زاد الاردن الاخباري -
فتحت النيابة في مصر تحقيقا في قضية تسريب ارشيف الاهرام أعرق صحف البلاد الى "المكتبة الوطنية الاسرائيلية"، في اطار صفقة سرية أثارت موجة غضب بين الصحافيين والكتاب المصريين، ولا يزال الغموض يكتنف تفاصيلها.
وقالت صحيفة "الشرق الاوسط" اللندنية الخميس، ان موظفين من صحيفة الاهرام احيلا الى النيابة للتحقيق معهما للاشتباه بتورطهما بتسريب أرشيف الصحيفة.
وذكرت ان مؤسسة الاهرام والهيئة الوطنية للصحافة لم تعلنا القرار بشكل رسمي، لكن مصدرا في مجلس ادارة الصحيفة اكد صحة هذه المعلومات، موضحا ان التحقيقات "اسفرت عن فصل موظف واحالته للتحقيق باعتباه المتهم الرئيسي بالقضية، واحالة موظف اخر متقاعد للتحقيق بسبب تقاعسة بحق الاهرام " لافتا الى ان الموضوع الان بين يدي النيابة.
ومن جانبه، كان عضو مجلس نقابة الصحافيين المصريين محمود كامل كشف الاربعاء، عن صدور قرار بإحالة هذين الموظفين إلى التحقيق في القضية التي "أدت إلى بيع ارشيف الاهرام ووصوله بطريقة غير مباشرة إلى الكيان الصهيوني".
واوضح كامل ان الموظفين هما "حاتم هزاع الموظف بالاهرام، وعمر محمود سامي الذي شغل منصب القائم بأعمال رئيس مجلس الإدارة عام 2014"، مضيفا ان الاول صدر قرار بفصله ومنعه من دخول الصحيفة.
وذكر أنه من الممكن أن تسفر تحقيقات النيابة عن الكشف عن متورطين آخرين.
صفقة مشبوهة
كانت صفحة "إسرائيل بالعربية" الناطقة بلسان وزارة خارجية الدولة العبرية ذكرت في منشورات عبر حساباتها في مواقع التواصل، أن "المكتبة الوطنية الإسرائيلية" في مدينة القدس المحتلة، حصلت على الأرشيف الرقميّ لصحيفة الاهرام .
وقبل شهر من ذلك، كان كامل نفسه قد كتب عن واقعة فساد بيع ارشيف الاهرام لكنه التزم الصمت وفقًا لوعده لرئيس الهيئة الوطنية للصحافة عبد الصادق الشوربجي، الذي قال انه "وعد بأن المخطئ سينال عقابه".
ذكر كامل حينها في فيسبوك بعض التفاصيل قائلا "وفقا لما وصلني من مصادر مطلعة بمؤسسة الاهرام وزملاء أثق بهم فإنه قبل حوالي 8 سنوات وعقب إقالة الأستاذ ممدوح الولي من رئاسة مجلس إدارة الأهرام، قام عمر سامي القائم بأعمال رئيس مجلس الإدارة في ذلك الوقت بصفته ببيع ارشيف الاهرام لشركة أميركية تحمل اسم ’إيست فيو’ مقابل 185 ألف دولار".
وأضاف "واستكمالا للمهزلة، فإن العقد الخاص بعملية البيع، وقّع من طرف واحد دون توقيع ممثل الشركة الأميركية، كما أن قيمة الصفقة المشبوهة لم تدخل إلى خزينة الاهرام حتى الآن! ووفقا للمصادر، فإن الشؤون القانونية بمؤسسة الاهرام أجرت تحقيقًا في الواقعة انتهى إلى لا شيء".
وقال إن "الأمر كله أصبح الآن يحتاج إلى تدخل عاجل من الأجهزة الرقابية للتحقيق في واقعة بيع ’أرشيف مصر’ للكيان الصهيوني عبر وسيط أميركي في صفقة مشبوهة لا يمكن وصفها سوى بأنها خيانة للمهنة والوطن".
"نأسف لسوء الفهم"
اللافت أنّ صفحة "إسرائيل بالعربية"، علّقت حينها على منشور كامل، وقالت، إنّ "الأرشيف الرقمي لجريدة الاهرام متاح فقط ضمن قاعدة البيانات الخاصة بالمكتبة، وبشكل خاص للباحثين والطلاب في إسرائيل". وأضافت: "نأسف لسوء الفهم بهذا الخصوص".
ورغم أن الصفحة لم تذكُر مصدر حصولها على ارشيف الاهرام ، إلا أن الصور المرفقة في منشور الإعلان عن إتاحة الأرشيف، كانت بينها صورة من أرشيف الأهرام عليها شعار شركة "إيست فيو"، وهي شركة أميركية تقدم خدمات البحث والدراسات، وإتاحة الوثائق المصنفة والمفهرسة للباحثين والكتاب.
