أول وكالة اخبارية خاصة انطلقت في الأردن

تواصل بلا حدود

أخر الأخبار
إصابة أربعة طلاب أردنيين بحادث سير في جورجيا نيويورك تايمز: هدنة محتملة بلبنان لـ60 يوما الصفدي: يحق لنا التباهي بحكمنا الهاشمي ونفخر بدفاع الملك عن غزة حقوقيون : مذكرة اعتقال نتنياهو خطوة حاسمة نحو تحقيق العدالة الدولية الكرك: مزارعون ومربو أغنام يطالبون بإعادة تأهيل الطريق الموصل إلى مزارعهم عجلون .. مطالب بتوسعة طريق وادي الطواحين يديعوت أحرونوت: وقف لإطلاق النار في لبنان خلال أيام الصفدي: حكومة جعفر حسان تقدم بيان الثقة للنواب الأسبوع المقبل حريق سوق البالة "كبير جدًا" والأضرار تُقدّر بـ700 ألف دينار الميثاق: قرار "الجنائية الدولية" خطوة تاريخية نحو تحقيق العدالة للشعب الفلسطيني الازمة الاوكرانية تقود أسعار النفط تجاه ارتفاع أسبوعي الصفدي: عرضنا على العمل الإسلامي موقعًا بالمكتب الدائم إصابة طبيب ومراجعين في مستشفى كمال عدوان صديق ميسي .. من هو مدرب إنتر ميامي الجديد؟ الأردن .. نصف مليون دينار قيمة خسائر حريق البالة بإربد بريطانيا: نتنياهو معرض للاعتقال إذا سافر للمملكة المتحدة الداوود يستقيل من تدريب فريق شباب العقبة انخفاض الرقم القياسي لأسعار أسهم بورصة عمّان مندوبا عن الملك وولي العهد .. العيسوي يعزي عشيرة النعيمات. وزير البيئة يلتقي المنسقة المقيمة للأمم المتحدة في الأردن

كورتي جهنم

22-01-2022 05:17 AM

كلما نظرت إلى الركن الأيسر من خريطة الوطن العربي لألمح حدود البحر الأبيض المتوسط مع المحيط الأطلسي رأيت بلدين عملاقين متجاورين يتوضعان على الخريطة بجانب بعضهما ليظهرا كأنهما حارسا الشمال الغربي للقارة السمراء يقفان على بوابتها الشمالية بشموخ ليقابلا أمواج البحر المتلاطمة التي تأن بحزن على ما تراه من حال الشواطئ التي تمر بها و هي تتكسر على صخورها التي تشكو لبارئها عز و جل ما حل بها من وجد و شوق و لوعة على فراق من كانوا يوما سادة بحر الروم بلا منازع فغدوا اليوم لا ناقة لهم فيه و لا جمل إلا ما خلا نصيبهم من قليل الكيلومترات التي تحكم حدودهم و ترسم ملامح دولهم و تثير ما بينهم نار الخلاف و الشقاق المستعرة فيما بينهم و حولهم ذئاب تفوح من أنيابها رائحة الغدر و القذارة و الخبث تنظر لتلك الفتنة ضاحكة مستبشرة تنتظر سقوط الضحايا من كلا الطرفين لتنقض عليهم و لتقطع أوصالهم فيزيد الانقسام و يضمحل الوئام بين بلدين كانا في يوم من الأيام مفخرة العروبة و الإسلام .

عن الجزائر و المغرب أتحدث و من ينحدر من أي بلد منهما يعلم تماما معنى الكلمة الأولى التي عنونت فيها هذا المقال فكلمة كورتي معروفة لدى العامة من كلا الشعبين و هي مشتقة من الكلمة الفرنسية (courtier) و تعني الخادم أو الوسيط أو السمسار و في الدارجة العامية في كلا البلدين تعبر هذه الكلمة عن الذي يمتهن مناداة الركاب و إحضارهم للجلوس داخل مركبات الأجرة و حافلات النقل داخل المجمعات و مواقف و ساحات مركبات النقل العام لا سيما في المدن الكبرى المكتظة بالسكان في كلا البلدين .

