أحس أبو خليل بخدر خفيف في أطراف جسمه ، وبدأ ينظر لمن حوله ويعرك بعيونه وشعر بأنه فقد البصر شيء فشيء .. في يده كأس شاي بالنعناع ، قال لابنه خليل : يابا خذ كأس الشاي من أيدي ...وما أن أكمل الكلمة إلا وقد وقع على الأرض (بنص الديوان) مغمى عليه ... وصلت سيارة الإسعاف وحملوا أبو خليل فيها.. في الطريق تنفس اصطناعي وحبة تحت اللسان ، يعني على سوالف اللي حضر قال : الزلمة ما رح يطلع عليه الصبح ... وبعد الوصول للمستشفى والمعاينة تبين بأنه أصيب بجلطة حادة وبحاجة إلى عملية مستعجلة ... وبالفعل تم استدعاء الطبيب المختص والكادر الطبي ، وخرج أبو خليل بقسطرة وأربع شبكات وأدخل بالعناية الحثيثة ICU ... وبعد أسبوع خرج أبو خليل من المستشفى وما زال جسمه منهك ووضعه الصحي غير مستقر وبحاجة إلى الراحة كما أوصى الطبيب ... وما أن وصل أبو خليل البيت ،وجد المهنئين له من الجيران والأصحاب والأقارب قد تجمعوا لاستقباله ، وضلوا عنده من الظهر حتى غروب الشمس ، وفي المساء نفس الحضور (وزيادة طبشه) وعلى نفس السوالف ونفس الحديث..
أبو خليل عنده المضيف مد مغربي يعني كراسي وكنب ، وكل جماعة تيجي تطل عليه يضطر يقعد معهم بالمضيف مع إنه الدكتور نَبّه عليه يضل مرتاح وممتد بالفراش ، وعلى نفس الحكي يعيده لكل حدا بحضر من يوم ما وقع وبيده كأس الشاي ليوم ما طلع من المستشفى، وهذا الشيء أرهق أبو خليل وأتعبه عدا عن التدخين من الحضور عنده ، وكثير مستحي يحكي للناس أنه تعبان وبحاجة للنوم والراحة ...
المهم أبو خليل بعد يومين توفى وأعطاكُ عمره بعد أن ازداد الألم عنده وتعب... وكان الدفن بعد صلاة العصر ... وجاء نفس الأشخاص (اللي كانوا ملزقّيين عند أبو خليل فترة مرضه) إلى بيت العزاء ليقفوا بجانب أولاده في هذه المصيبة مع التحليل في سبب الوفاة ، منهم من قال بأن أبو خليل ما كان يرحم حاله بالأكل (تخبيص) ، ومنهم من قال بأنه كان ما يرتاح ويتعب حاله ، وآخر قال : السبب التدخين ( مع إنه أبو خليل قطع الدخان قبل عشر سنوات ) ... نسوا يوم كانوا يشربوا دخان عنده وهو عنده أزمة قلبية ، ونسوا لما كانوا يسهروا عنده لنص الليل وهو بأمس الحاجة للراحة والنوم ...
فنقول رفقاً بمرضانا من كثرة الزيارات وطولها خاصة عندما يكون المريض بحاجة للراحة ، ويكفي أن تسأل عنه وتبلغه سلامك مع أولاده وتدعو له بالشفاء ، وجميل أن يُخبر أهل المريض ويعلنوا بحالة مريضهم عن وقف الزيارات دون حرج من أحد ...