زاد الاردن الاخباري -
“لن نسمح للصيدليات أو المواطن بإجراء الفحص المنزلي السريع للكشف عن فيروس كوفيد ومتحوراته”.. بهذه الكلمات حسم مستشار رئاسة الوزراء لشؤون الصحة وملف كورونا الدكتور عادل البلبيسي في تصريح “الجدل الدائر حول إمكانية استخدام جهاز فحص كورونا في المنازل والصيدليات، فيما رأى أعضاء في اللجنة الوطنية لمكافحة الأوبئة أن من شأن هذا الفحص التخفيف على المواطن من الأعباء المادية والجسدية.
وتركزت تخوفات البلبيسي، المسؤول عن هذا الملف، حول إحجام بعض المصابين عن التبليغ عن إصاباتهم للسلطات الصحية، ما يؤدي الى انتشار الفيروس وفقدانهم حقهم بالعلاج، بالإضافة الى عدم ضبط الأعداد الحقيقية للإصابات في الأردن.
لكن في المقابل، قلل أعضاء في اللجنة الوطنية لمكافحة الأوبئة من هذه التخوفات، قائلين إنها “غير مبررة إذا تم السماح للصيدليات أيضا بإجراء الفحص الذاتي السريع للمواطن الذي يشعر بالأعراض، بدلا من التوجه إلى المستشفيات الخاصة، ما يخفف عليه العناء الجسدي والمالي.
ويرى عضو اللجنة الوطنية لمكافحة الأوبئة الدكتور مهند النسور انه “لا يوجد أي مبرر من تخوف استعمال الجهاز المنزلي للكشف السريع عن الفيروس، ويمكن للمواطن استعماله عن طريق الصيدلي أو بنفسه”.
وقال النسور: “لن يكون حصر الأعداد عائقا أمام وزارة الصحة، لا سيما اننا نثق بمواطنينا بالتبليغ عن إصابتهم”، مشيرا إلى أهمية كسر حاجز الخوف والقلق بين الناس حول هذا الفيروس ومتحوراته، علما بأن نسبة دقة الجهاز عالية”.
واقترح ان يكون التبليغ عن أي حالة إيجابية كشف عنها جهاز الكشف السريع من قبل الصيدلي مباشرة إلى وزارة وزارة الصحة، لافتا إلى أن هذه الطريقة “ناجحة”، ويمكن ضبط العملية وتسهيل الأمور على المواطن في ظل الأوضاع الاقتصادية الحالية.
وحاليا يقتصر اجراء الفحص السريع على المستشفيات الحكومية مجانا، وفي المستشفيات الخاصة تتراوح التكلفة بين 7-10 دنانير، بينما لم تسمح “الصحة “حتى الآن للصيدليات والمختبرات الخاصة بإجراء هذا الفحص، بل يسمح لها فقط بإجراء فحص “بي سي ار” الذي يتراوح سعره من 15- 25 دينارا.
وأما نقابة الصيدليات التي وجهت كتابا رسميا الى وزارة الصحة للمطالبة باعتماد الفحص المنزلي السريع في 4 آلاف صيدلية منتشرة في أنحاء المملكة، فجاء طلبها بسبب سرعة وصول المواطن إلى هذه الخدمة، وثقته بالصيدلي، غير أن طلبها جوبه بالرفض، بحسب البلبيسي، الذي قال: “جاء رفضنا حتى لا ترتفع معدلات الإصابات ونفقد السيطره على الوباء”.
وفي حال رفض “الصحة” بيع الجهاز بسعر مدروس ومتفق عليه مع النقابة، بسبب تخوفاتها من عدم تبليغ المواطن عن إصابته، اقترحت النقابة حلا اعتبرته “منطقيا” مفاده أن يقوم الصيدلي نفسه بإجراء الفحص للمواطن وتدوين بياناته ورقمه الوطني، على ان يتم التبليغ فورا في حال ظهور الإصابة.
وأكدت النقابة لـ”الغد” أن الصيادلة مدربون ولديهم الكفاءة لإجراء الفحص السريع الذي تظهر نتائجه خلال 15 دقيقة، لافتة إلى أن أغلب أعضائها شاركوا في حملات تلقيح بالمطاعيم الواقية من فيروس كورونا.
يشار إلى أن نقيب الصيادلة زيد الكيلاني طالب العام الماضي وزارة الصحة بالسماح للصيدليات ببيع جهاز فحص كورونا السريع، ووضع آلية لارسال نتائج الفحص للوزارة، كما تعهد أن يتم فحص أعداد أكبر وجمع بيانات ومعلومات أزيد، لاسيما في المحافظات والمناطق البعيدة.
