انهى النواب امس جلساته الرقابية حول اتفاق النوايا لتبادل المياه والكهرباء مع الكيان الصهيوني.
و غادر النواب الجلسة مقسومين بين تيار وصف التوقيع على الاتفاق بالخيانة الوطنية والدينية ، وتيار يتارجح موقفه ما بين واقعية وبرغماتية تبارك توقيع الاتفاق مع الكيان الصهيوني.
في الشارع الاردني لا يوجد امال كبرى معلقة على النواب لرد الاتفاقية ورفض التوقيع عليها وتمريرها .. ولربما ان السؤال الحرج، هل يملك النواب رد الاتفاقية ؟
اذا ما اردنا ان نصارح انفسنا بالحقائق، فاني استسمحكم عذرا للاستشهاد ب»بيت» من الشعر للراحل محمود درويش : يدعى لاندلس ان حوصرت حلب.
و يوجد لدى اعتقاد راسخ ان الاردن تا?خر في ملف المياه.. واليقظة جاءت متا?خرة لتدارك ازمة المياه وتداعياتها.. وازمة المياه في الشرق الاوسط تهديدها السياسي والامني مطروق استراتجيا من عقود بعيدة، والاردن على خرائط المياه مصنف من الدول الاشد فقرا .
وكما يبدو من وحي كلام رئيس الحكومة بشر الخصاونة ووزير المياه محمد النجار في جلسة النواب ان الاردن امام تحد مائي خطير، وانه مقبل على ازمة ومحنة عطش غير مسبوقة، ولا يملك اي بديل عن المياه الاسرائيلية.
ازمة المياه اكثر من سياسية انها وجودية.. فما لا يحتمل في اتفاق المياه الاردني / الاسرائيلي عدم التفكير وطنيا في بدائل وحلول طارئة عوضا عن الخيار الاسرائيلي المقيت.
ليس لدى الحكومة في ملف المياه ما تقوله عدا اتفاق النوايا مع الكيان الصهيوني.. ولا صراخ النواب في وجه وزير المياه، فليس لدى الوزير مياه مخفية وغير معلن عنها يمكن ان تتدفق كحل طاريء وبديل في حال امتنع الاردن عن المضي في الموافقة على اتفاق النوايا.
كان ممكن ان تكون الرسالة اقوى وابلغ سياسيا.. يقولوا : ما يضج من اوجاع وانين بين الناس في الشارع، ويعبر رمزيا عن مصالح ومباديء الاردن الوطنية العميقة ومناعته الوطنية.
احيانا ثمة قضايا وطنية مفصلية بالغة الحساسية والاهمية تحتاج الى طرق احتجاج مبتكرة وخارجة عن الما?لوف والتقليد.. وبالمناسبة من غير المعقول قبول ادارة ازمة المياه بهذه السياسة وسيناريوهاتها .. وكما يظهر فان ازمة المياه وتحدي العطش الحتمي سوف تتفاقم اكثر وتنحني نحو ابعاد سياسية وامنية خطيرة اذا ما كان لدى مطبخ القرار بدائل اخرى.