ونحن نراقب الأمطار خلال الساعات الماضية، بكل شوق لها وانتظار ودعاء لله تعالى بأن تكون سقيا رحمة، نضع أمام أعيننا جميعا حاجتنا لهذه النعمة، حيث بتنا نعيش وضعا مائيا غاية في الصعوبة والقلق، فلم تعدّ الأمطار تأخذنا حيث عشق الحالة فقط إنما هي من النعم التي ندعو الله أن يكرمنا بها لإنقاذ واقعنا المائي والمعيشي.
أزمة المياة ومهما تم بحثها ودراسة أبعادها ونتائجها، تتطلب الوعي الكامل من المواطن كما المسؤول فنحن جميعا نعلم جيدا أن الأردن من أفقر دول العالم مائيا، ورغم هذا ما زلنا نرى سلوكيات خاطئة في سبل التعامل مع المياه، لجهة الهدر بطرق غاية في السلبية، ودون أدنى شعور بالمسؤولية، إذ ما نزال نعاني من مشكلة الوعي الذي يجب أن يوازي المعرفة في هذه الأزمة، وخطورتها.
في أرقام صدرت عن مرجعيات مائية في المملكة تحدثت أن العجز المائي في العاصمة عمان يصل لـ (20) مليون متر مكعب، وأن مناطق في العاصمة تأتيهم المياه كل اسبوعين لمدة (12) ساعة فقط، الأمر الذي يؤكد أن المملكة تعيش واقعا مائيا ليس مريحا إن لم يكن متأزما، أيضا في ظل عدم حصول الأردن على حقوقه المائية خارجيا، ومن دول مختلفة، لتزداد طينة هذا الواقع بلّة في أزمات متتالية، تجعل من واقع الحال المائي غاية في الصعوبة وربما الخطورة.
في هطور الأمطار نعمة نحتاجها، على كافة الجهات الرسمية ذات العلاقة أن تستثمر ذلك لصالح ازمتنا المائية، كما أن المواطن يمكنه الاستفادة من هذا الموسم جعله الله موسم خير، من خلال عدة أساليب أبرزها تخزين هذه المياه بوسائل مختلفة، والاستفادة منها في الزراعة وفي الكثير من الجوانب التي تحتاج مياها ويصعب توفيرها في الظروف العادية، ففي الإستفادة من الامطار وسائل متعددة وأساليب مختلفة، والأهم الوصول لصيف آمن مائيا لا نجد به أنفسنا أمام أزمة يصعب حلها.
الحكومة في كل مرة تتحدث بها عن ملف المياه، تؤكد اننا نعيش أزمة مائية، يجب التنبه لها، كما أنها لا تغفل الحديث عن حلول لهذه الأزمة، لكنها تبقى حلولا تحتاج مزيدا من الجهود والتشاركية والتعاون لتأتي أكلها، وربما أسوأ هذه الحلول الإستعانة بالآخر والاتكال على موارد خارجية، كون هذا الجانب لا يمكن الإتكال عليه، والثقة بأنه سيقود لنتائج مرضية وعملية تخرجنا من هذه الأزمة التي للأسف تزداد تعمّقا مع مرور الأعوام.
أزمة المياه ليست كغيرها من الأزمات كونها تتعلق بجوهر استمرارية الحياة، فهي حياة ومنها الحياة، الأمر الذي يجعل مسؤولية حماية المملكة من تبعات هذه الازمة مسؤولية جماعية من قبل الجميع، واستثمار الموسم المطري بايجابية أيضا مسؤولية جماعية رسميا وشعبيا، ولذلك وسائل متعددة، وعلينا جميعا أن نسعى لعدم تفاقم هذه الأزمة، سيما وأن غالبية الدراسات المعدّة بهذا الشأن للأسف تعطي صورة متشائمة لقادم الأيام لهذه الأزمة، وتظهر أن نصيب الفرد من المياه في الأردن يمكن أن لا يبقى على حاله، وبطبيعة الحال يمكن اعتبار مشاريع تحلية المياه انها تلبي الاحتياجات المستقبلية المتزايدة على المياه، سيما ونحن نتحدث عن زيادة بعدد السكان وليس العكس، ناهيك عن ما تحمله الأردن من أعباء بهذا الجانب نتيجة لإستقبال اللاجئين حيث كان لهذا القطاع اضرار كبيرة.
واقع المياه بصورته العامة تعدّ تحدّيا كبيرا أمام صانع القرار وحتى المواطنين، وهي مشكلة تنتظر زيادة وليس العكس، وسيكون لها آثار على قطاعات متعددة وعلى التنمية وحصة الفرد من المياه، وغير ذلك من انعكاسات سلبية وخطيرة، الأمر الذي يحتاج حلولا سريعة تبعدنا في حلولنا عن الآخر وكذلك المشاريع الكبيرة التي تحتاج وقتا للتطبيق، من خلال ادارة المواطن بشكل منظم للتعامل مع المياه، واطلاق برامج توعية للحفاظ على المياه وتنسيق الموارد المائية بشكل تكون به الأولوية لمياه الشرب، وحث المواطنين على الاستفادة من مياه الأمطار.