زاد الاردن الاخباري -
ان يخصص وزير الداخلية يوما للانفتاح على قطاعات المجتمع ، بحوارات مفتوحة على كل شيء، هي سابقة نوعية في سياق التشبيك مع الآخر حيال كل الهموم الوطنية ، وبادرة تعكس دورا تنمويا طالما تحدثنا عنه بأوراق عمل واستراتيجيات دفنت في ادراج ، ولم يكتب لها ان يتصدى احد لنفض غبارها، لكن ما يجري راهنا ويتولاه الوزير الحالي مازن الفراية يبدو أنه بادرة قد تؤسس لما هو اجدى من الركون للدور التقليدي السياسي ، للمنصب الوزاري ، والمرتهن أداؤه وقراراته التنفيذية لبروتوكول اجرائي، تتولاه الادارات الوسطى او العالية لكن مادون رتبة الوزير ، الذي يكاد عمليا ينحصر دوره بالتوقيع على قرار ، ربما دون اي إلمام بتفاصيله ودواعيه .
الميدانية في العمل لاشك أكثر ما يحتاجها الوطن راهنا ، والداخلية كوزارة تحديدا وان ارتبط بها الشأن الأمني واستقراره، الا انها حكما وواقعا مهامها متغلغلة في كل مفاصل حياتنا اليومية ، وهاجس الأمن وحفظه ، على ضرورته وضخامة الجهد الذي يبذل فيه، الا انه جزء من مهام كثيرة يمكن للوزير وتوجيهه لطواقمه ان تبرز ادوارا إيجابية ذات نفع في تكريس النهج التنموي، والاسهام بإيجابية فيه ، وإزالة اية عثرات تبرز أمامه، بل وحتى التنسيق مع مؤسسات الدولة الاخرى ونصحها في سياق تكاملية الجهد الذي ينعكس ايجابا على مجريات الحياة كافة داخل الوطن .
ان يجلس وزير الداخلية مع مستثمرين وتجار مدة ناهزت الثلاث ساعات ، أمضى جلها في تدوين ملاحظات، والاستماع لشكايات، بل والجزم باتخاذ قرارات إيجابية تجاه الطروحات والمطلبيات، هي الصورة التي تعكس الواقعية المطلوبة من الوزير التنفيذي ، صاحب القرار الاني المتفق مع القانون ، القرار الذي تحول البيروقراطية وتعقيداتها ، دون التيسير تجاه مصالح الناس ايا كانت قضاياهم ، اقتصادية او اجتماعية وحتى السياسية ..
جلسة الفراية أعادت للذهن أحياء فكرة لامركزية القرار ، والجرأة في اتخاذه ، وتعميم هذه الجرأة على ميدان الجهات المرتبطة بالوزارة ، من جهة ، وهي بذرة قد تكون نواة تحذو حذوها الوزارات والمؤسسات الاخرى ..
اللافت ان وزير الداخلية بدت عليه الجدية اليوم في معالجة الكثير من القضايا المتصلة بالاستثمار ، والضمانات التي تحول دون تنغيصه، والوعد بتبني الكثير من وجهات النظر المتصل شأنها بمؤسسات ووزارات ودوائر أخرى في سياق نقل وايضاح وجهة نظر الآخر ، بيتبسيط بعيد عن أي تعقيد، ولافت أيضا ان ذات الجدية ستنعكس على المحافظين في الميدان، الذين لانقول ستتسع دائرة صلاحياتهم لأنها بالأصل موجودة ، لكن المركزية وغياب الجرأة والتحوط من الخطأ كانت هاجسا يعيق قراراتهم تجاهها، ما ينعكس تاخيرا وتذمرا من المتضررين من هذه الهواجس ..
الوزير الفراية ، الذي خبرناه عنصر طمأنينة في الجائحة مبددا للقلق أثناء ذورتها، يبدو أن التفاتته للشؤون الاخرى المتصلة بقضايا مفصلية وطنية عبر وزارة الداخلية ، يبدو أن ميدانية العسكر ، ما تزال مستحوذة على أدائه، وهي الميدانية التي ثبت على مر العقود انها ما نحتاجه للتشبيك مع فئات المجتمع وقطاعاته كافة لاستعادة الحياة التي افتقدناها خلال السنتين الماضيتين بفعل كورونا ، وارهاصاتها ..