وتوفّر "إيست فيو"، أرشيفات رقمية لأكثر من 1500 صحيفة، تنتمي إلى أكثر من 80 دولة حول العالم، معظمها من دول الشرق الأوسط والشرق الأدنى، بالإضافة إلى عدد من كبريات الجامعات والمؤسسات البحثية الأوروبية، التي تتيح أرشيفها لغير مواطنيها مقابل اشتراكات. كما أنها تقدّم خدماتها بمقابل للمؤسسات الأكاديمية والمنظمات الحكومية والشركات والمكتبات العامة وغيرها.
وفي الرابع من تشرين الثاني/ نوفمبر 2019، أعلنت "إيست فيو" حصولها بشكل رسمي على ارشيف الاهرام في بيان جاء تحت عنوان: "رسميا... أرشيف جريدة الأهرام متاح على الإنترنت".
وذكرت الرئيسة والمديرة التنفيذية للشركة، كينت دي لي في بيان صدر حينها: "تفخر ’إيست فيو’ بتقديم تراث الاهرام الهائل للتاريخ والنشر المصري الحديث، مع أكثر من 600 ألف صفحة، لتكون متاحة من خلال ارشيف الاهرام الرقمي على منصة إيست فيو غلوبال أركايف".
ارشيف الاهرام كنز قومي
يعود تاريخ تأسيس الاهرام الى العام 1875، وظلت تصدر بانتظام، أسبوعياً ثم يومياً، منذ ذلك التاريخ. وهي بذلك تشكل كنزا ثقافيا قوميا.
وتعد الاهرام في ذاتها أهم أرشيف يومي متواصل للحياة السياسية والاجتماعية والثقافية المصرية والعربية منذ الربع الأخير من القرن التاسع عشر وحتى اليوم. وهي للباحثين والصحافيين المصريين، كنز وسجل للحياة في مصر المعاصرة.
وكانت الاهرام أول صحيفة مصرية "تدخل عصر الإنترنت" إذ دشنت موقعها على الشبكة الدولية في عام 1992، ليصبح موقعها وموقع المجلس الأعلى للجامعات هما أول موقعي إنترنت رسميان في مصر.
وظلت الصحيفة تتيح نسختها اليومية في شكل صور للصفحات إلا أن الحال تغيَّرمع إطلاق صحيفة الشرق الأوسط (سعودية التمويل) الصادرة في لندن عام 1995، التي غيرت من شكل الصحافة الإلكترونية العربية وأرست قواعدها المبكرة، بحسب كتاب "الصحافة الإلكترونية" للباحثة الإعلامية د. سوزان القليني.
تنبهت الاهرام إلى تميز أرشيفها الذي ظل عقوداً طويلة قبلة للباحثين المصريين والأجانب، وأتاحت الوصول إليه عبر مواقعها المتعددة على الإنترنت وعبر مكتبتها الورقية الكائنة بمبنى المؤسسة في وسط القاهرة.
واستمر الحال كذلك إلى أن قرر رئيس مجلس إدارتها الأسبق (رئيس مجلس إدارة المصري اليوم حالياً) عبدالمنعم سعيد إزالة ارشيف الاهرام عن الإنترنت، وإتاحته فقط عبر شراء الصور والأقراص المدمجة من مقر الصحيفة بالقاهرة.
ومع هذه الخطوة، فقد المصريون فرصة الاطلاع على هذا الأرشيف رقمياً، ويصبح حق الاطلاع عليه متاحاً فقط للقادرين على الوصول إلى مقر الصحيفة بالعاصمة، ودفع التكاليف الباهظة المطلوبة للاطلاع والتصوير.
وفي أيلول/سبتمبر من العام الماضي، ابرمت الهيئة الوطنية للصحافة ومؤسسة الاهرام اتفاقاً مع وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، بشأن إتاحة المحتوى الثقافي والإعلامي والصحفي لمؤسسة الاهرام على منصة تراث مصر الرقمي.
ونصّ الاتفاق على أن مدة العمل به 3 سنوات؛ "وفق شروط، والأخذ بالاعتبار ملكية مؤسسة الاهرام وحدها لهذا المحتوى، وإلتزام الوزارة باتخاذ كل ما يلزم لتأمينه".
"المكتبة الوطنية الإسرائيلية"
تأسست المكتبة الوطنية لأوّل مرة عام 1892 في القدس، وأطلق عليها سابقا اسم دار الكتب الوطنيّ والجامعيّ. وكانت من أولى الخطوات التي اتخذها المستوطنون القادمون إلى فلسطين من أجل خلق هوية يهودية للأراضي العربية المحتلة.
المكتبة الوطنية الإسرائيلية تدشن ارشيفا رقميا لصحيفة الأهرام المصرية
— إسرائيل بالعربية (@IsraelArabic) October 27, 2021
اطلقت المكتبة الوطنية في اورشليم مشروع جديدا لمشاركة الجمهور بمخونها من الوثائق والمعلومات وهذه المرة تضع بين ايدي القراء في كل مكان نسخا من صحيفة الاهرام المصرية العريقة التي تاسست منذ 1875.
📸المكتبة الوطنية pic.twitter.com/BBy43JH2xq