«في هجاءِ «الحُطيئة» الذي هجا نَفْسَه!»
لم يَزَل مَنْ ذَبحتُهم، أَحياءَا
فابْكِ، إنْ كنت تستطيعُ البكاءَا
خَرجوا من ظَلامِهِم، ليُعيدوكَ
إِليْهِ.. ويَسْتعيدوا الضّياءَا
كُلُّ ما شَيَّدتْ يداكِ على الرّيح
تلاشى.. وطَيَّرْتهُ هباءا
الينابيعُ -حين كانت ينابيعَ-
صَدَدْتُمْ عن مائِها الفقراءَا
وَسَرقْتُمْ منها «حواكير»، تكفي
ليعيشوا بِنَزْرِها شُرفاءَا
وجعلتُم منها «مزارعَ مَوْزٍ»
كي يزيدَ الثَّراءُ فيكم ثَراءَا؟
ما الذي كان ناقصاً، وملايينُ
الملايين.. تَسْتَفِزُّ السَّماءا؟!
هل تُريدون «كُلَّ شيءْ»؟! تُرى هل
ظلَّ إلاّ أَنْ تَسْتَعيروا الشَّقاءا؟!
فَخُذوهُ.. لعلَّ فيه دواءً
شافياً.. أو لعلَّ فيه الهناءا!!
زائِفاً كُنتَ.. مُرْعباً.. ومريراً
وجَعَلْتَ «الوباءَ» يَتْلو «الوباءَا»!
تَستحقُّ الهجاءَ، لكنّ شِعري
يَسْتَحي أنْ يقولَ فيكَ هجاءَا!!
* «الحُطَيئة» شاعر مخضرم اسُمه جَرْوَل بنُ أوس بنُ مالك.. كان يَهْجو «مارِقُ الطّريق» دون أيّ سبب.. وحين لم يجد أَحداً يهجوه، قَرَّر أن يهجو نَفْسه..
والمُخضرم هو من أدرك «الجاهليّة» والإسلام.. ويقال إنّه وُلِدَ من أَمَةٍ اسمُها «الضَرّاء».. كانت تعيش ويعيش معها في قبيلة «بني عبس» التي ينتسب إليها «عنترة» ما غيره!!