بقلم المهندس قصي محمد حرب - جولة قناة "رؤيا" الفضائية الأردنية ، في معرض إكسبو دبي 2020 قبل يومين ، والمقابلة مع عدد من المنظمين داخل الجناح الأردني للاطلاع على المعرض ، أظهر ضعف حقيقي في مفاهيم تحقيق المواطنة الحقيقي لدى بعض المنظمين حيث قدم جزء من المنظمون الذين قابلتهم قناة"رؤيا" معلومات مغلوطة حول الأردن ومدنه وتاريخه المشرف ، الأمر الذي أثار جدل واستياء الأردنيين الذي يحملون المواطنة الحقيقية ! .
إذا رجعنا إلى المفاهيم الحقيقية التي تتحقق بها المواطنة ، نجد أن المسؤولية المجتمعية إحدى تلك المفاهيم ، فالمشاركة المجتمعية تتمثل بالمشاركة الفاعلة في خدمة المجتمع وفي تمثيل الوطن والمجتمع في المحافل الدولية على أكمل وجه وبما يصب في صالح الوطن ، سواء أكان التمثيل رسمي أو فردي في تسويق الوطن ، المشاركون في مؤتمر إكسبو دبي 2020 والذين خانهم التعبير - إذا فرضنا حسن النية لأفكارهم وانتماؤهم – لم يمتلكوا بعد تلك المفاهيم ، وكأنهم لم يُدرسوا في مراحل حياتهم المدرسية والجامعية كتب التربية الوطنية والتاريخ ، وهذا يدعونا جميعاً وابتداءً من وزارة التربية والتعليم ، للوقوف على هذه الأزمة وجذورها ، فعلى القائمين على تأليف الكتب المدرسية ومتابعة تدريسها متابعة مُخرج أبناءنا وثقافتهم الوطنية ، وتتقاطع تلك المسؤولية الوطنية مع المجتمع والبيت الأردني في التنشئة الوطنية لتحقيق أحد اسمى مفاهيم الموطنة وهي معرفة تاريخ الوطن ومدنه وقراه وبواديه ونظام حكمه ومليكه وموقعه الجغرافي وتاريخ الشهداء والأبطال فيه ، وكذلك الأمر يجب على وزارة التعليم العالي والبحث العلمي ، أن تعيد النظر في أن مادة تاريخ الأردن و / أو ماشابه من تسمية في مساق مواد جامعتنا الوطنية ، هي ليست مادة تقديرها ناجح أو راسب فحسب ، بل يجب أن تكون إحدى المواد الإجبارية لطالب الجامعة لا بل والأصعب في طريق نجاحه وتخرجه ، لأنها تبني مستقبل أجيالٍ ووطن ، فلا خير في أجيال لا تعرف تاريخها وحاضرها ومستقبلها ، أينما حل الأردن وبتمثيلاته الدولية المختلفة ابتداء من تمثيل جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين وولي عهده الأمين سمو الأمير الحسين بن عبدالله في المحافل الدولية ، نجد أن الأردن حديث الرأي العام المحلي والدولي بكل فخر ومضرب للمثل ، بعمق ما يُقدم في التمثيل الخارجي ، لا كما حدث مؤخراً بسبب أشخاص لا يحملون الهم الوطني ولا التاريخ الوطني ولا الإرث .
الوطن وتاريخه وتراثه والإنتماء له والولاء لقيادته الهاشمية المظفرة وحاضره ومستقبله ،لا يكون بشعاراتٍ تُكتب ، وبشماغٍ يُرتدى ، وبعلمٍ يُرفع ولا تُحفظ دلالته ، ولا بصورةٍ لقيادته ترفع ولا نفهم رسائلهم لنا والتي تعول على الشعب للنهوض بالوطن فحسب ، الوطن والمواطنة والإنتماء الحقيقي يحتاج لمن يحمل عبارتي التي أتبناها ( لا تكن ممن يحمل الرقم الوطني ولا يحمل الهم الوطني ) الوطن بحاجة لمن يحفظ تاريخه وتراثه ومدنه وأبطاله ، الوطن يحتاج لمن يفكر بهموم الوطن وطموح قيادته وشعبه ويحملها كإرثٍ وهمٍ لتحقيقها وتحقيق المسؤولية المجتمعية ، الوطن يحتاج لمن يُقدر ويعي أن الأردن ولد في إقليم ملتهب وتطور وتقدم وتعزز في إقليم مُلتهب ، وبات على الدوام واحة أمنٍ وإستقرار برغم كل التحديات المحيطة التي مربها و بفضل حنكة القيادة وحكمة الشعب .
كان الاولى على وزارة الإستثمار وهيئة تنشيط قطاع السياحة ، والشركة الأردنية لتطوير المشاريع الإقتصادية والقائمين على التمثيل ، اختيار وتسمية ممثلين يحملون خصائص المواطن المنتمي الحقيقي المجتاز لمفاهيم وأسس تحقيق المواطنة الصالحة ، واختياراتهم والتبرير- الذي لا يقبل - إن دل على شيء ، فيدل على الفشل الذريع في إدارة الموارد البشرية وتقييمها وإزدواجية الإختيار بالتأكيد للمنظمين ، وفشل في التخطيط والتنظيم ، وهذا إجحاف بحق الوطن وتاريخه وإنجازات قيادته ، فلم تكن إنجازات جلالة الملك (الباني) الراحل الحسين بن طلال طيب الله ثراه ولا انجازات جلالة الملك (المعزز) عبدالله الثاني بن الحسين حفظه الله ورعاه ، فقط هي انجازات جلب إستثمار أجنبي للوطن فحسب ، أين ذهبت إنجازاتهم في السياسة الخارجية ؟ أين ذهبت إنجازاتهم في التعليم والصحة والأمن وتطوير البنية التحتية ؟ ، الثُلة التي مثلت الوطن هي ومن سماها للمشاركة يجب أن تُحاسب ، فهذا مساس بسمعة الوطن وهيبته ونيل من انجازات قياداته المتعاقبة من الهاشميين الكرام ، ابتداء من الشريف الحسين قائد الثورة العربية الكبرى ، وصولاً لجلالة الملك عبدالله الثاني وولي عهده الأمين وانجازاتهم المستمرة والغير منقطعة النظير .
يا حبذا لو استثمرنا هذه الهفوة والخطأ بحكمة وأعدنا النظر في العديد من الأمور المتعلقة بالتمثيل الخارجي للوطن وبإصلاح جزء من منظومة التعليم ، فعلى سبيل المثال والذكر لا الحصر ( التقييم السنوي لأداء سفراءنا وبعثاتنا الدبلوماسية في الخارج ، ودورها في تسويق الوطن بشتى مجالاته ) ، وهذا التمني الغيور على الوطن هي رسالتي للحكومات في اختيار من يحمل الوطنية الصادقة للتمثيل ، دام وطني الأردن عزيزاً شامخاً منيعاً ، ودامت قيادتي الهاشمية مدرستنا الأولى في أخذ أسس التمثيل الدولي السليم .