في المشهد المحلي يرى المواطن أنه لم يبق شيء، وكل شيء تبدد، ويزيد البعض بالقول كل شيء ضاع، هي بلا شك رؤية سلبية، وفي مقابلها ثمة ما لم يقدم للناس ولم يوضح، كثيرة هي انجازات الدولة كثيرة هي حقائق التضخم في عدد السكان وفي الانفاق وفي المنشآت التي بنيت، وفي عدد الدارسين والمبتعثين.
البلد تضخم كثيراً من العام 1990 بشكل كبير، ثلث المواطنين طلاب مدارس وجامعات، والمؤسسات التي ولدت ولادة قيصرية كثيرة، والقطاع العام بات عبئاً وإصلاحه مكلف، ومع أن المعرفة تقدمت في الدولة فانشئت عشرات الجامعات، إلّا أن المعرفة عاجزة عن تقديم الحلول لتحديات الناس والدولة، وباتت الجامعات تتنافس بالربح والتوفير البائس ومن قال أن معاهد العلم مطلوب منها التوفير؟.
إذًا، هناك عجز في تمكين المعارف، هناك عجز في تحول السياسيين لمحترفي اعمال في الشأن العام، وتراجعت الديمقراطية والتمثيل السياسي، فبات المسؤول عاجزا وغاضبا عن مواجهة الناس، وبات المواطن يشكو ضغوط الحياة.
يتعذر اردنيًا أن نعترف بالعجز والفشل، ويتعذر أكثر قبول النقد عند المسؤول العام، ويصمّ الناس آذانهم عن الاعتراف بأي انجاز، وكل شيء يأتي من الدولة مُشكك به، وفاقد للثقة، وثمة مشاعر عن الاردنيين دوما أنهم مستهدفون وثمة من يدور وراء بلدهم.
تخلى الأردنيون عن انماط الانتاج والعيش التي اعتادوها قبيل العام 1990، آنذاك تحولت البلد ديمقراطيًا، لكنها لم تتطور في وسائل الانتاج، بقي الرهان على الدولة، هو رهان مشفوع بالآمال، وفيما القطاع الزراعي أُفشل، واجه اصحاب المواشي قرارات متخبطة وتعقيدات كبيرة فتتت الحيازات التي كانوا يملكونها، والصناعيون الذين اقاموا مصانعهم واصحاب المشاريع الكبيرة واجهوا تخبط القرارات وتعدد المرجعيات، فاتسع التهرب الضريبي وبدأت الرشوة في الكثير من القطاعات. وكان الاستثمار وتعدد مرجعياته قصة فشل حكومي متوارث.
لم تَتبدد فجوة الثقة بل اتّسعت، مع توفر الغضب لدى الناس، هناك جيش عريض من المتقاعدين، وهناك عدد أكبر من العاطلين عن العمل، وهناك ناس لم يروا مسْؤولاً واحدا يتحدث إليهم فباتوا في حالة اغتراب مع وطنهم وتحول اغترابهم غضبا.