سيقال ان ما حدث يوم أمس وقبل يوم أمس، يحدث في كل مجالس النواب في العالم.
ولكن ما حدث يجب أن لا يمر دون تحديد وتحميل مسؤوليات، ودون اعتباره فرصة لمراجعة الذات وتقييم الأداء وامتحان الضوابط، لفحص قدرتها على درء ما سيحدث من "همروجات" مشابهة.
لا بأس ان يتصالحوا وان يشربوا قهوتهم، فهذه آخرة معظم الهوشات، لكن الوطن له حق عام يجب ان يؤدي بالصاع الوافي.
لقد تعرضت صورة مجلس النواب لخدوش وضربات مؤذية جدا، لا نقبل أن تتعاظم وتتفاقم، فتزيد من انفضاض الناس عن المجلس.
فمجلس النواب لنا، إنه الركن الراسخ من أركان حياتنا السياسية والرقابية. وعمود ارتكاز في منظومة امننا واستقرارنا، على قاعدة أن الديمقراطية أمن واستقرار.
لقد تابعنا جلسات فخمة ناضجة تحت القبة، تخللها النقد السياسي والاطروحات القانونية والاقتصادية التي نحتاجها ونطلبها ونراها ضرورية.
وتابعنا جلسات للجان المجلس، غاية في المسؤولية والرفعة.
كما تابعنا جلسات لجان، فيها صخب وانفعالات وتطاول مرفوض على شخصيات وطنية واقتصادية وازنة، و تطاول مرفوض على الحكومة، يمس هيبتها ومكانتها، وهي المكانة المستمدة من الدستور، كافل الفصل والتوازن بين السلطات.
إن متابعتنا لأداء السادة النواب، تكشف لنا عن نوعية نواب مثقفة، ممن نطمئن إليهم ونأمل منهم أن يتعاطوا مع المرحلة الراهنة العاصفة، بكل تقلباتها واستحقاقاتها الرقابية والتشريعية.
سينقسم الرأي العام الأردني حيال ما جرى يوم أمس، وحيال الإساءة لشخصيات وازنة محترمة قبل يوم أمس، في جلسات بعض اللجان، بين فريقين، فريق يرى إن ما حدث هو نهاية الدنيا، مما سيستدعي حل المجلس، وإجراء انتخابات مبكرة وعاصفة من تعليقات الإدانة على منصات التواصل الاجتماعي.
وفريق يرى أن الضربة التي لا تميت تقوي، وأنها مطعوم يرفع المناعة، وتدفع إلى المراجعة وممارسة شكلي النقد: الشخصي الذاتي، والعام الموضوعي.
ورغم ان ما جرى مؤسف ومدان، ويستحق المحاسبة الصارمة، فإن لنا كبير الثقة والأمل، في كفاءات مجلس النواب وقياداته، و هم كثر، بأن تصحح المسار و تدعّم المسيرة وتسترد صورة مجلس النواب الزاهية، المتصلة بدوره صعودا أو هبوطا.