زاد الاردن الاخباري -
قال جلالة الملك عبدالله الثاني إن فرص تحقيق السلام في المنطقة ستتضاءل بشكل كبير إذا لم يتم البدء بمحادثات جادة وفاعلة لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي على أساس حل الدولتين، محذرا من أن استمرار الوضع القائم يقوض فرص قيام الدولة الفلسطينية المستقلة القابلة للحياة، ما سيجعل المنطقة رهينة للصراع والعنف لعقود طويلة. ولفت جلالته إلى أن العالم العربي والإسلامي يواجه مجموعات إرهابية تحاول تشويه الصورة الحقيقية للدين الإسلامي الحنيف وقيمه السمحة. وفي ما يلي مقتطفات رئيسة من الجلسة ... جلالة الملك: ربما تكون هذه هي المرة الأولى التي أكون فيها متشائما بعض الشيء ... سؤال: جلالة الملك، أنت تعيش في واحدة من أكثر المناطق أهمية في العالم، وأكثرها خطورة، منطقة أدت إلى الكثير من الإحباط في بقية العالم، ما أقصده، هو أن هناك مقولة تستخدم في نيويورك مفادها "لم يخسر أحدا أبدا في المراهنة ضد عملية السلام الفلسطينية الإسرائيلية"، وهي سخرية سيئة تعني أننا نستمر في مناقشة هذه العملية ومع هذا يبدو أن شيئا لا يتغير، هل هناك الآن ما يجعلك متفائلا أو متشائما بأننا وصلنا إلى لحظة قد يتغير فيها شيء؟ جلالة الملك: في الحقيقة، ربما تكون هذه هي المرة الأولى التي أكون فيها متشائما بعض الشيء، وكما نعلم جميعاً، فإن القضية الجوهرية في المنطقة هي القضية الإسرائيلية الفلسطينية – وكما قلت أنتَ – هي مستمرة منذ عدة عقود وكان هناك الكثير من المعاناة والإحباط ومن الممكن أن تزداد الأوضاع سوءاً إذا لم نحل هذه المشكلة. جلالة الملك: لدينا اجتماع القمة العربية في نهاية آذار القادم في ليبيا، وهذا سيفتح المجال أمام الناس للتعبير عن آرائهم بأنهم غير مقتنعين بأنه سيكون هناك تقدم إلى الأمام، حالياً لدينا حل الـ 57 دولة، وهي مبادرة السلام العربية - الإسلامية لإسرائيل، كان هناك محاولات في السابق من بعض الدول لسحب المبادرة، الناس محبطون وغير مقتنعين. جلالة الملك: أعتقد شخصيا أن الرئيس الأميركي ملتزم بشكل كبير بالسلام، ولكننا نعرف أيضا، أن الولايات المتحدة تتعامل مع قضايا أخرى داخلية، فهناك برنامج التأمين الصحي وقضايا أخرى، بالإضافة إلى قضية الانتخابات ] المقعد في مجلس الشيوخ الأميركي الذي فاز به الحزب الجمهوري[ في ولاية ماساشوستس والتي تصدرت الأخبار. جلالة الملك: حل الدولتين هو الحل الوحيد، هناك أصوات تقول بين الحين والآخر أنه سيكون هناك الخيار الأردني، خيار أردني على ماذا؟ وهناك بعض العناصر في الحكومة الإسرائيلية تضغط لدور أردني في الضفة الغربية، هذا لن يحدث أبداً، ويجب أن نكون واضحين تماماً أن الأردن لا يريد على الإطلاق أي دور في الضفة الغربية، فكل ما سيؤدي إليه ذلك في هذه الحال هو استبدال الجيش الإسرائيلي بالجيش الأردني، وهذا ما لا يريده الفلسطينيون، هم يريدون دولتهم، ومرة أخرى، ما هو شكل الضفة الغربية الذي نتحدث عنه؟ نحن نتحدث عن كيان قابل للحياة، باعتقادي، ما يطرحه هؤلاء لمحاولة جر الأردن لن يضمن قيام دولة فلسطينية أو يجعل الفلسطينيين يشعرون أن لديهم وطن، ولذلك – وقد قلنا هذا أكثر من مرة – لن يكون للأردن أي دور في الضفة الغربية، إن محاولة جعل الأردن فلسطين هو أمر غير منطقي بالنسبة لي، وهذا شيء لن يحدث. جلالة الملك: هذا هو التحدي، فأنا التقيت مع الرئيس شمعون بيريز يوم أمس (خلال المؤتمر الاقتصادي في دافوس)، وقال إنه يؤمن بحل الدولتين وأهمية هذا الحل، لأنه يتطلع إلى مستقبل بلده، وأنا ما أزال أعتقد أن أكثرية كبيرة