زاد الاردن الاخباري -
كتب : جهاد بطاينة - منذ عشر سنوات ونيف ونحن نتعامل مع لجوء ملايين السوريين للأردن مع بدء اندلاع الحرب الأهلية في سوريا التي تسببت بتهجيرهم من موطنهم إلى دول الجوار .
اللاجئ السوري جاء للأردن وغيره لا يمتلك شيء سوا خبرته وتعاطيه مع الحياة لينغمس بالمجتمعات التي جاء إليها وأثبت نفسه ومن ثم تطور وأصبح العامل هوا ” المعلم ” وأصبح المعلم يمتلك سلسلة لمتاجره .
منذ ذلك الوقت وانا أراقب موضوع اللجوء السوري بكل شغف ، لم أرى أن هناك أحد منهم تعاطى المخدرات أو قام بترويجها أو قام هو وأقرباءه بالتعدي على المال العام والخروج على القانون .
بالشق الآخر أتابع الأشقاء العرب الذين جاءوا للأردن لطلب لقمة العيش ، وأيضا حالهم كحال السوري لم يعتدوا على أحد ولم يخرجوا على القانون ولم يضربون بسيف تجمعاتهم البشرية التي بالاحيان تفوق المئات بنفس المنطقة والحي ، فكل شخص منهم يدرك لماذا هوا هنا وما هوا الهدف وماذا حل بموطنه الأصلي.
في الأردن الأمر مختلف ، من يطلق على نفسه ” ابن قبيلة وعشيرة وابن الوطن ” هوا من يقوم بالخروج عن القانون ” إلا من رحم ربي ” وهوا من يقوم بالتهاون بتطبيق القانون بحكم وظيفته ، وهوا من يغلق الشوارع بالإطارات المشتعلة ويقوم بتكسير وتخريب المال العام وترويج وبيع المخدرات التي افتكت بالاجيال ، وكأن الفرد منهم يعيش وحده في هذا الوطن لا يريد حسيب أو رقيب .
من يطلقون على أنفسهم كبار البلد من قيادات “مستشيخة” زائفة للعشائر هم من يقودون الجاهات والصلحات ويطبطبون على حقوق الآخرين بالخجل والمسامحة وجزء منهم بالترهيب بواسطة نفوذ أبناء قبيلته وعشيرته في السلك الحكومي بقلب الحق باطل والباطل حق ، لعدم إيمانهم بتطبيق القانون .
الأردن لم يكون يوماً هكذا ، ولماذا يقتل الوطن بسكين أبناءه في هذا الوقت ، وأين موطئ الخلل ؟
الأردن ورجالته الحقيقين لم يكونوا كذلك ، كنا نتباهى بالرقي بالحوار بإحترام الجميع لبعضهم البعض ، بالتعايش الديني ، بمساعدة الآخرين وبنصرة فلسطين وقضايا الأمة كاملة ، نحترم الصغير قبل الكبير وننصت للحديث بشكل جيد، وإذا قالوا الكبار الحقيقيون يكفي نقول سمعاً وطاعة .
الترهل الإداري والفساد الذي عصف بالوطن وأوصلنا لما نحن عليه الآن لم يأتي بسواعد أجنبية بل كان بأيادي أبناء الوطن ، ممن يتغنون ليلاً نهاراً بالوطن وعند الاقتراب من فاسد لمحاكمته أو مشاجرة عشائرية تطيح قتلى وجرحى “نصبح مظلومين والوطن ليس لنا ” وان الحكومات تستقوي على العشائر وهذه الديباجة التي مللنا منها .
أليس من يدير الوطن ويطبق القوانين والأنظمة بالحكومات والنواب وغيرهم هم من أبناء البلد ، تم إختيارهم جزء من الشعب يمثلون إرادته وتشكيلته، فلماذا بعد أن يعج التواصل الاجتماعي بالتبريكات والتهاني وبكم تزهوا المناصب نعود ونجلدهم ونجلد الوطن عندما يتعارض الأمر مع مصالحنا .
بقضية الدخان الشهيرة التي وقعت بالأردن قبل سنوات لم أرى تورط أجنبي بل من تورطوا هم من أبناء هذا الوطن منهم من تمت محاكمته ومنهم من حصل على البراءة وعاد لذويه .
وقضية سرقة الكهرباء والماء والسيطرة على أراضي الدولة وبيعها وكأن الوطن لهذه الفئة المعينة .
أجزم أن تلك القضايا لم يقف خلفها لاجئ سوري أو عامل عربي ، بل أيضاً من تورط هم ابناء الوطن ممن يستمعون للأغاني الوطنية ويرفعون شعارات الوطنية الزائفة وعند أول مطب يتعارض مع مصالحهم الشخصية ” يرفعون الشعارات الاخرى ” ويحشدون عشائرهم ” ويا ويل الي يعادينا يا ويله ويل !
الأردن لم يكون يوما كذلك فنحن وأبناء جلدتنا من أوصلناه إلى هذا الحد ومنعنا مواكبة تطور البلد برغم تطور جميع من حولنا ونحن من أبعدنا الرجال الحقيقين وشيوخ العشائر الأصليين عن مواقعهم ، فكل منطقة أصبح لها عشرات الوجهاء والشيوخ وكلٌ يغني على ليلاه .
فلماذا نقف ونتباكى على الحال ولا زلنا نمدح الفاسد بكل مواقعه من موظف صغير لمسؤول كبير وعندما يمس أحدنا ” الضر ” ننادي بتطبيق القانون ، ولم نقف ونقول للمخطئ توقف وللمصلح أحسنت .
فمن يوقف معاملات الاستثمار للحصول على رشوة ومن يتوسط لفلان على حساب فلان ومن يعامل الآخرين بعنجهية ومزاجية هم من أوصلونا الى هذا الحال ، فمن أمن العقاب اساء الأدب .
استفيقوا ليس هكذا تُبنى الأوطان ” بالفزعة ” الأردنيين أحوج اليوم لتطبيق القانون بشكل يعزز هيبة الدولة وتكافئ الفرص والعدالة ويحفظ كرامة من يعيش على هذا الوطن الهاشمي ، الذي لم يسلم من سكاكين الاشقاء لتتبعه سكاكين الأبناء .
ضعف تطبيق القانون وفزّاعة السوشال ميديا جعلونا نقتل الوطن وأنفسنا دون رحمة ،، استفيقوا قبل أن يقع الفأس بالرأس