وتعهدت النقابة بإرسال النتائج للوزارة كما هو معمول في سائر دول العالم، بحسبها، خاصة في ظل معاودة ارتفاع حالات الإصابة، معولة على “ثقة المواطن بالصيدلي”.
وجهاز الفحص المنزلي السريع، الذي حصلت “الغد” على واحد منه، هو عبارة عن جهاز بلاستيكي صغير يحوي مسحة للأنف مغلفة وتوضع في الكاشف، فإذا ظهر خطان فهذا يعني أن الاختبار إيجابي، وفي هذه الحالة على الشخص القيام بالتشخيص لتأكيد الإصابة أو نفيها، وإذا ظهر خط واحد فيعني ذلك ان النتيجة سلبية، ولا حاجة لاستكمال الفحوص.
وتحتوي علبة الجهاز التي تأتي على هيئة (باكج)، وتباع في أميركا عبر المحلات التجارية والصيدليات بـ10 دولارات (7 دنانير)، على نشرات ارشادية حول كيفية اجراء الفحص بدقة، وتشير الى إمكانية إجراء هذا الفحص لجميع أفراد الأسرة.
وبإمكان إعادة الفحص مرة أو مرتين في الأسبوع للأشخاص فوق 15 عاما في حال ظهرت أعراض للإصابة (حرارة، سعال، ضيق تنفس)، أو للمخالطين، بحسب الارشادات الطبية المرفقة مع الجهاز.
وفي رصد لـ”الغد” لتجارب دول عالمية وعربية، كانت جميعها تؤكد أهمية اجراء الفحص السريع في المنزل، وبخاصة أن هناك إصابات يمكن اكتشافها بين أفراد الأسرة الواحدة، بمن فيهم الأطفال والبالغون، في حال ظهور أعراض مرضية عليهم مشابهة لأعراض كورونا.
أما في أميركا، فقررت سلطاتها هناك توزيع هذا الجهاز مجانا على نصف مليار من مواطنيها، في الوقت الذي ترفض فيه وزارة الصحة الأردنية السماح بتوفيره في الصيدليات وبيعه بأسعار “مدروسة” للمواطن الذي تظهر عليه أعراض الإصابة بالمرض، علما بان هذا الموضوع ناقشته سابقا لجنة الأوبئة الوطنية.
وشجع المعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية في أميركا، الناس على الاستمرار في استخدام اختبارات “كوفيد 19” السريعة، كونها متوفرة وبأسعار معقولة، ولكونها سهلة الاستخدام في المنزل.
وفي المانيا، بدأت تجربتها مع هذا الكشف في الربع الأول من العام الماضي (2021) عندما سمحت ببيع سائر وسائل اختبارات كورونا الذاتية على نطاق واسع في متاجر التجزئة، بعد ان أصدر المعهد الاتحادي للأدوية والأجهزة الطبية في 24 شباط (فبراير) الموافقات الخاصة الأولى لوسائل الاختبارات للاستخدام الذاتي للأشخاص العاديين، وتوجد حتى الآن سبع موافقات خاصة.
أما في فرنسا، فيباع الجهاز للمواطن بسعر 6 يورو (5 دنانير) منذ بداية العام الماضي في الصيدليات فقط، وتمنح الثقة لمواطينها للإبلاغ عن إصابتهم، للمساعدة في اكتشاف متغيرات كوفيد 19.
عربيا، كانت قطر والبحرين من أوائل الدول العربية التي سمحت بإجراء الفحص، عبر وضع تعليمات واضحة، فوزارة الصحة البحرينية أعلنت عن توافر الفحص السريع للفيروس في الصيدليات نهاية العام 2020، بهدف تسهيل إجراء الفحص على المواطنين في منازلهم، بعد ان حددت سقف سعر الجهاز الواحد بـ4 دنانير بحرينية فقط.
لكن الوزارة وضعت عبر موقعها الإلكتروني الرسمي لائحة تعليمات لمن يرغب باستخدام الجهاز المنزلي، وبخاصة لأصحاب نتائج الكشف الإيجابية، وتتمثل بـ”ضرورة الإبلاغ فورا عبر خط ساخن للوزارة وحجز موعد لاجراء فحص المسحة الأنفية (بي سي ار)، إضافة إلى عزل المصاب ولبس الكمامة”.
وتختلف تجربة المملكة المغربية عن باقي الدول العربية، إذ تتوجه وزارة الصحة نحو اعتماد الفحص المنزلي السريع عن طريق اللعاب وليس مسحة الأنف لتسهيل مهمة الفحص على مواطنيها، اذ تظهر نتائج الفحص خلال 10 دقائق فقط، فيما اشترطت الوزارة على الشركات أن يكون سعر الجهاز في متناول المواطن، حيث يتراوح ما بين 9-11 دولارا (7-9 دنانير).