من الإسرائيليين والفلسطينيين تريد حل الدولتين وبأسرع وقت ممكن، إن التحدي في إسرائيل بالتحديد هو أن نتجاوز السياسيين لنصل إلى المواطنين الإسرائيليين أنفسهم، لأنهم وصلوا إلى حالة من عدم الاهتمام بالعملية السلمية لأنهم يعتقدون أن السلام لن يحدث، وأن نحاول أن نجد سبلا للتعامل مع هذه العقلية الإسرائيلية، وفي المناسبات التي جلست فيها مع إسرائيليين سألتهم: أين ترون دولتكم بعد عشر سنوات، ولنتحدث من تلك النقطة التي ترون دولتكم فيها وقتذاك حتى نستطيع أن نحدد العلاقة بين إسرائيل والعالم العربي؟ لم يستطع أي إسرائيلي أن يجيب عن هذا السؤال. جلالة الملك: ما أزال أقول أن القضية الرئيسية هي الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، فجميع الطرق في منطقتنا في هذا العالم، وكل الصراعات تؤدي إلى القدس. جلالة الملك: لديهم صعوبات داخلية في هذه المرحلة، إيران دولة مهمة في منطقتنا، وهي دولة ذات تاريخ عريق، ولها دور مهم، لكنني دائما قلق من الآراء التي تدفع باتجاه القول إن الحل الوحيد للمشكلة مع إيران هو الحل العسكري، آمل بأن يكون هناك حل سلمي لصراعات بعض الدول مع إيران،وبرأيي، فإن أكثرية الشعب الإيراني تود حلا سلميا لهذه القضايا. جلالة الملك: مرة أخرى، إذا تمّ حل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، سيكون السؤال مختلفاً بعض الشيء،ما أعنيه أنه يجب أن يكون هناك شفافية حول البرامج النووية في المنطقة برمتها بما في ذلك إسرائيل، وأعتقد أنه لكل دولة الحق في امتلاك الطاقة النووية السلمية،أحياناً أسمع من بعض الأطراف طرحاً بأن الإيرانيين يسعون إلى برنامج عسكري، ما يشكل تهديداً لإسرائيل،ولكن، إذا تم التوصل إلى حل للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، فماذا سيكون الداعي لإيران لأن تنفق مبالغ مالية طائلة على البرامج العسكرية،لن يكون هذا منطقيا،ما أعنيه أن إيران لديها تحديات؛ تحديات اجتماعية واقتصادية، فما الذي سيجعلها تدفع باتجاه برنامج عسكري ومن أجل ماذا؟ إذا حُلّت القضية الفلسطينية لن يكون هنالك حاجة للسير باتجاه البرامج العسكرية.
وأكد جلالته، خلال تحدثه في جلسة حوارية في المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس أواخر الشهر الماضي بثت محطة "CNN"التي كان لها حق البث الأول مقتطفات منها أمس ويبثها التلفزيون الأردني مساء اليوم، إن الأوضاع في المنطقة ستزداد سوءًا إذا لم يتم إحراز تقدم حقيقي نحو حل الدولتين، لأن القضية الفلسطينية هي جوهر الصراع في المنطقة.
وقال جلالته، في الجلسة التي أدارها الإعلامي في شبكة CNN فريد زكريا، إنه إذا ما تم التوصل لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي في سياق إقليمي شامل ستحل العديد من الملفات الساخنة في المنطقة.
ورفض جلالته أي طرح بقيام الأردن بدور في الضفة الغربية، وأكد أن قيام الدولة الفلسطينية المستقلة القابلة للحياة على التراب الوطني الفلسطيني هو السبيل الوحيد لتحقيق السلام والاستقرار.
وشدد جلالته على رفض الأردن للخيار العسكري في التعامل مع إيران، داعيا إلى التوصل إلى حل دبلوماسي للأزمة.
وأكد جلالته حق جميع الدول في امتلاك الطاقة النووية للأغراض السلمية، وعلى ضرورة التعامل بشفافية مع جميع الملفات النووية في المنطقة بما في ذلك الملف النووي الإسرائيلي.
جلالته : من يستهدفنا سنستهدفهم ...
وأكد أنه "إذا شعرنا أن هناك من يستهدف الأردن فإننا سنستهدفهم.
ورسالتي واضحة: طالما تحاولون إيذاء المواطنين في بلدي، فلنا الحق في حماية أنفسنا.
