زاد الاردن الاخباري -
قال الدكتور الياس سلامة استاذ علوم المياه في الجامعة الأردنية إنه لا يوجد حلول في الأردن للتصدي للتغيرات وشح المياه سوى تحلية المياه في العقبة وضخها للمواطنين.
وكان مركز طقس العرب الإقليمي قد أصدر تقريراً جامعاً لمراقبة الجفاف في الأردن و الواقع المطري السائد. و تضمن التقرير عِدّة محاور من ضمنها تحليل للأداء المطري حتى اللحظة، و مدى تكرار ظاهرة الانحباس المطري في بدايات المواسم المطرية، و معامل الارتباط ما بين أداء الموسم المطري في أشهر تشرين أول و تشرين ثاني و ما بين بقية الموسم المطري و حتى نهايتها.
الأداء المطري حتى اللحظة
يُعرّف الأداء المطري بأنه النسبة المئوية لكمية الأمطار التراكمية الهاطلة بالمقارنة مع كمية الامطار التراكمية المُفترض هطولها حتى تاريخ مُعين.
و تُظهر بيانات إدارة الأرصاد الجوية الأردنية بأن الأداء المطري للموسم المطري الحالي و حتى تاريخ 8/11/2021 يُعاني من نقص كبير في كميات الأمطار المُفترض أن تكون هاطلة لمثل هذا الوقت من العام في معظم مناطق المملكة.
وتُظهر تلك البيانات بأن بعض محافظات الأردن لم تتلقَ أية هطولات مطرية منذ بداية الموسم مثل البادية الجنوبية، و العقبة و معان ووادي موسى. كما و تظهر ذات البيانات بأن أفضل المناطق نسبياً في الأداء المطري كانتا الكرك و الطفيلة بواقع 85% مما يُفترض أن يهطل المطر في تلك المنطقتين.
وتُشير نتائج تحليل ذات البيانات بأن المناطق التي تتركز بها السدود في الأردن (شمال ووسط المملكة) تُعاني من ضُعف في الأداء المطري بالرغم من حدوثه في عِدّة مناطق، فمثلاً بلغ الأداء المطري في كل من إربد و جرش حول 30% بينما في عجلون 50% في حين انخفض الأداء المطري بشكل كبير في البلقاء و العاصمة و عموم المناطق الوسطى مُسجلاً قيماً مُتواضعة بلغت ما بين 2 و 15%.
الانحباس المطري الحالي …هل حدث من قبل؟
ومما لاشك به أن الأردن و عِدّة مناطق في بلاد الشام والجزيرة العربية تُعاني من انحباس مطري حتى اللحظة، إذ لم تتأثر المنطقة بأية حالات جوية رئيسية ساهمت في هطول أمطار "هامة" خلال الـ 45 يوم السابقة.
وحالات الانحباس المطري تتكرر في الأرشيف المناخي للمملكة، حيث يمتاز مناخ الأردن بالتذبذب الكبير للأمطار بين عام وآخر وذلك بسبب وقوعها بين مناخين؛ المناخ الصحراوي ومناخ البحر الأبيض المتوسط.
وتشير بيانات مناخية إحصائية صادرة عن إدارة الأرصاد الجوية الأردنية بأن المملكة عانت من ضُعف أو انحباس في الأمطار في بدايات الموسم المطري في حوالي 50 موسم مطري سابق من أصل 100 موسم مطري أي ما يُشكل نسبته 50% من عدد المواسم المطرية، و هذا يعكس مدى التذبذب الكبير في الأداء المطري في بدايات المواسم ما بين عام و آخر. و لا يعتقد المختصون بأن هناك علاقة وثيقة ما بين الانحباسات المطرية في بدايات الموسم المطري كالتي حاصلة الآن و ما بين ظاهرة التغير المناخي العالمية.
بيد أن من أكثر العوامل أهمية للأخذ بعين الاعتبار، هو أن الموسم المطري المُنصرم 2020/2021 كان غير جيد في الأداء المطري و انقطعت الأمطار الهامة مُبكراً في بدايات فصل الربيع و لم تكن الأمطار حاضرة بشكل هام في فصل الربيع الماضي، و هذا الأمر يزيد من أثر الجفاف و الانحباس المطري الحاصل الآن و قد تكرر في نهاية التسعينات بصورة مُقاربة.
أسباب الانحباس المطري الحالي
ويعود السبب الرئيسي للانحباس المطري الحالي في الأردن خلال هذه الفترة هو غياب الحالات الجوية بشقيها (المنخفضات الجوية أو حالات عدم الاستقرار الجوي) وخاصة حالات عدم الاستقرار الجوي التي تزداد عادة خلال شهري أكتوبر ونوفمبر، وذلك بسبب غياب الكتل الهوائية الباردة في طبقات الجو العليا، والتي تأتي من أوروبا باتجاه المنطقة، حيث أدى طريقة توزيع الأنظمة الجوية في نصف الكرة الشمالي إلى اندفاع هذه الكتل الهوائية الباردة باتجاه دول المغرب العربي ووسط البحر الأبيض المتوسط، والتي شهدت هطولا غزيرا للأمطار خلال هذه الفترة (أعلى من المعدل).
هذا الأمر أدى إلى عدم وصول الكتل الهوائية الباردة المسببة للمنخفضات الجوية وحالات عدم الاستقرار إلى منطقة بلاد الشام والجزيرة العربية، وحتى اللحظة لا توجد مؤشرات على تغيير مُرتقب على الأنظمة الجوية خلال ال10 أيام القادمة، بطريقة تسمح لعودة هطول الأمطار إلى المملكة (والله أعلم)، ولكن بحسب النشرة الجوية الشهرية الصادرة من مركز طقس العرب، هناك تغييرات متوقعة بعد منتصف الشهر الحالي - بمشيئة الله.
قوة الموسم المطري وعلاقته بالوضع الحالي
وعند دراسة بيانات البنك المناخي الأردني فإننا نجد (كما تم سرده سابقاً) بأن هناك تقريباً 50 موسم مطري من أصل 100 موسم بدأت الأمطار بهم مُتواضعة و عانت المملكة في تلك المواسم من بدايات ضعيفة للموسم.
ولكن المُثير للانتباه بأن من الـ 50 موسم ذات البدايات المتواضعة مطرياً، فإن ما نسبته 65% من هذه المواسم تحسن بها الأداء المطري إلى مستويات جعلها تنتهي إما حول أو أعلى من المُعدل المطري.
و عند النظر في آخر 44 سنة فإننا نجد أن النسبة قد اختلفت بعض الشيء، إذ أصبح الانحباس المطري أقل تكراراً، فمثلاً من أصل 44 موسم مطري شهدت المملكة منها 17 موسم ذو بدايات ضعيفة أي ما نسبته 39% بالمقارنة مع 50% في حال امتدت المقارنة لمئة عام سابقة.
و من الـ 17 موسم ذات البدايات الضعيفة، أيضاً اختلفت نسبة الارتباط مع نهايات تلك المواسم، حيث بلغت نسبة المواسم التي انتهت بأمطار حول إلى أعلى من المُعدل حوالي 53% بعد ما كانت هذه النسبة 65% في حال امتدت المقارنة لمئة عام سابقة.
وتبقى رحمة الله تعالى فوق كل شيء، ونسأل المولى عز وجل أن يرزقنا الغيث.ش