عندما تكون الرؤى محددة والفكرة ناصعة الوضوح، والثقة جوهر العمل، يكون الانجاز والتميّز واقعا ملموسا في قطاعات مختلفة، وحالة من السعي الجاد لتحقيق الأفضل، وهو ما أشّر اليه جلالة الملك بكل وضوح خلال لقائه أمس في قصر الحسينية، رئيس مجلس الأعيان ورؤساء اللجان بالمجلس، تحديدا فيما يخص التحديث السياسي، واعتباره أولوية خلال المرحلة المقبلة.
تحدث جلالة الملك أمس عن التحديث السياسي على أنه قرار، ولم يعد مسموحا عرقلة هذه المسيرة الهامة والناضجة، والتي تعدّ تجربة أردنية قوية يجب المضي في تطبيقها، دون التوقّف عند تفاصيل من شأنها تأخير خطى الانجاز، أو افشالها، مع تأكيدات جلالته على ثقة من النجاح بإرادة الأردنيين، وهو ما يضعه جلالته دوما سببا لنجاح كافة الانجازات، ارادة الأردنيين.
وبوضوح وبلغة بيضاء واضحة، أكد جلالة الملك على أن «ثمة أطرافا تريد لمسيرة التحديث أن تفشل»، الأمر الذي يعزز مبدأ الإصلاح والتحديث السياسي، باصرار لإغلاق الباب أمام أي متربّص لهذا الانجاز من استكماله، فوجود هذه الأطراف التي تريد الفشل لمسيرة «صناعة أردنية» تجعل الجميع اكثر اصرارا لإتمامها وجعلها واقعا ملموسا على أرض الواقع، وذلك بإرادة الأردنيين وتكاتف الجميع كالبنيان المرصوص، فكما أكد جلالة الملك أن المرحلة المقبلة تتطلب تكاتف الجميع الى جانب الحاجة للعمل الكثير، حتى يمضي الأردن نحو تحديث سياسي مؤكد النجاح، منتصرا للوطن، وهازما كل من يسعى لعرقلة خطى تطوّره وتحديث منظومته السياسية.
رسائل هامة جدا، وجّهها جلالة الملك خلال لقاء السادة الأعيان امس، تحديدا فيما يخص مسيرة التحديث السياسي، واضعا جلالته أسسا واضحة لتحقيق منجزات عملية بهذا الإطار، حيث شدد جلالة الملك «على أهمية العمل الجماعي المبني على تشاركية حقيقية، داعيا إلى تقبل الآراء وتجاوز الخلافات الشخصية في سبيل خدمة المصلحة الوطنية»، ففي كافة مدارس التنمية السياسية يجب أن يرتكز التحديث على تقبّل الآخر وتجاوز الخلافات الشخصية، فالحديث عن المصلحة الوطنية يتلاشى أمامه أي شيء آخر، ذلك أن الأساس هو الانجاز، وليس أي انجاز، إنما الإنجاز المميّز والمختلف.
تأكيدات جلالة الملك أمس بأن الأردن ماض في مسيرة التحديث السياسي، «دون تردد أو خوف»، منحت رسالة ثقة بأن التحديث سيتحقق، وعززت مبدأ الشراكة في تحقيق هذا المنجز الوطني الذي سيتم بإرادة الأردنيين، وبالعمل الجماعي المبني على تشاركية حقيقية، وبذلك حسم لجدل أحاط ملف التحديث السياسي، برسائل واشارات ملكية جعلت من العنوان الرئيسي لموضوع التحديث السياسي هو الثقة المطلقة بأنها مسيرة ستتحقق بوصفة واضحة وآمنة حددها جلالة الملك تتمثل بأهمية العمل التشاركي و»العمل الكثير» وارادة الأردنيين، والابتعاد عن الخلافات الشخصية، وكذلك التنبّه لقوى الجذب العكسي لأي منجز، رؤى واضحة، تحسم أي جدل او شكّ بتحقيق انجازات في التحديث السياسي.
وفي حسم القول، الإصلاح المؤسس على العقل وحده لا يقود لمنتج عملي وحقيقي، ومُجد، ذلك أن الإصلاح الحقيقي هو الذي أشّر اليه جلالة الملك أمس، وفي مناسبات سابقة، هو الذي يتحقق على أرض الواقع بتغييرات حقيقية على القطاعات كافة، وفيما يخص الاصلاح السياسي أو التحديث السياسي، هو مسيرة تتم بجعل المصلحة الوطنية أساسا للعمل وصولا لمنجز مثالي، وجاد، والأهم يحمي الوطن ومصالحه بعيدا عن مبدأ النقش على الماء، وجعل خطواته مجرد سراب، التحديث إن لم يكن كما وجّه جلالة الملك مسيرة متكاملة، لن يكون اصلاحا ولا تحديثا، وسيبقى سرابا، تلغيه وتمسحه الحقيقة كلما اقتربت خطى الواقع منه.