخاصة التي لا يمكن ضمان جودة الخدمة الصحية فيها.
وبين أن معدل الانتشار وزيادة عدد الإصابات اليومية وارتفاع نسبة الفحوصات الإيجابية، إضافة إلى التغير في المؤشرات الوبائية وعلى سائر المستويات، تشير بوضوح إلى احتمالية حدوث موجة جديدة من الفيروس، وستكون مؤشرا سلبيا على القطاع الصحي، لأنها ستتميز بزيادة أعداد الإصابات ونوعيتها خصوصا من الفيروس المستجد.
وقال: “هنا يأتي دور المطاعيم وضرورة تشجيع المواطنين على الإقبال عليها، والعمل على ذلك بسائر السبل والطرق الممكنة حتى لا نعود إلى الخلف مسافات بعيدة”.
وقال إن المطلب الصحي والوبائي يحتم عدم الموافقة على إقامة أي نشاطات جماعية، سواء منها المهرجانات أو الحفلات الغنائية؛ أو الانتخابات مهما كان نوعها؛ أو أي فعالية تؤدي إلى تجمهر وازدحام المواطنين.
وتابع: “نطلب من الجهات المشرفة على ملف فيروس كورونا المستجد توخي النمط العلمي والحيطة والحذر في التوصيات، وعدم جر البلد إلى وضع لا تحمد عقباه”.
وكانت بيانات وزارة الصحة بشأن وباء كورونا قد أظهرت ارتفاع عدد الإصابات النشطة إلى 16 ألفا و229 حالة حتى يوم أمس الأربعاء، فيما بلغ عدد الإصابات المسجلة في المملكة منذ ظهور الوباء 844 ألفاً و801 حالة، ما يضع الأردن في المرتبة 42 عالميا بعدد الإصابات التراكمي.