" وأشار جلالته إلى الجهود التي يقوم بها الأردن لإظهار الصورة الحقة للدين الإسلامي الحنيف، ومواجهة من يريدون اختطاف الإسلام وقيمه السمحة.
وأوضح جلالته أن الأردن ماض في مسيرته الإصلاحية التحديثية، مؤكدا ثقته بقدرة الأردنيين على بناء المستقبل الأفضل.
ولفت جلالته إلى الانتخابات النيابية القادمة وإلى مشروع اللامركزية الهادف إلى زيادة مشاركة المواطنين في صناعة مستقبلهم.
وكما قلت أنت، فجميعنا في المجتمع الدولي محبطون، ويجب هنا فهم ترابط الأمور، فجميعنا في المجتمع الدولي ندفع ثمن عدم حل هذه القضية.
ما نقوم به الآن هو العمل من أجل جمع الإسرائيليين والفلسطينيين حول طاولة المفاوضات من جديد، ونأمل أن تنجح محادثات التقريب بين الجانبين من أجل إطلاق المفاوضات.
نحن ننتظر من الولايات المتحدة أن تعطي هذه القضية اهتمامها الكامل، حيث أنه إذا لم يكن هناك منهجية عمل واضحة خلال الشهر المقبل أو أكثر، فلن أكون مقتنعا بأننا سننجح في دفع عملية السلام إلى الأمام.
سؤال: لنبقى حول هذه الفكرة، ما تقوله إنه إذا لم تشعر خلال الشهر المقبل أن الولايات المتحدة تدفع بقوة بهذا الاتجاه، فإنه لن يكون هناك تقدما؟
أعتقد أن مصداقية الولايات المتحدة على المحك الآن، لذا علينا فعلا أن نحرز تقدما في العملية السلمية خلال شهر أو أكثر، خصوصاً وأننا نقترب من مؤتمر القمة العربية، ولا نريد أن يكون هناك عدم وضوح.
سؤال: لكن إدارة اوباما عينت مبعوثا خاصا لعملية السلام، كما أنها طالبت الإسرائيليين بتجميد المستوطنات، هل تشعر أن إدارة أوباما.
ما أعنيه أن ما تقوله مهم للغاية، فأنت تقول أن الولايات المتحدة ستفقد مصداقيتها وستتضرر صورتها إذا لم تفعل شيئا، ما الذي تستطيع إدارة اوباما فعله؟
فهل يتوفر لدينا الاهتمام الكامل من الولايات المتحدة، وهو الأمر الذي نحتاجه بشكل كبير في الشهر المقبل أو نحوه، من أجل أن نحدد شكل المفاوضات بين الإسرائيليين والفلسطينيين؟ والشيء الآخر الذي أود أن أوضحه هو أنه عاجلاً أم آجلاً، سيكون هناك خط وهمي في الرمال وسيتضح للجميع بعد أن نعبره فيما إذا كانت إمكانية التوصل إلى حل الدولتين ما تزال قائمة، وآمل أن لا نكون عبرنا هذا الخط حتى الآن، فإذا، لا قدر الله، تجاوزنا هذا الخط، سنكون قد حكمنا على منطقة الشرق الأوسط والمنطقة بعقود طويلة من عدم الاستقرار، وكلما أمضينا وقتا أكثر في الحديث حول الأمر - كما تقول – ولم نحل هذه المشكلة، فسندفع الثمن جميعاً.
سؤال: هناك أصوات في إسرائيل تقول إن حل الدولتين هو طريقة خاطئة للتفكير في هذا الموضوع، ويجب العودة للتفكير في أن الأردن هو الدولة الفلسطينية؟
وهناك أناس آخرون في إسرائيل يقولون، لأنه لن يكون هناك خيار أردني، فالبديل الوحيد لحل الدولتين هو حل الدولة الواحدة، وهذا ما يخيف عدد أكبر من الإسرائيليين من أولئك الذين يخشون حل الدولتين، أنا أرى بأن الحل الوحيد المتاح والقابل للتحقيق هو حل الدولتين الذي يعطي الإسرائيليين والفلسطينيين القدرة على العيش جنباً إلى جنب، والأهم من ذلك أيضاً، إن هذا الحل سيؤدي إلى توصل الدول العربية والإسلامية إلى اتفاقيات سلام مع إسرائيل، إن 57 دولة، وهي ثلث أعضاء الأمم المتحدة، لا تعترف بإسرائيل اليوم، ما يعني أن إسرائيل معزولة في الجوار وفي مناطق أخرى من العالم.
