رمضان الرواشدة - يحلو لبعض من يكتبون في وسائل اعلام اردنية وفي صحف عربية مهاجرة اطلاق التوصيفات غير الحقيقة للسياسيين والشخصيات المشتغلة بالعمل العام في الاردن".تقرأ في هذه الكتابات توصيفات مثل هذا محافظ بيروقراطي وآخر اصلاحي ليبرالي .
وقبل الولوج في الحالة الاردنية اقول.
ان الاحزاب والتيارات السياسية تنشأ عادة اما كتعبير عن رؤية اقتصادية تمثل مجموعات سكانية واجتماعية ، او لضرورات وطنية ، او اجتماعية ، او توقا للتحرر من الاستعمار ، او تعبيرا عن " الهوية الخاصة" للجماعات والمجتمعات.
نشأة الاحزاب السياسية في الغرب تختلف كليا عن نشأتها في الوطن أالعربي . فهي في الغرب تعبيرات اجتماعية اقتصادية سياسية أملتها الضرورات الموضوعية لنشأة هذه المجتمعات.
في بريطانيا ، مثلا ،نشأ حزب المحافظين في بدايات القرن التاسع عشر لضروروات مجتمعية اقتصادية وله رؤية حول دور الدولة في التنمية وله قناعات بأن " الهوية البريطانية الخاصة" تعبّر عن امة عظيمة وذات تاريخ تختلف كليا عن الدول الاوروبية الاخرى .
امام حزب العمال البريطاني ، الذي نشأ في بداية القرن العشرين ، فجاءت نشأته تعبيرا عن ضرورة تمثيل طبقة العمال في البرلمان.وهو مزيج من نقابات العمال والجمعيات الاشتراكية وغيرها .وبرنامجه قائم على مبادىء العدالة الاجتماعية وضرورة توزيع الثروات من خلال نظام ضرائبي متحرر من اجل مصلحة الطبقة العاملة وعائلاتهم.
اما في الوطن العربي ، فبعض الاحزاب ظهرت كحركات تحرر من الاستعمار، مثل احزاب الاستقلال في المغرب العربي ، او الاحزاب القومية في المشرق العربي، واما للطبيعة الاجتماعية والهوياتية الخاصة لبعض الدول او كحركات تجديد اسلامية سياسية ذات طابع " ما – فوق – الوطنية" او امتدادات لتيارات اممية مثل الاحزاب الاشتركية والشيوعية. .
جميعنا نتمنى ان يكون لدينا في الاردن ثلاثة او اربعة تيارات رئيسة تنضوي تحت مظلتها كافة الاحزاب ، المتفرقة الآن ، والتي في طور التكوين والتأسيس حاليا ومستقبلا . وتكون هذه التيارات معبرة عن يمين الوسط من المحافظين التقليديين ، ويسار الوسط الليبرالي ، وآخر عن احزاب الاسلام السياسي اضافة لتيار المنضوين تحت شعارات يسارية او ذات طابع اجتماعي ديمقراطي.وان يتصارع الجميع للوصول الى الاغلبيية البرلمانية ومن ثم تشكيل الحكومات الحزبية.
ان من يطلق عليهم مصطلح " المحافظين" و" الاصلاحيين" في الاردن هم من السياسيين الذين عملوا في الوظيفة العامة وتسلموا مناصب عليا وقيادية ، وهم بالتالي خرجوا من رحم " السيستم ".
في الحقيقة ، وبعيدا عن التوصيفات، فإن تجديد النخب السياسية والنيابية والعينية والاقتصادية والاعلامية بات ضرورة من ضرورات التطور والتحديث ، بكافة جوانبه ،والمضي بثبات في المئوية الثانية من عمر الدولة الاردنية وهذا لن يتأتى الا عبر عملية اجتماعية سياسية وعطاء القوى والتيارات الصاعدة من رحم المجتمع الاردني فرصتها للتغيير وللمشاركة في صنع القرارات السياسية والاقتصادية والادارية والمجتمعية.