زاد الاردن الاخباري -
أثار قرار وزارة الداخلية بإجبارية تلقي المطعوم للوافدين واللاجئين الجدل بين مؤيد ومخالف، إذ لوحت الوزارة بإبعاد الوافد الذي لا يتلقى جرعتي المطعوم قبل الخامس عشر من شهر كانون الأول (ديسمبر) المقبل، فيما أكد قانونيون أن “الإبعاد” يخالف القوانين الدولية.
وقالت الوزارة في بيان صحفي السبت الماضي، إن هذا القرار “يأتي بهدف الحفاظ على الصحة والسلامة العامة ولغايات تحصينهم (الوافدين) ضد الإصابة بالعدوى وعدم نقلها للآخرين، خاصة وأنه يسمح بالحصول على المطعوم مجانا ودون اشتراط إبراز إذن الإقامة أو تصريح العمل”.
غير أن الخبير العمالي حمادة أبو نجمة، قال إن الأردن مصادق على العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الذي تحظر المادة 13 منه إبعاد الأجنبي المقيم إلا تنفيذا لقرار اتخذ وفقا للقانون، وبعد تمكينه من سبل الاعتراض على القرار.
وأضاف: “كذلك فإن المادة 7 من إعلان حقوق الإنسان للأفراد الذین لیسوا من مواطني البلد الذي یعیشون فیه نجدها تكرس نفس الحق، وكذلك الإعلان المرفق بقرار الجمعیة العامة 40/144 التي تنص على ما یلي: “لا یجوز طرد الأجنبي الموجود بصورة قانونیة في إقلیم دولة ما… ویسمح له إلا إذا اقتضت أسباب جبریة تتعلق بالأمن الوطني خلاف ذلك أن یتقدم بالأسباب المناهضة لطرده”.
وأضاف: “يجب أن تعطى للأجنبي جميع التسهيلات اللازمة لمتابعة إجراءات انتصافه من الطرد، ولا يمكن الخروج عن المبادئ التي تقضي بها المادة 13 والمتصلة بالطعن في الطرد والحق في إعادة النظر من قبل سلطة مختصة”.
وتابع: “وعليه فلا يمكن اللجوء إلى خيار الإبعاد إلا في حالات معينة (مثلا لأغراض الأمن القومي، أو المحافظة على النظام العام)، فالسلطة التقديرية للدولة في هذا الشأن ليست مطلقة وينـبغي موازنـتها بأوجه الحماية القائمة لحقوق الإنسان الأساسية، حيث يقتضي القانون الدولي العرفي من الدولة عدم إساءة استعمال حقوقها بأن تتصرف بطريقة تعسفية في اتخاذ قرارها بطرد شخص أجنبي، أو بأي إجراءات يشوبها التمييز في المعاملة بين الموطنين والأجانب، لدرجة أنه في كثير من الأحيان يجب على الدولة بيان أسباب الطرد أمام محكمة دولية عندما تتطلب الظروف ذلك”.
وأضاف: “من الممكن أن يتم الإبعاد أو ترحيل الأجانـب الذين دخلوا بصورة غير قانونية أو الذين أصبح وجودهم غير قانوني، وهو أمر يرتبط بإجراءات وتشريعات يجب أن تضعها الدولة لتنظيم عملية الدخول والإقامة في البلاد، وترتبط فقط بشروط تتعلق بالدخول القانوني والإقامة وليس غيرها، مع الحفاظ على حق الشخص في الطعن في الإجراءات بإجراءات قانونية عادلة، ويعني هذا أن القانون الوطني المتعلق بشروط الدخول والإقامة ينبغي أن يؤخذ في الاعتبار لدى تحديد نطاق هذه الحماية، وأن من دخل وأقام بصورة قانونية لا يجوز أن يتعرض لأي من هذه الإجراءات”.
وتابع: “يترك للسلطات المختصة في الدولة أن تعمل بحسن نية وفي نطاق ممارستها لصلاحياتها على تطبيق القانون المحلي وتفسيره، مراعية في ذلك الالتزامات التي ينص عليها العهد، ولا سيما مبدأ المساواة أمام القانون الذي أكدت عليه (المادة 26) من العهد”.
