شهدت النسخة الحالية من كأس الأمم الأفريقية لكرة القدم (الكان) و المقامة في الكاميرون مشاركة سبعة منتخبات عربية ضمن الفرق التي تأهلت للبطولة و هذه المنتخبات السبعة هي: مصر و تونس و الجزائر و المغرب و موريتانيا و السودان و جزر القمر .
لكن أداء المنتخبات العربية جاء دون المتوقع مخيباً آمال الكثيرين ممن عقدوا الآمال على رؤية معظم تلك المنتخبات العربية ضمن المربع الذهبي للبطولة الأمر الذي دفع معظم النقاد الرياضيين للتعليق بشكل سلبي على أداء معظم المنتخبات العربية خلال مباريات دور المجموعات في البطولة .
نستعرض في الفقرات القادمة تحليلاً موجزاً لكل منتخب من المنتخبات السبعة للوقوف بشكل مجمل على مستوى أدائه في دور المجموعات.
1- المغرب :
تواجد المنتخب المغربي في المجموعة C و التي ضمت أيضاَ منتخبات غانا و الجابون و جزر القمر و قد أنهى دور المجموعات متصدرا لمجموعته حاصداً سبع نقاطٍ من فوزين متتاليين على غانا بهدف دون رد و على جزر القمر بهدفين دون رد ثم اختتم المشوار بتعادل غير مقنع مع الجابون بهدفين لكل فريق مسجلاً خمسة أهداف و متلقياً لهدفين في شباكه ،و على الورق فقد كان تأهل المنتخب المغربي متوقعاً لسهولة مجموعته نسبياً مقارنة ببقية المجموعات الأُخرى من جهة و للجاهزية الفنية و البدنية العالية لعناصر المنتخب من جهة أُخرى و هو ما تم حرفياً على أرضية المستطيل الأخضر و لكن هناك علامات استفهام مهمة يجب على الجهاز الفني بقيادة المدرب البوسني خليلوزتش الانتباه لها إن أراد الاستمرار في الأدوار الإقصائية في البطولة و أبرزها كانت ضعف خط الهجوم فمن خمسة أهداف سجلها المنتخب المغربي كان نصيب مهاجميه هدف واحد فقط و البقية تكفل بها لاعبوا خط الوسط و هو ما لاحظه المتابعون الذين أشادوا بلاعبي خط الوسط الذين استطاعوا فرض سيطرتهم و أسلوب لعبهم بشكل جيد على لاعبي المنتخبات المقابلة ، علامة استفهام أُخرى ظهرت في العمق الدفاعي للمنتخب المغربي و الذي تلقى هدفين من الجابون في منتهى السذاجة التكتيكية من حيث تمركز قلبي الدفاع ما جعل النقاد يتوقفون طويلا عند تحليل تلك المباراة فالمنتخب المغربي كان واضحاً عليه الانفلات الدفاعي و عدم الالتزام بمراقبة رأس الحربة لدى الفريق المقابل و بالتالي فعلى الجهاز الفني تدارك هذا الخلل في الأدوار الإقصائية للبطولة .
