حق الشباب بحضور قويّ في المشهد الإصلاحي وتحديدا السياسي منه، مسألة هامة ربما هي الأهم على الأجندات الحوارية وحتى الجدلية بين فئة الشباب أنفسهم، وبين أصحاب الإختصاص، ورغم اختلاف وجهات النظر بهذا الخصوص إلاّ أن رؤى جلالة الملك عبدالله الثاني اختصرت كلّ ما يثار بهذا الشأن في فتح الباب أمامهم ليكونوا مشاركين في صناعة القرار الاصلاحي وكذلك في الحياة السياسية، بشكل عملي ليس قولا.
لم يغب الشباب عن أجندة جلالة الملك يوما، إنما حضروا بشكل قوي ونشط، فكان تمثيلهم قويا في الكثير من اللجان وأحدثها اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية، التي حضر بها الشباب بشكل فاعل، وكان لهم حراك لصالح قضايا الشباب بشكل لافت، وتبع ذلك تعديلات تشريعية في منظومة التشريعات الاصلاحية جاءت داعمة لحضورهم بشكل قويّ تحديدا في الشأن السياسي، مما يعكس الدعم الملكي الكبير لهذه الفئة التي تشكّل أكثر من نصف المجتمع المحلي.
جلالة الملك عبدالله الثاني وخلال لقائه أمس الأول، بحضور سمو الأمير الحسين بن عبدالله الثاني ولي العهد، شبابا ناشطين بالعمل السياسي والاجتماعي من مختلف المحافظات، أكد على «أهمية دور الشباب في مسار التحديث السياسي، مشددا على ضرورة توفير الحماية لمشاركتهم في الحياة السياسية»، كما أكد جلالته على «دعمه للشباب والمرأة لتمكينهم وتقوية دورهم في المشاركة السياسية والانخراط بالأحزاب»، موجها بذلك جلالته رسائل هامة لتعزيز دور الشباب في نهج الأردن الاصلاحي، ليس هذا فحسب إنما وجّه جلالته بضرورة توفير الحماية لهم لجعلهم شركاء حقيقيين في الحياة السياسية، وفي ذلك رسالة مثالية بتجاوز فوبيا الأحزاب والانخراط بالعمل السياسي التي تسيطر على ذهن بعض الشباب وذويهم.
جلالة الملك.. وفي اطار تشجيع الشباب على الانخراط بالعمل السياسي، بين «ضرورة تشكيل أحزاب وطنية تستند إلى برامج سياسية واقتصادية واجتماعية، يكون للشباب صوت قوي فيها، قائلا «نريد أحزابا قائمة على برامج، لا أشخاص»، ليوجّه بذلك جلالته ليس فقط للشباب، إنما رسالة في شكل الأحزاب المنتظر رؤيتها في المشهد السياسي، فالحديث اليوم عن تشكيل الأحزاب يجب أن يكون مبنيا على البرامج وليس على الأشخاص، هي رسالة ملكية بأن يكون الحزب مبنيا على أسس صحيحة تحضر بها البرامج التي تليق بثورة الاصلاح التي تعيشها البلاد.
في لقاء جلالة الملك مع الشباب امس الاول الإثنين، أهمية كبرى لتسليط الضوء بداية على فئة الشباب وأهمية حضورهم في مسيرة التحديث، بشكل عملي، ومشاركتهم الآراء حيال مختلف القضايا وفي مقدمتها بطبيعة الحال الشأن الاصلاحي، يضاف لها حثّ الشباب للانخراط في هذه المسيرة وجعلهم عنصرا فاعلا بها، ومؤثرا، سيما وأن جلالة الملك وضع لهم محددات لعملهم بهذا الشأن، عندما أكد جلالته «أنه لا يوجد أي خوف من التقدم بالإصلاح السياسي»، ووضعهم أمام واقع ربما يحتاجه كافة الشباب لمعرفة أين تذهب خطاهم في هذه المسيرة وأين هو دورهم بها، فهي محددات ملكية واضحة للشباب ولمن له علاقة بهم بمن فيهم أسرهم والمجتمع بشكل عام.
ولا يختلف اثنان على الأهمية السياسية للشباب فهم بناة المستقبل، إذ يكمن عامل السن في دور كبير ومختلف، ليس فقط في تحديد درجة الاهتمام السياسي، إنما أيضا في القدرة على التغيير وفرض شكل جديد لتفاصيل كثيرة، مما يجعلهم في واقع الحال قوة سياسية منفتحة متجددة، حتى أن الحزب الذي يحوز على ثقتهم ويمتلك عقولهم وفكرهم وأدواتهم، فإنه دون أدنى شك يحصل على تقدم سياسي كبير، ويكون نموذجا لحالة سياسية ناضجة تتناسب والتحديث الذي يأمله الجميع، وفي دعم جلالة الملك للشباب ودفعهم باتجاه الخوض في غمار التحديث السياسي والعمل الحزبي، دافع كبير لجعلهم جزءا أساسيا في الجديد القادم.