زاد الاردن الاخباري -
تعدُّ تفجيرات فنادق عمان في ذكراها السنوية السادسة عشرة والتي تصادف يوم غد الثلاثاء، محطّة فارقةً في رحلة المملكة في الانتصار للحياة، في ظروف كانت الوحدة الوطنية وحدها طريق النجاة، الأمر الذي قادته كما دأبها، قيادة هاشمية لم تثنها الملمّات يوماً عن قيادة الدفة الى برِّ الأمان.
وما يزال الأردنيون يستذكرون ما كتبه سيد البلاد بالذكرى التاسعة لتفجيرات فنادق عمان على الصفحة الرسمية للديوان الملكي الهاشمي على "الفيسبوك” : "نترحم على شهداء تفجيرات عمان، فهذه الذكرى بقدر ما تثير فينا جميعا من مشاعر الألم والغضب، إلا أنها أيضا تضعنا أمام حقيقة التطرف والإرهاب الذي ما زلنا نحاربه دفاعا عن الإسلام والأبرياء، فبمرور كل يوم من تلك الحادثة الأليمة والأردن يزداد قوة ومنعة بجهود أبنائه المخلصين ووعيهم وانتمائهم وتلاحمهم ووحدتهم، وجهود نشامى قواتنا المسلحة والأجهزة الأمنية”.
الناطق الإعلامي السابق في مديرية الأمن العام العقيد المتقاعد الدكتور بشير الدعجة الذي عايش الحدث الأليم لحظة بلحظة، يصف ما حصل آنذاك، وقال إن مكان الانفجارات كان مطوقا بحواجز أمنية بعد حدوث التفجيرات، وكان المختبر الجنائي حاضرا في مسرح الجريمة لالتقاط الآثار الجرمية والأدلة والعينات، وجرى تشديد الإجراءات الأمنية حول المرافق والمنشآت الحيوية المهمة سواء أكانت مؤسسات عامة أو خاصة، مبينا أن عدد ضحايا التفجيرات وصل إلى 57 شهيدًا وما يزيد على 115 جريحًا.
وأضاف الدعجة وهو الخبير في المجال الأمني: "لقد كانت تجربة ليست بسهلة، حاولنا بما أوتينا من قوة التعامل مع هذا المصاب، وتزويد وسائل الإعلام المحلية والعربية والدولية بمجريات الأحداث، مبينا أهمية الإعلام الأمني في تحقيق الأمن المجتمعي والحفاظ على استقراره.”
وأشار إلى أنه بناء على تلك التفجيرات الإرهابية اتخذت مديرية الأمن العام استراتيجيات أمنية عدة، وقامت بمراجعة خططها الأمنية لحماية المنظومة المجتمعية ومقدرات الوطن من هذه الأعمال الإرهابية.
وقال أستاذ العلاقات الدولية والدراسات الاستراتيجية في جامعة الحسين بن طلال الدكتور عيسى الشلبي، إنه بالرغم من الفاجعة الأليمة التي أصابت قلوب الأردنيين، واستذكارهم لهذا اليوم بألم شديد، إلا أننا لا زلنا أقوى من أي عمل إرهابي يمس الأرض الأردنية، فالأردن من أوائل الدول بالعالم التي دعت إلى مكافحة التطرف والإرهاب واقتلاعه من جذوره.
وأشار إلى أن هذه الذكرى الأليمة أظهرت بكل تأكيد وإصرار أن الأردن بأبنائه المخلصين لترابه وللعرش الهاشمي أكثر منعة بمواجهة الإرهاب، وعززت الذاكرة الأردنية لرسالة عمان التي أطلقها جلالة الملك في التاسع من تشرين الثاني في عام 2004، دفاعا عن ديننا الإسلامي الحنيف وإبراز صورته الحقيقية والتي أكدت مبادئ التسامح والخطاب الاعتدالي، واحتوت دروسا انعكست على الأداء الأردني بشكل ايجابي عند التعاطي مع الإرهاب والتطرف.