2- جزر القمر :
تواجد منتخب جزر القمر في ذات المجموعة رفقة المنتخب المغربي و هي المشاركة الأولى له في البطولة و قد أنهى دور المجموعات في المركز الثالث خلف منتخبي المغرب و الجابون بعدما خسر منهما بنتيجة هدفين لصفر و هدف لصفر على التوالي و لكنه تفوق على المنتخب الغاني الذي كان أحد المرشحين للوصول للمربع الذهبي للبطولة بعدما سجل فوزا تاريخياً و مستحقاً عليه بثلاثة أهداف مقابل هدفين ليظفر بالمركز الثالث في مجموعته مسجلاً ثلاثة أهداف و متلقياً لخمسة أهداف في شباكه ليتأهل للدور التالي للبطولة بعد حصوله على رابع أفضل مركز ثالث في دور المجموعات ليشكل ذلك نقطة مضيئة في مسيرة الفريق ضمن بطولة كأس الأمم الأفريقية و خصوصاً بعدما تأهل إليها بشق الأنفس نظراً لتواضع مستواه فنياً قياساً لبقية منافسيه في المجموعة و هو المنتخب الذي لم يكن مرشحاً أصلاً لتجاوز دور المجموعات لكنه فجر مفاجأة من العيار الثقيل و استطاع أن يطيح بالمنتخب الغاني خارج البطولة و هذا يكفيه كإنجاز في أول مشاركة له في البطولة حتى وإن خرج من الأدوار الإقصائية و بأي نتيجة
3- مصر:
تواجد المنتخب المصري في المجموعة D و التي ضمت أيضاَ منتخبات نيجيريا و السودان و غينيا بيساو و قد أنهى دور المجموعات وصيفاً للمنتخب النيجيري بعدما خسر أمامه بهدف دون رد و حقق الفوز بهدف دون رد على كل من منتخب السودان و منتخب غينيا بيساو ليحصد ست نقاط بعدما سجل هدفين و تلقت شباكه هدفاً وحيداً ليجد نفسه في الدور التالي أمام ساحل العاج أحد أقوى فرق القارة السمراء و أحد المرشحين لنيل اللقب ، المنتخب المصري بدا عليه التشتت في خط الهجوم و بشكل واضح حتى في المباريات التي فاز فيها فلم يتخطً عدد التسديدات بين الخشبات الثلاث التي قام بها خط هجومه حاجز الثلاث تسديدات في كل مباراة مما يدل على غياب فاعليته و تواضع أدائه لكن المثير للقلق أكثر هو خط الدفاع الذي ورغم تلقيه لهدف وحيد فقط طوال دور المجموعات إلا أنه عانى الأمرين في ترتيب أموره أمام نيجيريا و كاد أن يتلقى أكثر من هدف لولا براعة حارس مرماه و حتى في مبارياته المتبقية ضد خصميه المتواضعين هجومياً كانت الثغرات الدفاعية حاضرة و بشكل واضح و لو أن أحد خصميه استغل تلك الأخطاء لوجد المصريون أنفسهم خارج البطولة من دور المجموعات و بالتالي فيبدو من الصعب تجاوز منتخب ساحل العاج دون تغيير جذري في رتم اللعب لدى المنتخب
4- منتخب السودان:
تواجد منتخب السودان في ذات المجموعة رفقة المنتخب المصري و قد حصد في دور المجموعات نقطة يتيمة من تعادله مع غينيا بيساو بدون أهداف و خسارتين أمام مصر و نيجيريا بهدف دون رد و ثلاثة أهداف لهدف على التوالي و ليغادر البطولة بعدما احتل المركز الثالث في المجموعة مسجلاً هدفا ًواحداً و متلقياً أربعة أهداف في شباكه و رغم إظهاره لجهد طيب على المستوى الدفاعي إلا أن المنتخب السوداني عانى هجوميا و بشكل واضح و على مستوى خط الوسط فلم يكن هناك فاعلية في الأداء و لا حتى القيام ببناء الهجمات بشكل نموذجي نحو مناطق خصومه ليظهر الفريق و كأنه جاء ليخوض المباريات مدافعاً فقط دون القيام بأي محاولات هجومية تذكر ليغادر البطولة دونما إشادة من أحد.