سؤال: لديك بعض الاتصالات مع إسرائيل، ما هو شعورك إزاء ما يحدث في إسرائيل، ما هو المزاج في إسرائيل؟ هل هم في مزاج للتفاوض؟ لأن انطباعي أن بناء الجدار أنهى مشكلة الإرهاب إلى درجة كبيرة في إسرائيل، وجعل الكثير من الإسرائيليين يعتقدون: "نستطيع العيش بهذا الواقع من دون تغييره، فما المشكلة في بقاء الأمور على حالها"؟
سؤال: قلت إن القضية الجوهرية في المنطقة هي القضية الفلسطينية الإسرائيلية، بينما أسمع من أشخاص في المنطقة، خصوصاً في السعودية يُسرّون لي أن: "القضية الجوهرية في المنطقة هي صعود إيران وما يمكن عمله حول إيران، التي تتدخل في لبنان والأراضي الفلسطينية وتتحدانا دائما".
كيف ترى صعود إيران؟
فإيران، اليوم، تقدم نفسها كمدافع عن القضية الفلسطينية، قبل عدة أيام أكّد أسامة بن لادن مرة أخرى في رسالته المسجلة للولايات المتحدة على معاناة الشعب الفلسطيني، إن الشعور بالظلم الذي يتعرض له الشعب الفلسطيني هو الذي يسمح للاعبين، سواءً أكانوا دولا أو غير ذلك، بأن يأخذوا دور المدافعين عن الفلسطينيين، فإذا تم حل هذه المشكلة، سنكون قد بدأنا بحل كل بؤر الضغط في الشرق الأوسط، فإذا كان هناك البعض الذي يهدد إسرائيل من داخل النظام الإيراني، فأنا أقول وأكرر للإسرائيليين إنه إذا تمكنا من حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، فإن الفلسطينيين هم أول من سيقف ويقول لهذا البعض في الحكومة الإيرانية: "شكراً جزيلا، لقد حصلنا على دولتنا، ولقد أمنّا مستقبلنا ولا نريد صواريخ في هذا الاتجاه".
لذلك أنا أرى بأن الحلّ الأبسط والأسهل هو أن نجمع الفلسطينيين والإسرائيليين بما يمكّن العرب والمسلمين والإسرائيليين من حل الصراع بشكل نهائي.
سؤال: ما رأيك بالنسبة إلى صعود إيران؟ وما حجم هذه المشكلة؟
سؤال: لكن هل تستطيعون في الأردن العيش مع إيران تمتلك أسلحة نووية؟
سؤال: بعض الأشخاص في واشنطن ممن سيستمعون إلى هذا اللقاء سيقولون إنك ليّن باتجاه إيران.
جلالة الملك: ما أحاول أن أقوله إنه يجب علينا جميعا أن نتحاور ونحلّ المشكلة، فسيكون هناك دائما عدو لإسرائيل إذا لم نحل القضية الفلسطينية، ففي الستينيات كانت مصر الدولة الرئيسية التي تسبب قلقاً للحكومة الإسرائيلية، اليوم يوجد معاهدة سلام بين إسرائيل ومصر، وفي العقد الماضي قال الإسرائيليون إن العراق كانت مصدر تهديد، ولم يعد هذا التهديد قائما الآن وأدى التعامل مع الوضع في العراق إلى إيجاد مشاكل عدة كما نرى اليوم، والآن يقول الإسرائيليون إن الوحش الجديد هو إيران، يجب أن نبتعد عن بث الخوف والشك، ففي النهاية يكمن الحل في التوصل إلى حل للمشكلة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وهذا سيؤدي إلى تخفيف التوتر في العالم، الرئيس اوباما قال شيئا في غاية الأهمية حول مستقبل الشرق الأوسط، فقد قال للمرة الأولى، وهو أمر كان يجب أن يحدث منذ عقود،: قال إن أميركا تريد أن ترى حلا للصراع الإسرائيلي الفلسطيني، لأن هذا الحل هو مصلحة أمنية قومية أميركية أساسية، لأنه يتفهم أنه ما دام الصراع مستمراً وإذا لم نتوصل إلى حل خلال السنتين المقبلتين، سنتأثر جميعا من حال عدم الاستقرار وسندفع جميعا الثمن، وإلى متى نستطيع تحمل ذلك؟ فعدم الاستقرار في المنطقة سيؤثر على الاقتصاد وعلى التجارة والطاقة، فإلى متى سنستمر في العيش في ظل هذه الظروف؟
بترا