لا أظن أحدا ممن تعامل مع جلالة المغفور له الحسين بن طلال يمكن ان يقع في كمين النسيان لأيّ من ملامحه رحمه الله وطريقة تعامله مع الآخر، ففي ملامحه رحمه الله كلّ معاني الانسانية وعظمة الملوك، فهو الأب والأخ والسند لكل مواطنة ومواطن.
التقيت المغفور له مرات قليلة بحكم عملي في الصحافة وأثناء تشرّفي بتغطية اخبارية لمناسبات برعاية ملكية سامية من جلالته، ولا يمكن للحظة أن انسى طلة المغفور له البهيّة وهيبتها، وبالوقت ذاته الشعور بأنني أقف أمام شخصية متواضعة، يتحدث مع الجميع ويتبادل اطراف الحديث مع الصحفيين الذين كان رحمه الله يعرفهم بالاسم وباسم مؤسساتهم، لنشعر عمليا أننا أفراد في أسرة واحدة.
في احدى المناسبات حيث كنت لا ازال حديثة التعيين في صحيفة «الدستور» نقف بانتظار ضيف جلالة الملك من احدى الدول العربية، وكان رحمه الله يقف معنا ويلقي التحية على الجميع، واقترب مني حيث بدأت ضربات قلبي تتسارع ولم أصدق ان جلالته قادم صوبي، لكنه جاء ووقف بجانبي وسألني بصوت انساني أقسم انني ما زلت اسمعه حتى الآن (جديدة بالصحافة؟ جديدة معنا هون) عن اي ملك نتحدث، وعن اي انسان وعن اي اب واخ وسند، التقط حضوري الذي كان غير متوازن في واقع الحال لهيبة الموقف، ولصعوبة المهمة الصحفية التي أقوم بها، التقط ملامحي المرتبكة الباحثة عن سند يمنحها دعما معنويا ومهنيا، ويعيد لذاتي توازنها، فكان ان منحني طاقة ايجابية مهنية يصعب وصف عظمتها، لتمتد على طول مسيرتي المهنية.
الملك الحسين بن طلال رحمه الله، يصعب نسيان شخصيته، وابتسامته وطلته، وصوته الذي لرناته ألق المعنى والحضور والعطاء الملكي الانساني، مواقف راسخة في ذاكرتنا لن يمحوها مرور السنين ولا الزمن، هي أحداث وتفاصيل تحيا فينا كما نحيا بها.
اليوم، نرى انسانية وهيبة وعظمة شخصية المغفور له الحسين بن طلال.. اليوم وكلّ يوم في جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين، الفارس الهاشمي الذي يسير مع الوطن والمواطن أخا وأبا وسندا يكمّل المسيرة المؤسسة على بنيان بني هاشم الذي لم يعرف يوما سوى التميّز في العطاء والحكمة وعظمة المواقف.
يا ابا الحسين نعيش اليوم اسرتك الأردنية الواحدة خلفك، نعيش وجع الفراق، ونمضي معك سيدي لتستمر المسيرة.