على الرغم من انحسار الناتج القومي للولايات المتحدة من 40% من الناتج العالمى الاجمالى بعد نهاية الحرب العالمية الثانية ووصولها الى واقع مستوى تقدر نسبته بـ 25%من الناتج العالمي فى هذه الفترة والذى يقدر قيمته الاجمالية بحوالى 100تيرليون الا ان الولايات المتحدة بقيت فى صدارة الدول العالمية وهذا مرده الى ميزان التعاطي الكامن فى ميزان المعادلة القائم مع سيادة حالة النقد المركزية للدولار والثقافة السائدة للغة الامريكية فى التواصل المعرفي اضف الى ذلك العلامات الفارقة الانتاجية التى تمتلكها هذه الدولة والتى تقف الصناعات المعرفية على سدتها وهو ما جعل من الولايات المتحدة نشكل مرجعية معرفية كما هى ذات منزلة انتاجية وصاحبة سيادة تسود ثقافاتها على غيرها من الثقافات الاخرى المنافسة و التى بقيت تراوح فى خانة الجغرافيا المناطقية دون واسع انتشار افقى .
وفى المرحلة الانتقالية التى نعيش اخذت بعض الدول تتقدم للمنافسة من اجل تحسين منازل حضورها فى المشهد الدولى حتى لو استخدمت الجوانب الفضة فى معادلة التاثير وهذا ما يمكن مشاهدته من خلال تنامي الحضور الصيني على الصعيد العالمي ودخول الاتحاد الروسي ضمن عناوين تحدي جديدة ومحاولة تركيا بالعودة من جديد عبر تشكيلة للناتو التركي مع انحسار المد الأوروبي بواقع عدم قدرة الاتحاد على النهوض وهو ما جعل من المشهد العالمى يذكرنا بالمشاهد التى كانت موجودة قبل بداية الحرب العالمية الاولى والثانية عندما افل نجم الإمبراطورية العثمانية فى الحرب الاولى واخذت عناوين ايطاليا واليابان والمانيا بالتشكل فى الحرب الثانية وهى الفترة التى يصطلح على تسميتها بالفترة الانتقالية للحكم العالمي والتى تعرف ( interregnum) وهى ايضا المرحلة التى يتم فيها عادة بزوغ نجم وافول نجم جديد او تمكين القائم ضمن رؤية جديدة بحكم العالم .
وعلى الرغم من التنافسية بالشكل العام القائمة من خلال الصين وروسيا الاتحادية الا ان هذه الدول التى تسعى لاعادة بلورة قواعد اللشتباك وتصميم ميزان ضوابط وموازين جديد الا ان هذه الدول مازلت لا تمتلك الارادة الكافية (القدرة والرغبة) واستخدام اليات التعبئة الذاتية للتغيير لاسباب ذاتية تندرج فى الجوهر البنوي لطبيعة انظمتها التى غيرت فى الشكل وابقت على المضمون ومازال العصب الحامل لانظمتها وميزان الاوتاد لمجتمعاتها يرسخ تحت وطاة نماذج شيوعية مغلقة واشتراكية كامنة وان كانت تتعاطي بطريقة ليبرالية مع المجتمع الدولي .
وهذا ما يجعل من حركتها حركة فاعلة لكن ليس بالقوة القادرة على فرض ايقاع جديد عبر جملة التحدي كما يصف ذلك بعض السياسيين فان الفتره الانتقالية التى نعيش هى فترة احتكام لميزان التحكم يتم عبرها اجازة خيارات اكثر من اعادة توازنات وستقوم الولايات المتحدة بترسبم تشكيلاتها الجديدة بناءا غلى معطيات ليست عبر ميزان القوة الاستراتيجية فحسب بل لامتلاكها اليات التواصل الجديدة ومفرداتها التى يحتاجها الجميع فى قيادة العالم عبر الصناعة المعرفية التى تمتلك ابجدياتها ومنفردات تكوينها وهى الصورة التى يريدها جوبايدن ان يراها فى قيادة العالم من باب مشروعية قبول وليس عبر شرعية اقرار وهذا ما يجعل برنامجه فى قيادة العالم يحقق مراميه بعد حالة الاقرار الضمنى للدول الصاعدة باهمية الولايات واحقيتها فى قيادة العالم .