وقال النائب السابق الدكتور هايل الدعجة، إنه لا شك بأن موضوع الحرب على الإرهاب يحتل الأولوية على الأجندات الملكية والسياسات الأردنية، على حدٍّ سواء، ذلك أن جلالته، أكّد في أكثر من مناسبة ضرورة التعاون والتنسيق ووضع استراتيجية تشاركية عالمية لمواجهة التهديدات والمخاطر الناجمة عن هذه الآفة الخطيرة من خلال منهج فكري مستنير يستند إلى قيم إنسانية نبيلة أساسها التسامح والتعايش والعدل والتراحم، والتعامل مع القضايا الأساسية المرتبطة بالتنمية والحكم الرشيد والشباب والتعليم ومحاربة الفقر والبطالة.
ولفت الى أهمية تأكيدات جلالته على ضرورة الاحترام المتبادل والتفاهم المشترك والشراكة الدولية من أجل تعزيز فرص تحقيق السلام والازدهار ومنح شعوب العالم خاصة الشباب، الثقة في العدالة الدولية والقانون الدولي والمؤسسات والاتفاقيات الدولية بوصفها الأدوات والهياكل والقواعد التي تضبط حركة المنظومة الدولية وتحافظ عليها من الانحراف عن جادة الصواب.
وبيّن الدعجة أن جلالة الملك طرح مبادرة انطوت على محاور وخطوات مهمة لتحقيق التعايش والازدهار في العالم، تمثلت بضرورة التركيز على تعظيم الجوامع والقيم المشتركة بين الأديان والمعتقدات من محبة وسلام وعدل وتراحم، وأن لا تترك وسائل الإعلام نهبا للفكر المتطرف وأصحاب الأجندات الظلامية من التنظيمات الإرهابية.
وأضاف أنه ترجمة للجهود الأردنية في محاربة الإرهاب، وتجسيدا لمفهوم العمل الاستخباراتي النوعي والحرفي، وتوظيفه في تتبع المعلومة الأمنية لتعزيز الأمن الوطني وتحصينه والتصدي لهذه الآفة الخطيرة، لا بُدَّ من الوعي بأهمية الدور الاستباقي للمخابرات العامة والأجهزة الأمنية بإحباط الكثير من المخططات الإرهابية للخلايا الإرهابية في مناطق مختلفة من المملكة، الأمر الذي دفع أطرافا دولية وإقليمية، وفي مقدمتها روسيا ودول التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة لمحاربة الإرهاب في المنطقة، إلى طلب التعاون والتنسيق مع الأردن للاستفادة من خبراته وتجاربه، والمعلومات والبيانات الأمنية والاستخباراتية التي يمتلكها، إذ يقف في طليعة الجهود الدولية في محاربة الإرهاب.
وفي ذات السياق، قال الخبير الأمني سامح المجالي إن ذكرى تفجيرات عمان تعيد في الأذهان أن كل مواطن هو بمثابة رجل أمن، غيور على وطنه، وعيناه يقظتان لأي خطر محدق لا سمح الله، كما ترسّخ الذكرى تنمية الثقافة الأمنية التي تهدف إلى إيجاد جيل يشارك الأجهزة الأمنية في منع الجريمة والوقاية منها، باعتبار أن الأمن هو مسؤولية الجميع من أفراد ومؤسسات، وليس على عاتق الأجهزة الأمنية فحسب.
وبين في هذا الصدد أهمية التربية الأمنية في حياة النشء والأجيال بتعليمهم المبادئ الأمنية وكيفية التعامل مع مجتمعه وخبراته، تحقيقا للتكيف والضبط الاجتماعي، موضحا أن هذا الوعي لا بد من تنميته لديهم، وتعزيز الحس الأمني بالتركيز على قوة الملاحظة، وربط الأحداث، ومعرفة الأمور الشاذة والملفتة للانتباه وتحليلها، والتبليغ عنها للجهات المسؤولة، منعا لوقوع أذى أو ضرر لا سمح الله.