المرأة في المشهد السياسي، حالة جدلية مستمرة، فيما إذا كانت حققت خطى عملية جعلت من حضورها قويّا، أم ما يزال حضورها متواضعا، إن لم يكن أقلّ من وصفه بالمتواضع، للأسف أنه سؤال يدور في ذات الهالة من التساؤلات التي تبدأ دوما من حيث تنتهي، ذلك أن الحضور حتى الآن ورغم كل ما يبذل من جهود لرفع وتيرته ما يزال لم يحقق خطوات عملية واسعة تجعل من المرأة حاضرة وبقوة في التفاصيل السياسية المحلية.
اليوم ونحن نتحدث عن ثورة بيضاء في الاصلاح، السياسي منه تحديدا، نجد أنفسنا أمام حزمة من المزايا التي تجعل من المرأة حاضرة وبقوة في السطر الأول من منظومة الإصلاح، وفي كافة تفاصيلها القادمة، حيث شملت تعديلات تشريعات الاصلاح الكثير من التمييز الايجابي للمرأة، سواء كان في مشروع التعديلات الدستورية، أو مشروعي قانوني الأحزاب والانتخاب، ومنحها امكانيات تجعل من حضورها في المشهد السياسي والاصلاحي قويا.
جلالة الملك عبدالله الثاني الذي يسعى بكل المناسبات لتعزيز دور المرأة في المشهد المحلي، أعاد التأكيد خلال لقائه ممثلات عن القطاع النسائي في قصر الحسينية على أهمية دور المرأة ووصفه «بالمهم جدا» في عملية الاصلاح، وحثّ جلالته المرأة على المشاركة الفاعلة في جهود الإصلاح السياسي، قائلا: «لا تهبن المشاركة وتقدمن إلى الأمام»، ليوجه بذلك رسالة بأهمية دور المرأة، وكذلك بضرورته، ليضع بذلك جلالته محددات لحالة من العمل النسائي الذي يجب أن يبدأن به دون أن يهبن شيئا، وعلى المرأة التقاط هذه الرسائل الملكية الهامة بالسعي والعمل الجاد لتحقيق منجز ملموس على أرض الواقع بالعمل لا بالقول، وبالدور لا بالكلام.
كما أكد جلالته في ذات اللقاء الذي وصفته الحركات النسائية بالعلامة الفارقة بالعمل السياسي النسائي، على «أهمية مساهمة المرأة ودورها الفاعل في إنجاح عملية التحديث السياسي خلال المرحلة المقبلة، مبيناً أن صوت المرأة مهم جدا في هذه العملية»، فعندما يقول سيد البلاد أن صوت المرأة «مهم جدا» في عملية الاصلاح السياسي، هي انطلاقة حقيقية وجادة لبدء مسيرة جديدة بالعمل النسوي، تنطلق من رسالة جلالة الملك بأهمية صوت المرأة في العملية الاصلاحية، وكذلك في مسيرة التنمية بكافة أبعادها السياسية والاقتصادية والادارية.
على النساء التقاط رسالة جلالة الملك بجدّ وعمل وانجاز، يجعل من حضورها في المشهد السياسي والاصلاحي اكثر قوة، وأوسع أداء، فمن غير المنطق أن نرى مجلس نواب يخلو من سيدات فزن بالتنافس، ولولا الكوتا لم نجد أي سيدة، إلى جانب الحضور الفقير للمرأة حزبيا، اضافة لبقاء المرأة حتى اللحظة في حال نجاحه، تكون قد وصلت بجهد فردي، إذ تفتقر مسيرة دعمها لأي جهة داعمة لتمكينها سياسيا، واقتصاديا، رغم وجود بعض المؤسسات من تلك التي تضع عناوين لها دعم المرأة وتعزيز دورها وتمكينها، إلاّ أنها لا تقوم بأي دور بهذا الاطار، لتبقى قضايا المرأة تراوح مكانها في الكثير من التفاصيل، وبذات المشاكل وذات القصور، دون أيّ حلول.
رؤى مختلفة، لواقع المرأة، عليها استثمارها وأن تسعى لتأسيس واقع جديد ينطلق من مخرجات الاصلاح السياسي، الذي تضمّن الكثير من المزايا، وفي تطبيقها يمكن تحقيق قفزات واسعة نحو الكثير من المنجزات في حضورها السياسي، بشكل يخرجها من تواضع العمل والمنجز، بل وانعدامه في مساحات معينة، إلى مساحات العمل الحقيقي، وذلك لن يكون إن لم تخرج المرأة من حالة ضعفها لقوّة في الحضور والانجاز، بتحقيق دور لها.. دور وصفه الملك بالمهم جدا..