5- منتخب الجزائر:
تواجد المنتخب الجزائري في المجموعة E و التي ضمت أيضاَ منتخبات ساحل العاج و سيراليون و غينيا الاستوائية و قد أنهى دور المجموعات متذيلاً ترتيبها بنقطة واحدة من تعادل مع منتخب سيراليون بدون أهداف و خسارتين من غينيا الاستوائية و ساحل العاج بهدف دون رد و ثلاثة أهداف لهدف على التوالي و قد سجل هدفاً واحداً و تلقت شباكه أربعة أهداف في واحدة من أسوأ مشاركات الجزائر في تاريخ البطولة حيث شكل ذلك صدمة و لغزاً كبيراً لمشجعي المنتخب الجزائري فرغم قوة خط الوسط و قيامه بالدور المطلوب منه إلا أن هناك عدم توفيق صاحب محاولات خط الهجوم في جميع المباريات و رغم السيطرة و الوصول إلى منطقة جزاء الخصوم و صناعة الهجمات بطريقة تكاد تكون مثالية إلا أن الرعونة و الإهدار الغريب للفرص كانا سيد الموقف مع وجود الكثير من التراخي و التهاون في الخط الدفاعي الذي لم يقم بواجباته بالشكل الصحيح لتستقبل شباك المنتخب الجزائري أربعة أهداف أخرجته من البطولة خالي الوفاض
6- تونس :
تواجد المنتخب التونسي في المجموعة F و التي ضمت أيضاَ منتخبات موريتانيا و مالي و غامبيا و قد حصد في دور المجموعات ثلاث نقاطٍ من فوزه على المنتخب الموريتاني برباعية نظيفة و خسارتين بهدف نظيف أمام كل من منتخب مالي و منتخب غامبيا مسجلاً أربعة أهداف و متلقياً لهدفين في شباكه ليظفر ببطاقة العبور للدور التالي بعد أن حل ثالث مجموعته خلف مالي و غامبيا و حصوله على ثالث أفضل مركز ثالث في دور المجموعات ليجد نفسه في مواجهة منتخب نيجيريا الفريق الأفضل أداءً في البطولة لغاية الآن و أحد المرشحين للحصول على اللقب ، و لا يخفى على من تابع مباريات المنتخب التونسي بأنه استحق و عن جدارة لقب منتخب الفرص الضائعة لكثرة ما أضاعه لاعبوه من فرص للتهديف خلال المباريات التي لعبها المنتخب فيكفي أنه المنتخب الوحيد الذي أضاع ثلاثة ركلات جزاء كانت كفيلة بجعله يتصدر مجموعته بكل أريحية فيما لو أحرز لاعبوه تلك الركلات عداك عن عديد الفرص و الانفرادات التي لو سجل ربعها فقط لكان خط هجومه الأقوى في البطولة و بلا منازع و في المقابل فإن الخلل الذي تعرض له خط الدفاع التونسي في مباراتيه أمام مالي و غامبيا مرده إلى ضعف ملحوظ في اللياقة البدنية و عدم القدرة على مجاراة التوغل الهجومي للخصوم و هو ما أربك حسابات المدرب التونسي منذر الكبير و الذي وجد نفسه في كلتا المباراتين مضطراً للدفع بعناصر بديلة لم تحقق المستوى المطلوب و لم تكن على قدر التوقعات ما يعكس نقطة ضعف قاتلة لدى المنتخب التونسي قد تكون سبباً في خروجه من الأدوار الإقصائية .
7- موريتانيا:
تواجد منتخب موريتانيا في ذات المجموعة رفقة المنتخب التونسي و قد خرج خالي الوفاض من البطولة بدون نقاط بثلاثة هزائم ليتذيل مجموعته و ليتلقى سبعة أهداف دون أن يسجل أي هدف مع تقديم مستويات ضعيفة عكست تواضعه فنيا و بدنيا حيث كان أسوأ فرق البطولة دفاعا و هجوما.
و بالمحصلة فإن أداء معظم الفرق العربية لم يصل لحجم التوقعات المأمولة منها و لربما تكون هذه النسخة من البطولة الأفريقية هي الأسوأ في تاريخ المشاركات العربية في هذه البطولة إلا لو حدثت بعض المفاجآت التي قد تعيد الهيبة للمنتخبات العربية بين الدول الإفريقية.