تقوم مهنة الكورتي على مبدأ جلب الركاب لمركبة أو لحافلة ثم أخذ نسبة محددة من السائق لتلك المركبة أو الحافلة عن عدد الركاب الذي يجلبونه و هم بالتالي يقتسمون أجرة الركاب مع سائقي الحافلات و المركبات وفق نسبة معلومة سلفاً و بذلك تكتمل حلقة من حلقات سلسلة أحداث يومية تشكل واقع حياة الناس البسطاء في كلا البلدين .

ليست الفكرة هنا في الحديث عن طبيعة هذه المهنة و سلبياتها و إيجابياتها لكن المثير في الأمر أن تمتهن دولُ تزعم أنها دول كبرى و ذات سيادة في العالم هذه المهنة بغرض إذكاء نار الحرب و الفتنة بين بلدين شقيقين يربط بينهما تاريخ من العلاقات الوطيدة و القوية منذ القدم فمنذ فجر التاريخ سكنت القبائل الفينيقية أرض المغرب و الجزائر ثم سكنت قبائل الأمازيغ فيهما مرورا بالحضارة الرومانية ثم الفتح الإسلامي لهما و الذي استمر حتى تقاسم البلدان تبعات الاحتلال الفرنسي البغيض الذي كان أول من غرس الشقاق بينهما قبل حصولهما على الاستقلال منه أواسط القرن الماضي و طوال تلك الحقبة الماضية تجسدت روابط الأخوة بين شعبي البلدين بشكل بارز فما بين الاندماج بالمصاهرة بين القبائل و التقارب في العادات و الثقافات و اللغة و الدين تولدت لدى الشعبين أواصر القربى و المودة ليصبحا نموذجاً مشرقاً في التآخي و الوفاق ما أوغر في قلوب الحاقدين عليهما من الفرنسيين و الإسبان الذين شعروا بمدى خطورة الاتحاد بين البلدين و مدى خطورة ذلك على مصالحهم الإقليمية في حوض البحر الأبيض المتوسط لا سيما بعدما تنامت أطماع الدول الأوروبية و في طليعتها فرنسا و إسبانيا و البرتغال و بريطانيا في نهب مقدرات القارة الإفريقية و سلبها ثرواتها إرضاءً لجشع و غرور الإنسان الأوروبي الأبيض الذي رأى في تفرقة الدول و الشعوب و بث الفتنة و الفرقة خير وسيلة للسيطرة على تلك الدول و تدميرها و طمس هويتها و فرض التبعية عليها .

كان النصيب الأكبر من نار الفتنة التي أشعلها الغرب في دول المغرب العربي هو ما دار بين البلدين الجارين المغرب و الجزائر فزرع الفرنسيون و الإسبان من بذور الفتنة و الشقاق بأدواتهم القذرة الشيء الكثير ليضمنوا بقاء اشتعال جذوة الفرقة هناك قدر استطاعتهم بين شعبين تقاسما النضال ضد مغتصبي الأرض المحتلين فكانت البداية الخلاف سنة 1956 حيث استطاعت فرنسا اختطاف طائرة تضم على متنها وفداً من جبهة التحرير الجزائرية و ألصقت التهمة بالمغرب و زعمت أنها لم تتدخل بالموضوع ثم تبعها النزاع المسلح سنة 1963 فيما عرف تاريخيا بحرب الرمال على إقليم تندوف المتنازع عليه ثم تلتها الأزمة الدبلوماسية بين البلدين عقب إعلان تشكيل جبهة البوليساريو في الصحراء الغربية (التي دعمتها فرنسا من خلف الستار) عام 1973 و دعم الجزائر الفوري المعلن لأعضاء الجبهة و أنشطتهم مما نجم عنه مشاحنات سياسية بين البلدين بقيت مستمرة طوال ثلاثة عقود من الزمن تبادل فيه سياسيو الدولتين رمي الاتهامات بإحداث خروقات أمنية و محاولة المساس بالسيادة الوطنية حتى وصل الأمر لإغلاق الحدود بين البلدين في عام 1994 إثر اتهام الحكومة المغربية للجزائر بالوقوف وراء تفجير فندق أطلس أسني بمدينة مراكش رغم أن الأدلة الجنائية آنذاك أشارت لوقوف جهات غربية مجهولة خلف الحادث، و لم تهدأ الأوضاع المتوترة بين البلدين سوى في عام 2005 عندما التقى العاهل المغربي الملك محمد السادس و الرئيس الجزائري السابق عبد العزيز بوتفليقة لأول مرة في الجزائر وسط حذر و ترقب من فرنسا خوفاً من عودة المياه لمجاريها فسعت لإذكاء الانقسام مرة أُخرى من خلال تحريض جبهة البوليساريو على إعلان طلب استفتاء جماهيري للمدن الواقعة في الصحراء الغربية تمهيداً لإعلان الاستقلال عن المغرب و الزعم بأن الجزائر هي صاحبة الفكرة و المقترح و ذلك في عام 2007 لتعود التوترات الدبلوماسية بين المغاربة و الجزائريين بعد فترة هدوء و محاولة للارتقاء في العلاقات بين البلدين لم تدم أكثر من سنتين لتعود الفتنة للاستيقاظ من جديد و بشكل أقوى وصولاً لشهر أغسطس من عام 2021 حيث أعلنت الجزائر قطع العلاقات الدبلوماسية مع المغرب و بشكل نهائي رغم ارتفاع الأصوات الشعبية في كلا البلدين لإنهاء القطيعة التي أساءت لسمعة البلدين و تاريخهما العريق .

