في البحث عن أسباب التوتر وصناعة الرأي العام، والقضايا التي يثيرها الأردنيون تجاه واقعهم وسياسات حكوماتهم، يحتاج الملاحظ العلمي لتحليل كيفي للرأي العام والقضايا العامة وصناعته، والمواقف التي يتبناها الأردنيون والعوامل النفسية ومحركات الغضب الاجتماعي والسياسي.
في لحظة ما، يبرز اسم شخص مقيم في الخارج، يعلن أنه أراد اقامة شركة صناعية في الأردن، وان المعيقعات البيروقراطية والفساد حالا دون تحقيق النجاح له في الأردن، وأنه حصل على ما يريد في تركيا مثلاً أو البيرو او اوكرانيا أو غيرها.
وفي زاوية أخرى يظهر اسم لأردني يقيم نشاطا ويريد تصدير بضاعة للأردن، وتبدأ قصة النخوة والفزعة، وانه يريد ان يكسي الفقراء ويطعم من لا قوت لهم، وتبدأ الانتصارات، ويتحول هذا او ذاك لبطل عبر شبكات التواصل.
هذا طبعًا لا يعني رفض مقولة :»اعداء النجاح في الأردن»، ولا ينفي وجود مواجهة ورفض لمن يريد ادخال بضاعة منافسة ذات جودة وسعر مقبول لمنافسة مدخلات شركات تجارية باتت اشبه باقطاعيات تحتكر بعض السلع، لكن هذا لا ينفي عدم صدقية مقولات البعض ممن يريدون أن يظهرون بشكل الضحية في الأردن .
نعم هناك مجموعات مصالح، وهناك رغائب وطنية لدى أردنيين في الخارج في سرد قصتهم أو افادة أهل وطنهم بايصال منتجات جيدة للأردنيين، وهناك في المقابل ساسة ومعارضون يريدون التحول لأبطال عبر فضاء «السوشيال ميديا» والتحول لـ»ترندات» وعوامل تأثير.
نعم هناك اخطاء إدارية في الدولة وراء افشال البعض هذا أمر مقطوع به، وربما هذه الاخطاء كانت سبب نعمة وباب فرج دفع الأردني إلى الهجرة، وربما هناك رغبة بعدم دخول منافسين لنافذين في السوق الأردني جعل البعض يهرب، لكن لا يعني أن البلد تحول دون تقدم أبنائها.
هناك رأي عام يتشكل في الأردن فجأة، وهناك اشخاص يطمحون للـتأثير وصناعة الإعلام، وثمة قابلية عند الناس لتلقي أي معلومة وتبنيها، وبالتالي تبدأ محطة من الـتأثير والفوضى.
في المقابل، إنّ شعور الأردنيين بأنهم فشلوا في السياسات العامة والسياسة وفي الإصلاح والديمقراطية وفي محاربة الفساد وفي التنمية ما هو إلا مناخ سلبي يغذي كل انواع التطرف والتعصب والاحتقان والغضب الشعبي الذي يتم تفريغة بالبحث عن ابطال افتراضيين واصحاب قصة نجاح سواء حقيقي او فيها نسبة من الصحة ليكونوا تعويضًا عن خسائر الحاضر والراهن المليء بالفشل وغياب الثقة بأداء الحكومات.