بقلم: الدكتور احمد الحايك - لا شك بأن مجلس النواب عبارة عن مؤسسة ممثلة للشعب بكافة شرائحه من منظور الانظمة الديمقراطية في شتى انحاء العالم، وظيفته مراقبة عمل الحكومة وسن التشريعات والقوانين التي تنعكس ايجابا على حياة المواطن، والمتوازية مع الدستور، والمحافظة على هيبة الوطن والمواطن على حد سواء. فالكثير من الأردنيين لا يثقون بنوابهم ولا يؤمنون ان اعضاء مجلس النواب يمثلونهم، ولا يظنون ان النواب قادرون على حل مشاكلهم المتفاقمة وتوفير حياة كريمة لهم، فالبطالة جاثمة على صدورهم، ولا يخلو بيت اردني من عاطل عن العمل، والفقر المفقع يلازمهم في فراشهم، ناهيك بان نسبة التشريعات والقوانين التي سنها النواب والتي جاءت لصالح الشعب الأردني متدنية، ولا ننسى بأن نتائج انتخابات 2020 والتي تمخض عنها مجلس النواب التاسع عشر الحالي، هي الأقل تمثيلا للشعب الأردني، فالمشاركة في التصويت لم تزد نسبتها على 29% على مستوى الوطن وفي بعض الدوائر لم تصل الى 12%، والمال الأسود كان حاضرا في بعض الدوائر، لذا ينبغي على النواب وضع اطار عام ينسجم مع تطلعات وتوقعات المواطنين من ممثليهم في مجلس النواب من خلال اعطائهم تطمينات، تنسجم مع حلمهم المنشود وابتغائهم اللامحدود في حل قضاياهم والتعاطي مع مشاكلهم وضمانة حقوقهم الدستورية، خصوصا وانهم يرون فيهم، أي النواب بأنهم الأقرب من اصحاب القرار، فالمواطن الأردني يريد أن يستشعر إنهم صوته ومرآته الشفافة، يريد مجلس نواب قادر على فهم قرارات الحكومة اكثر من أي وقت مضى، ولا يريد نوابا متباعدين ومتناحرين، يلهفون خلف مصالحهم الذاتية على حساب المواطن والوطن، فالوطن يحتاج منا أن نقترب منه اكثر ولا يحتمل البعد عنه ونحن نعيش في منطقة ملتهبة ومتقلبة سياسيا وأمنيا، وظروفا اقتصادية واجتماعية صعبة للغاية.. نريد نائبا ذو شخصية قوية قادر على مراقبة حقيقية وشفافة للحكومة، نريد من النواب أن يمارسوا ادوارهم ومسؤولياتهم الدستورية بفاعلية، نريد نوابا يمارسون ادوارهم السياسية بفاعلية من حيث الرقابة والمساءلة والاستجواب والتشريع وبكل شفافية ونزاهة، لا نريد نوابا يتعاركوا ويتجادلوا ويتصارخوا ويشتمون بعضهم داخل اروقة المجلس، ولا نريد نوابا متسلطين ودكتاتوريين تحت قبة البرلمان بل نريد نوابا يعملون بروح الفريق الواحد، واضعين نصب اعينهم مصلحة الوطن، وهمهم الأول الوطن ، ولا شيء غير الوطن، تاركين مصالحهم خلف ظهورهم، نريد نوابا قادرين على التعامل مع قضايا الوطن بجرأة واقتدار. لا نريد نائبا خطابه اعلاميا بل نريد نائبا خطابه يحاكي ويلامس قضايا وهموم وطنه وأمته. لا نريد نوابا متشنجين (يقولون شكل ونرى فعلهم شكل ثاني)، فالصراخ داخل المجلس لا يعني المواطن بشيء، وأصبح المواطن يدرك تماما بأن صراخات بعض النواب داخل المجلس والمشي عكس السير، ما هي إلا لتشكيل مواقف أمام منتخبيهم ودوائرهم ولجذب الاعلام نحوهم، فالناس ملت وضرست من تلك المواقف ولا تريد سوى نائب وطن قادر على متابعة همومهم وقضاياهم الملحة، وتوفير الحد الأدنى من سبل العيش الكريم لهم، فالمواطن لا يريد جعجعة بقدر ما يريد طحينا، فالوطن والمواطن ما زالا ينتظران الكثير من النواب وعليهم اعادة قراءة جدوى وجودهم تحت قبة البرلمان، وعلى النائب أن يدرك بأن هذا المقعد هو تكليف وليس تشريف، وأن وجوده في هذا المكان وتحت قبة البرلمان لا للراحة والوجاهة والاستجمام ، بل لتفاني في العمل والاقتراب من هموم المواطن والوطن. وفي مقدمتهما الفقر والبطالة والفساد والمحسوبية وغلاء الأسعار.