كل أردني تقريبا؛ قال كلمته حول ما جرى ويجري كل مرة في مجلس النواب، والكلام كله تقريبا، ساخر انفعالي موسوم بلغة السوشال ميديا السطحية، ولا أعتقد أن قولا واحدا سمعته أو قرأته يضيف لي شيئا جديدا، أو ينم عن عمق فكرة، مع كل أسف...
تشهد كثير من برلمانات الدول الديمقراطية مثل هذه الأحداث، وأذكّر هنا بأن الديمقراطيات في دول غربية وربما شرقية، منحت كوتات للمثليين ولفئات نعتبرها منحرفة، فهم ممثلون في تلك المجالس، فتخيل يا رعاك الله بأن يحتوي مجلسنا -لا قدر الله- مثل هؤلاء، كيف ستكون الحالة عندئذ، وما هي الأفكار والتعليقات بل ما هي القيم التي يمكن لنا أن ننفعل أو نتذاكى في الحديث عنها؟.
لولا وجبة الكراهية التي انطوت عليها «هوشات النواب»، والتي يمكن لأي شخص «بفهم» أن يميزها ويتحسس خطورتها، لقلنا أن الذي يحدث تحت القبة متوقع وليس غريبا، وقد حدث تحت القبة نفسها أن اقترف بعض النواب جرائم واضحة، كقطع الأذن بالأسنان، وحمل الرشاشات النارية أمام بوابة القاعة الرئيسية، لكنها كلها لم تقدم لنا ما قدمته أحداث أمس الأول من خطاب كراهية معلن أو مستتر، لكنه لا يخفى على من فتح الله عليهم، وابتلاهم بحب بلدهم والخوف عليه.
لم أفهم حتى اللحظة ما هي الفكرة التي يدافع عنها المتشاجرون باسمنا وتحت قبتنا الديمقراطية، فالمواقف عاطفية تخرج طبيعية عفوية من البسطاء، وليس ممن يعملون بالسياسة، أو يمثلون ويحملون فكرا ما أوصلهم الى تلك القبة.
رغم أن النظام والقانون يتيح لرئيس المجلس إخراج أي نائب من تحت القبة بناء على نصوص وأسباب قانونية، لأنني بل لأننا نعرف الرجل، ونعلم مقدار خبرته النيابية ووجاهته الاعتبارية بيننا، لكنها «ساعة شر» ويكفينا وإياكم شرها كله.
ليتحملني النواب، فأنا أعرف بعضهم وتربطني بهم صداقات، لكن هناك عشرات منهم، اتخيلهم يحملون الاسم نفسه والصفات نفسها و(بدهم فت خبز في السياسة والوطنية)..
نحن أمام مشهد متكرر وربما طبيعي لو كنا نفهم ديمقراطية وسياسة، لكنه مؤلم وخطير حين يتسلل عبره خطاب الكراهية، الذي أعتبره أخطر ما يواجه مستقبل بلدنا، وكان وما زال مطلوب من كل نائب أن يمتلك مهارة وذكاء في تحقيق كل أهدافه السياسية من خلال نبذه لمثل هذه الخطابات، وليس من خلال تبنيها أو سيطرتها على أدائه..
كل الهوشات؛ عادية، وتحدث، لكنها تكون بدائية متخلفة وتصادر الحصافة والقيافة والعيافة من أهلها حين ينساقون مرغمين بخطاب الكراهية.
فتح الله علينا جميعا بمزيد من الوفاء والانتماء والحب والخوف على بلدنا وشعبنا ومؤسساتنا وعرش مملكتنا، ونحن نستقبل عاما جديدا، نتمناه على الجميع.. سعيدا.