وقال أبو نجمة إن هذا ما تؤكد عليه أيضا الاتفاقية الدولـية لحمايـة حقـوق جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم، للعام 1990، في المادة 20 والمادة 22 منها، والتي لا تجيز طرد العمال المهاجرين وأفراد أسرهم عملا بقرار تتخذه السلطة المختصة وفقا للقانون، والتي أعطت الحق للشخص المعني، أن يتقدم بالأسباب المبررة لعدم طرده وأن تقوم السلطة المختصة بمراجعة قضيته وإنصافه.
وزاد: كما أن للدولة الحق في طرد أجنبي في حالة ما إذا كان مصابا بمرض من الأمراض الفتاكة، وبالطبع فإن عدم أخذ المطعوم الوقائي من أي مرض لا يبرر ممارسة هذه الصلاحية فيما إذا لم يكن الشخص مصابا فعلا بمرض خطير ومعد.
ولفت ابو نجمة إلى ان قرارات الإبعاد لعدم تلقي المطعوم ستكون مشوبة بالمغالاة في استخدام السلطة، خاصة أنها لا تستند إلى أسباب لها صلة بالأمن العام أو الآداب العامة، كما تمثل مخالفة للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الذي صادق عليه الأردن وأصبح ملزما بمبادئه، والذي يوجب عدم إبعاد الأجانب المقيمين إلا في حالات الضرورة القصوى ووفق إجراءات تضمن لهم الحماية والحصول على فرص اللجوء إلى القضاء، وكذلك الاتفاقية الدولـية لحمايـة حقـوق جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم، للعام 1990.
وتابع: “يفترض أن تتم معاملة جميع العمال بالسوية والإجراءات نفسها سواء كانت عمالة أردنية أو وافدة، وبما أن الهدف هو الحماية من الوباء، فإن الإجراءات المتخذة باشتراط تلقي المطعوم للعاملين أو إجراء الفحص كل 72 ساعة، هي إجراءات كافية”.
بدورهم أكد مختصون عماليون وقانونيون وصحيون أهمية تلقي المطاعيم، غير أنهم نصحوا الحكومة باتباع اجراءات أقل تشددا في اقناع هذه الفئات للحصول على المطاعيم، وعلى نحو لا يخالف المواثيق الدولية.
وفي الوقت ذاته، فإن تدني نسبة الوافدين والمقيمين على أرض المملكة الحاصلين على مطعوم كورونا، يثير مخاوف الجهات الرسمية، سيما وأن الوافدين الذين يعملون بالمياومة يكونون على تماس مباشر مع المواطنين ويتواجد معظمهم في محافظات ذات الكثافة السكانية الكبيرة، الأمر الذي يسهل سرعة انتشار العدوى.
من جانبه، رجح الأمين العام لشؤون الاوبئة في وزارة الصحة الدكتور عادل البلبيسي لـ “الغد” ان نلمس اعتبارا من الاسبوع المقبل تغييرات واضحة بعد تحذيرات وزارة الداخلية، لافتا الى ارتفاع لنسب التطعيم في مناطق الأطراف.
وقال البلبيسي: “انتهت الفرق من محافظتي المفرق واربد وتوجهت الى محافظتي عجلون وجرش، واعتبارا من الاسبوع المقبل ستكون في محافظات الجنوب”.
ورحب بانضمام مؤسسات المجتمع المدني والمؤسسات الدولية والوطنية الى جانب وزارة الصحة في عمليات التطعيم، مثمنا الجهود المبذولة في هذا السياق.
بدورها، تشجع المنظمات الأممية الوافدين واللاجئين على تلقي المطاعيم، حيث اشارت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين الى أنه “يحق لأي شخص على الأراضي الأردنية تلقي لقاح كورونا، وهو مجاني”.
وقالت المنظمة إن اللقاح اختياري، غير أنها تشجع على التسجيل لتلقيه، وبالأخص لفئة كبار السن أو ممن يعانون من أمراض مزمنة، مثل أمراض القلب والسكّري والسرطان وأمراض أجهزة التنفس وأمراض الدم.
