لم تكن انتخابات نقابة الصحفيين عادية رغم حملها اسم اجتماع الهيئة العامة العادي، فقد حملت في تفاصيلها الكثير من المفارقات اضافة للعلامات الفارقة، فيما لم تغب الظواهر السلبية، الأمر الذي يمنحها شكلا مختلفا عن غيرها من الانتخابات السابقة بتاريخ نقابة الصحفيين واجتماعات الهيئة العامة لها.
ويمكن القول أن أهم ما حملته هذه الانتخابات التي جرت في الثاني والعشرين من تشرين الأول الحالي، أنها شكّلت بداية لماراثونات الانتخابات النقابية والتي ما تزال غالبيتها تقف على حافة أخذ القرار بإجراء انتخاباتها من عدمه، فكان ان بدأ الصحفيون هذا السباق بنجاح وتميّز وديمقراطية وروح منافسة ربما هي الأعلى وتيرة في انتخابات الصحفيين منذ سنين، لتكسر نقابة الصحفيين جلمود صخر «الانتخابات النقابية»، ففي استثنائية اجراء الانتخابات بزمن «كورونا» حدث انتخابي نقابي يسجّل للصحفيين ولمجلس النقابة الذي انهى مدته صباح يوم أمس الأول الجمعة.
ووسط هذه الأجواء الاستثنائية سجّل الصحفيون أمس الأول أعلى نسبة اقتراع منذ سنين في انتخاب مجلس نقابتهم، حيث قاربت نسبة الاقتراع (90%)، ليس هذا فحسب إنما كانت الفروقات بين أرقام الفائزين بمقاعد في مجلس النقابة من نقيب ونائب نقيب وأعضاء مجلس بسيطة جدا لم تتجاوز العشرة أرقام عند البعض أو أقل، مما يعكس حالة المنافسة غير المسبوقة التي سيطرت على أجواء الانتخابات في دورة المجلس الحالية.
ومن مفارقات انتخابات نقابة الصحفيين في دورتها الحالية والتي تحسب عليها وعلى الهيئة العامة وليس لها، خلو مجلس نقابة الصحفيين من وجود أي زميلة من الزميلات، في حين يسجّل للصحفيين تسجيل أول سيدة مرشحة لمركز النقيب بتاريخ نقابة الصحفيين، حيث سجّل بذلك الصحفيون سابقة بهذا المجال بأن تكسر المرأة حاجز احتكار الرجل لهذا المنصب، فكان أن سجلوا أول مشاركة للمرأة لخوض انتخابات مركز نقيب، لتبرز بعد ذلك مفارقة غياب المرأة بشكل كامل عن نقابة يفترض أنها تساهم بقيادة الرأي العام.
مشاركة أربع زميلات في خوض انتخابات نقابة الصحفيين، اضافة لمشاركة زميلة للمنافسة على مركز نقيب الصحفيين، وتجاوز عدد الزميلات بالهيئة العامة للصحفيين لأكثر من (320) زميلة، كل هذا لم يحقق للمرأة حضورا في مجلس النقابة ولو بوجود زميلة واحدة كحد أدنى كما جرت عليه العادة في مجالس النقابة السابقة، باستثناء المجلس المنتهية مدته والذي فازت بعضويته زميتلان.
لا يمكن تجاوز القول أن مجلس نقابة الصحفيين الجديد خال من «تاء التأنيث»، فهي مسألة سلبية جدا، سيما وان الزميلات كمرشحات لم يقفن مكتفات الأيدي، وخضن التجربة باقتدار، ليس هذا فحسب، إنما شكلن جميعهن حالة نسائية غنية ثقافيا ومهنيا ونقابيا، لكن عدم وصول أي منهن للمجلس مسألة يجب دراستها ومعرفة ما الذي منع هذا الحضور، ولا يمكن الاكتفاء بالقول «لا عزاء للصحفيات والاعلاميات»، رغم قناعتي التامة بأن حجم المنافسة في هذه الانتخابات لم يكن سهلا بالمطلق، وربما الأكثر قوة بتاريخ انتخابات «الصحفيين»، لكن هذا لا يبرر بأي شكل عدم وصول الزميلات لمجلس النقابة، ولو بحدّه الأدنى.
غياب «تاء التأنيث» عن «مجلس الصحفيين» رغم تسجيل انجاز بهذه الدورة لجهة حضور المرأة مرشح لمركز النقيب، يجب التوقف عنده، ودراسته من مجلس نقابة الصحفيين، وكذلك من أعضاء الهيئة العامة تحديدا من الزميلات، ذلك أنه من غير المقبول أن يخلو مجلس نقابة الصحفيين من عضوية الزميلات في فترة زمنية بات الأردن بها يتسيّد دولا كثيرة اقليمية ودولية بالاهتمام في المرأة وقضاياها، وحضورها ومنحها فرص الحضور والتمكين.
انتخابات حملت الكثير من الاختلاف، والمفارقات، منها ما هو ايجابي بشكل كبير، ولكن جاء غياب المرأة عن مجلس النقابة ليقلل من هذه الايجابية بشكل لا يمكن اغماض العين عنه، ربما تتحمل مسؤوليته الزميلات في الهيئة العامة، وقد تكون مسؤولية مشتركة يتحملها الزملاء مع الزميلات في الهيئة العامة، وربما الظروف بشكل عام أحدثت قصورا في احداث قناعة بانتخاب الزميلات، وغيرها من الأسباب التي تبقى في مساحة الفرضيات والتي يجب أن تدرس جيدا ويقف الجميع عند أسبابها لتجاوزها في الانتخابات المقبلة للصحفيين.