كل عام وأنتم وكل أهل الربة بخير يا ابناء عمومتي الزريقات، وأتمنى لكم أياما وأعيادا وأعمارا مجيدة سعيدة، و»عشتو» وعاش الوفاء والنقاء والجيرة الطيبة، وألف رحمة على من غادرونا ولم يدركوا الأعياد السعيدة المجيدة.. حفظكم الله وعائلاتكم.
ما أخبار الشتاء والجميد الكركي المجيد؟!.
ما زالت تلك العادة تلازمني، فأينما بحثتم في مقتنياتي او أماكن تواجدي، لا بد ستجدون آثار جميد، في السيارة في المكتب، وغبار الجميد في جيوب الكبابيت والجاكيتات.. أنا بيني وبين الجميد حياة، وقصص وروايات، ما زلت أعيشها حتى اليوم.
ومنذ 10 سنوات تقريبا، وأنا أشعر بالعبث في جميدنا المجيد، وقررت أن لا أقع ضحية للغشاشين، فقمت بشراء (خضاضة)، ومع بداية كل ربيع أقوم بمشاويري إلى جلعاد، أزور ابو محمد الفواعير، وأحمل ما استطعت من حليب (النعاج)، وأقوم بترويبه في المنزل، ثم إكمال الإجراءات وتحويش (مونتي) للعام كله من الجميد البلدي المجيد، فلا غرابة ولا عجب أن يلمس رفاقي الرعيان همّتي الفلاحية في مواسم الخير، فأنا أعيش هذه الأجواء فعلا، حليب ورايب ولبن وزبدة وجميد وقشدة وسمنة بلدية.. وكله أصيل جميل، وإنني أشعر بالانتصار كلما أدركت بأنني نجوت من الغشاشين، إنها لكبيرة على نفسي وأنا (راعي ابن راعي)، وأقع ضحية لغشاشين سفلة، فالحمد لله على كل شيء.
سواء أكان انتاجنا الوطني من الجميد البلدي ثلاثة أو سبعة آلاف طن سنويا من الجميد، فهي كمية لا تكفي أهل عمان وجبة واحدة من المنسف البلدي (في كل شيء)، وهنا يصبح السؤال مشروعا: من وين كل هالجميد في الأسواق؟.
الأغنام تتواجد في كل الدول تقريبا، وفي دول الجوار تتواجد أغنام كأغنامنا البلدية، ويتوفر في تلك الدول مراع ومياه، ربما بشكل أفضل مما تتواجد مثلها عندنا، ومع ذلك فالجميد علامة أردنية بامتياز، وتتقن الأمهات الأردنيات صناعتها ثم إعدادها على الموائد، فهي واحدة من ملامح هويتنا وثقافتنا التي تميزنا عن غيرنا من الأشقاء العرب، مع تمام علمي بأن لديهم ما يميزهم ويعبر عن أصالتهم في بلدانهم و»مضاربهم».
من الطبيعي أن يستورد التجار جميدا من كل الدنيا، ويقوموا ببيعه في أسواقنا المحلية، لكن المشكلة تكمن بالغش، واستغلال عدم معرفة كثيرين أو استطاعتهم تمييز الجميد البلدي عن غيره، وثمة تقصير كبير في إجراءات المواصفات والمقاييس والمؤسسة العامة للغذاء والدواء، ولا علاقة لوزارة الزراعة بما يجري من غش، فهي في النهاية ليست مسؤولة عن الأسعار ولا عن التجار، وهمها بل واجبها الأساسي يكمن بحماية المزارعين ومنتجاتهم، وضمان تسويق منتجاتهم بشكل طبيعي وبسعر معقول، ومن صلاحياتها قبول أو رفض إدخال منتج زراعي قادم من الخارج، بناء على فحوص مخبرية ومقاييس اردنية وعالمية، أما فنون التسويق والتضليل والخداع، فهي من ضمن اختصاص مؤسسات أخرى، تعتمد إجراءات وأساليب علمية ومخبرية للتأكد من سلامة الغذاء وصلاحيته.
لا أشتري جميد الأسواق، بل لا آكل مناسف لا أعلم (نقاء وأصالة) مكوناتها، يعني ممكن أتناول منسف بالجميد السوري النظيف أو حتى التركي والمصري، وممكن أتلذذ بمنسف مطبوخ بجميد مصنوع من حليب البقر أو حتى حليب البودرة النظيف، كلها مناسف وطعام نظيف ولا تحفظات على «النعمة»، إلا حين يقول المعزب بأنه مطبوخ بجميد بلدي، وأشعر بأن الموضوع يصبح شخصيا ويستفزني، حين يقول المعزب واثقا بأنه مطبوخ بجميد كركي، بينما أنا متأكد بأنه جميد سوري او تركي وليس اردنيا حتى!.. والمصيبة أن المعزب او المستهلك يبني قناعته بسبب السعر المرتفع الذي دفعه ثمنا لكيلو من لبن الجميد، وكان ضحية التضليل والخداع.
السوق حرة ومفتوحة للجميع، وهذا أمر جميل، لكن علينا أن نحمي هذا المنتج الوطني، بتمييزه عن المستورد، وهذه مسؤولية الجهات العلمية المختصة والجهات الرسمية التجارية..
وصحتين وعافية.