أوصت «اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية» بتخصيص 30% من مقاعد مجلس النواب القادم -المجلس الـ 20- للأحزاب والإتلافات الحزبية، بواقع 14 مقعدا من مجموع 138 مقعدا، علـى أن تصبح مقاعد الأحزاب والإتلافات الحزبية 50% في المجلس 21 و 65% في المجلس 22.
لقد تمت التوصية بمنح الأحزاب، التي لم تولد بعد، ولا نعرف كيف ستولد، وكيف سيكون شكلها، ثلث مقاعد مجلس الأمة الأردني تقريبا !
واضح لي، أن الشروط الواردة في توصيات اللجنة، لمشروع قانون الأحزاب السياسية، ستعتمد معظمها في مجلس الأمة، أو كلها، ولن يغيّر أي نقاش ماراثوني، صاخب أو رائق، من بنود هذه التوصيات إلا قليلا.
لا يمكن تأسيس حزب سياسي في سنة !!
من يعتقد أنّ سنةً، هي مدةٌ كافية لتأسيس حزب سياسي، «يدبّنا» في طنجرة «البريستو» ويقع في مظنّة السلق والحرق.
لا يمكن اختزال الشروط الموضوعية الضرورية الأساسية المعروفة، التي تحدد أكثر من 10 سنوات، لتأسيس أي حزب يتحقق له شيء من الإنسجام و»الهارموني» اللازم بين أعضائه، كي لا تتفجر سلاسل انشقاقات وانسحابات عاصفة، واتهامات ضارية، وتحشيدات جهوية وإقليمية، على أسس شخصية ومصلحية، خاصة عند إنتخاب قيادة الحزب، ثم عند تحديد قوائم أسماء من سترشحهم الأحزاب للانتخابات النيابية.
وفي خلفيتنا، أن الثقافة السياسية المجتمعية، تتوجس من الأحزاب، التي ظلت إلى فترة قريبة، تُلحِق بأعضائها، وبأصولهم وفروعهم و»خمستهم» وأنسبائهم، خسائرَ مادية ومعنوية، أدت إلى النفور من الأحزاب، وإلى ضعف الإقبال عليها، إلى حد كبير واضح ملموس.
ولم يسهم تشكيل وزارة للتنمية السياسية -وأنا الذي أسسها- في التخفيف من المخاوف وتبريدها.
جاء في «العقد الفريد» أن الناس سألوا عمرو بن العاص:
ما العقلُ؟
قال: «هو الإصابةُ بالظّن، ومعرفةُ ما سيكون، بما قد كان».
يشهد مجتمعنا حاليا موجة واسعة لإنشاء الأحزاب أو للاندماج بين الأحزاب القائمة، في هياكل ستكون كسفينة نوح، في محاولة لتلبية شروط مشروع قانون الأحزاب.
وطبيعي أنّ بعض من سيتصدون لمهمة التأسيس، هم من كانوا معادين بشدة للأحزاب قولا وفعلا.