لكن لاعباً خفياً آخر بدأت بصماته تظهر تدريجياً على الساحة و بشكل لافت عكس مساهمة واضحة في رسم صورة العلاقات المشوهة بين البلدين الجارين و دعوة منه لتأصيل الخلاف الدبلوماسي ليصبح هو الأساس لا الأمر المستجد بين الشعبين الشقيقين ،و قد كانت بداية تدخل هذا الطرف سيء السمعة و الذكر عبر إعلانه الوقوف لجانب المغرب ضد الجزائر في نزاعه مع جبهة البوليساريو و دعمه للموقف المغربي و زعمه بتدخل الجزائر بالشأن المغربي و سعيه لحث المغرب على بدء نزاع مسلح جديد ضد الجزائر مدعوما بإتفاقية دفاع مشترك بينه و بين المغرب و صفقات تزويد بأحدث الأسلحة المتطورة كنتيجة للتطبيع معه .

عن الكيان الصهيوني أتحدث هنا و الذي يمثل برأيي الشخصي كورتي جهنم فهو أكثر الأطراف المستفيدة حالياً في حال وقوع حرب لا سمح الله بين المغرب و الجزائر كما أنه الأكثر حرصاً في الوقت الراهن على دعم جميع الملفات المتعلقة بالنزاع المغربي الجزائري من إقليم تندوف وصولاً إلى الصحراء الغربية و كله أمل و رغبة بأن تندلع رحى حرب ضروس تحرق الأخضر و اليابس و تقتل حلم الاتحاد المغاربي بين الجزائر و المغرب و الذي لطالما كان حلماً جميلا عصياً على النسيان في ذاكرة كلا الشعبين الشقيقين و الذي إن تحقق فسيغضب الكثيرين من أدعياء الديمقراطية و حقوق الإنسان و السلم العالمي مثل فرنسا و إسبانيا و بريطانيا و الولايات المتحدة و بلا شك الكيان الصهيوني الذي سيموت بغيظه فيما لو تحققت الوحدة المغاربية بين دول المغرب العربي .

ختام القول بأن الكيان الصهيوني ما هو سوى سمسار قميء العقيدة و الأخلاق سيستخدم قذارته و خبثه و مكره و إغراءاته المختلفة لجلب زبائنه المطبعين معه و المغفلين و الخونة المسارعين فيه خشية أن تصيبهم دائرة حيث سيقودهم نحو الركوب في مركبة الدمار و الهلاك أو في الحافلة التي ستستقر نهاية رحلتها في نار جهنم و العياذ بالله و لكن يا حسرة على قومٍ لم يعلموا بعد أن الله تعالى غالبُ على أمره و لو كره الكافرون .










تابعونا على صفحتنا على الفيسبوك , وكالة زاد الاردن الاخبارية

التعليقات حالياً متوقفة من الموقع