من الصعب العودة الى قرارات الحظر الجزئي والاغلاقات .
وتيرة ارتفاع اصابات كورونا اليومية، والحديث المتصاعد في الاعلام عن كورونا المستجد الجنوب افريقي ، وما يلاحق ذلك من سؤال عن مغادرة الاردن للقائمة الخضراء، والانتقال الى القائمة الحمراء .
الاردن قاوم،حافظ على بقائه في القائمة الخضراء .. والخضراء تعني في لغة كورونا ا?ن المو?شر الوبائي مطمئن صحيا، وتضم القائمة الخضراء دولا عربية واجنبية .. وتتبادل الدول التعامل بالمثل في اجراءات وبروتوكولات كورونا سواء الفحص المخبري والحجر والسماح بالدخول للارضيها، وغير ذلك .
في الشهور الماضية ثبات وجود الاردن في القائمة الخضراء حقق لمستوى معين نوعا من التعافي الاقتصادي والاجتماعي من توابع كورونا .. وفتح المطارات والحدود اسهم في تدفق الاف من السواح، واستفاد الاردن من» سياحة العبور «، والاخيرة شملت حركة حوالي نصف مليون وافد مصري
واسيوي يعلمون في السعودية العربية ودول الخليج قضوا في الاردن 14 يوما قبل دخولهم الى تلك البلدان.
الارقام اليومية المرتفعة لمصابي كورونا قد يلحقها قرار حتمي بوضع الاردن على القائمة الحمراء .. ولربما ان صناع القرار السياسي والصحي لا ينتبهون لهذا المنحنى الخطر على الاردن في اندلاقهم اليومي في الاعلان عن اعداد الاصابات .
القائمة الحمراء .. تعني اغلاق المطار واغلاق المعابر الحدودية .. ومنع سفر الى الاردن، ونعود الى مربع الوباء الاول، وحالة العزلة والانقطاع عن العالم، والاغلاقات الكلية والجزئية .
بعد تجربة المرحلة الاولى من ازمة كورونا، فلا اظن ان احدا من مصلحته العودة الى خيار الحظر والاغلاق ورجوع الاردن الى القائمة الحمراء .
و لا ادرى لماذا لا يستفيد صناع القرار من دروس كورونا، ويتعلمون ان الحظر والاغلاق خيار قاس ومستبعد، وقد اوصل البلد الى الهلاك والموت الاقتصادي والمعيشي .
في اوروبا ودول الغرب مهما افرطوا في سياسات كورونا، واغلقوا المطارات والحدود واتخذروا قرارات رديكالية ومتطرفة صحيا، فلديهم سياسات اقتصادية واجتماعية تحمي الفرد والمجتمع والاقتصاد ، وثمة حماية اجتماعية لا تنتج فقراء وعاطلين عن العمل جدد .
في ادارة الاردن لازمة كورونا، تشعر ان هناك انجرارا وراء الراي العام العالمي الصحي ، وما تطرحه المؤسسات الصحية الكلاسيكية، وانجرار وراء تطبيق السياسات الصحية لدول الغرب .
و ما يدفعني هنا نصحية صناع القرار بالتروي .. والتفكير في ازمة كورونا من ابعادها الاردنية البحتة .. وقراءة الارقام المتطرفة التي خلفتها كورونا اردنيا بعيدا عن السؤال الوبائي .. ارقام البطالة والفقر والعاطلين عن العمل والمتعثرين، وقضايا المحاكم والمالكين والمستاجرين، والانهيار العام الذي يخدش الاقتصاد الاردني .
وغدا .. اذا ما توالت اخبار كورونا .. والاعتراف الحكومي اليومي باعداد الاصابات .. فحتما الاردن سوف ينتقل الى القائمة الحمراء .. وسوف يتم الانتقال دون استئذان من الاردن، ونتفاجا في الاعلام من خبر صادر عن منظمة الصحة العالمية يبشر بان الاردن قد ادرج على القائمة الحمراء .
ومن بعد ذلك .. فماذا يمكن ان نقول للعالم .. اعطفوا علينا وتحملونا قليلا، وابعثوا لنا لقاحات مجانية، ونعود الى نغمة التباهي في ادارة ملف الحظر والاغلاقات،و تعود الحياة الى جمودها وتعاستها وخيبتها .
مسا?لة كورونا والموجة الجديدة من الفايروس يبدو انها محسومة صحيا .. توفير مطعوم ثالث .. والتوسع في حملات التطعيم، واقرار اجراءات شبه الزامية للتطعيم، وربطه في الحركة والنقل والعمل، وغير ذلك.
الوجبة الاولى من اللقاحات حصدت اقبالا واسعا، وفيما تدني عدد متلقي الجرعة الثانية .. ولربما ان ثمة عدم ثقة شعبية من سياسة الصحة العامة .. وان تشجيع وتحريض الحكومة على التطعيم يلقى فتورا وعدم استجابة شعبية .
و تذكرني حملة تطعيم كورونا والاقبال الشعبي الضعيف والمتدني و» الباهت والفاتر « بالانتخابات النيابية والبلدية والحرد والمقاطعة الشعبية للمشاركة في الانتخابات، وعدم الثقة بصناديق الاقتراع .
فكرة تكرار ادارة ازمة كورونا والانجرار نحو خيار الاغلاق، وانتقال الاردن الى القائمة الحمراء، لربما هي الطامة و المصيبة الكبرى، وهذا ما وجب التحذير منه في ادارة ملف كورونا ..