وتابعت أن منظمات الأمم المتحدة تقوم بدعم جهود الحكومة الأردنية بإيصال المعلومات المفيدة والدقيقة للتأكد من أن الجميع على علم بحقه للحصول على اللقاح وكيفية حماية صحتهم.
واشارت الى ان جميع الأشخاص البالغين مؤهلون للحصول على اللقاح بغض النظر عن الجنسية أو الوضع القانوني (مواطن، مقيم، لاجئ) ومن يعانون من حساسيات حادة، والأطفال ما بين عمر 12 و18 عاماً أيضاً يمكنهم تلقي اللقاح، بمرافقة رب الأسرة (الأب أو الأم).
من جهتها، أشارت منظمة الصحة العالمية إلى أنه تم إقرار حق المهاجرين بالحصول على لقاح مضاد لفيروس كوفيد 19 في اوروبا، لكن الواقع يتناقض مع القرار في غالبية تلك البلدان، إذ يعد الحصول على جرعة لقاح للمهاجرين غير النظاميين أمرا صعب التطبيق.
وكانت “منظمة الصحة العالمية” أعلنت أن تفشّي مرض “كوفيد- 19” الناتج عن فيروس “كورونا” المستجد، الذي ظهر للمرة الأولى في كانون الأول (ديسمبر) 2019 في مدينة ووهان الصينية، بلغ مستوى الجائحة، أو الوباء العالمي، داعية الحكومات إلى اتخاذ خطوات عاجلة وأكثر صرامة لوقف انتشار الفيروس، ومعللة ذلك بمخاوف بشأن “المستويات المقلقة للانتشار وشدّته”.
ويكفل القانون الدولي لحقوق الإنسان لكل شخص الحق في أعلى مستوى من الصحة يمكن بلوغه، ويُلزِم الدول باتخاذ تدابير لمنع تهديد الصحة العامة، وتقديم الرعاية الطبية لمن يحتاجها.
ويقول الخبير القانوني المحامي مصطفى النظامي لـ “الغد” إنّ قانون حقوق الإنسان أيضا أقر بأنّ القيود التي تُفرَض على بعض الحقوق، في سياق التهديدات الخطيرة للصحة العامة وحالات الطوارئ العامة التي تهدّد حياة الأمة، يُمكِن تبريرها عندما يكون لها أساس قانوني، وتكون ضرورية للغاية، بناءً على أدلة علمية، ولا يكون تطبيقها تعسفيا ولا تمييزيا، ولفترة زمنية محددة، وتحترم كرامة الإنسان، وتكون قابلة للمراجعة ومتناسبة من أجل تحقيق الهدف المنشود.
وتابع النظامي: “من الواضح أنّ وباء كوفيد- 19، بمدى اتساعه وخطورته، يرقى إلى مستوى تهديد للصحة العامة، ويمكن أن يبرّر فرض قيود على بعض الحقوق، مثل تلك التي تنجم عن فرض الحجر الصحي أو العزل الذي يحدّ من حرية التنقل”.
من جانبه، قال عضو اللجنة الوطنية لمكافحة الأوبئة الدكتور مهند النسور إن دور منظمات المجتمع المدني مهم في تعزيز عملية التطعيم، لافتا إلى “أننا بدأنا نشهد حديثا وبشكل تدريجي رفع التوعية ومبادرات نشطة يتوجب تعزيزها ولكنها مقارنة مع دول الاقليم مجرد بدايات”.
وتابع النسور: “المطعوم أصبح ضرورة، ونسبة عالية من المواطنين واللاجئين والوافدين غير متلقية للمطاعيم، فيما الهدف رفع نسبته وحماية الناس”، لافتا الى أن السبب في عزوف الوافدين واللاجئين عن المطاعيم طالما أنهم غير مهددين أمنيا وقانونيا وماليا.
واشار الى ان هناك تحسنا ملحوظا في تطعيم مناطق الاطراف، معتبرا ان الفرق الجوالة والسيارات الميدانية وجهود ومبادرات التعزيز لها دور كبير، وداعيا إلى تغيير استراتيجية التطعيم والوصول إلى المناطق الطرفية والمخيمات والأرياف، فضلا عن إشراك المجتمع المدني بهذه الجهود.
محمود الطراونة - الغد