في حراك الأردنيين نحو تأسيس أحزاب جديدة، الكثير من التعبيرات والإشارات والملامح التي يجب التوقف عندها قبيل الحكم على مدى نجاح العملية الجديدة او عدمه، وقبل الذهاب إلى تفسير المسار العام لحركة التحول المدني الأردني باتجاه الاحزاب والبرلمان المحزّب، فإنّ المهم الإفادة من دروس الماضي والحاضر.
أمّا الواقع فهو يقرر سلفًا أن انشغال الناس في السياسة ليس كما يجب، ولا كام كان قبيل عقود، وليس هناك ظواهر سياسية عميقة، وأن القوى الفكرية والايدولوجية تراجعت وضعفت، وان الراهن لا يوجد فيه ايمان عريض بالافكار الكبرى التي كانت موجودة في القرن العشرين، تلك حقبة ولّت وانتهت، وكانت الدولة تتماها فيها مع الشعارت التي تطرحها الاحزاب والشارع، من مثل: العيش الكريم والوحدة العربية وتحرير الأقصى وغيرها من الشعارات.
اليوم يبقى القليل من الافكار والشعارات العابرة، ويذهب الناس إلى ظرفية جديدة، وتحول مطلوب منهم فيه المشاركة وفق برامج حزبية، وهذا أمر ليس بالسهل، وله متطلبات تتجاوز مسألة القيادة والهيئة التأسيسية لاي حزب ومنها: التفكير بطريقة تواصل جديدة مع القواعد الشعبية والناس، والتخلي عن الوعود البالية وتادية رجال الاعمال لدور افضل في الدعم والرعاية، وتوجيه الدعم وفق قواعد عادلة لمناصري الاحزاب، والتعلم من تجارب الآخرين الناجحة (حزب المؤتمر الوطني في الهند وبنائه تحالفات عريضة، وجبهة التحرير الوطني في الجزائر وحزب الوفد المصري..) في العمل على بناء الشراكات والتحالفات حول قضايا وطنية كبرى، كما يجب تقديم الشباب للصدارة بشكل حقيقي وليس بشكل تمثيلي فج.
الشباب هنا عليهم ان يشترطوا نسبة لهم في تشكيل القيادة الحزبية والقوائم، وفي المكتب التنفيذي، وفي المقابل يجب الإفادة من تمثيل المرأة بشكل يتجاوز عقدة الكوتا، كما يجب انشاء قواعد مستدامة للدعم ولا يمكن التعويل على الدعم الحكومي.
تبقى مسألة تحدي الإعلام والدعم، وتحييد جهاز الدولة الإعلامي لخدمة كل التيارات بعيدا عن تصنيفات المعارضة والموالاة، ويجب الإفادة من مخرجات اللجنة الملكية التي وفرت بيئة قانونية للأحزاب غير مبهمة وواضحة للتعامل مع مسائل الترخيص والدعم والتمثيل البرلماني.