مهدي مبارك عبد الله - قال الامام علي ابن ابي طالب كرم الله وجهه يستدل على عقل الرجل بحسن مقاله والعاقل من عقل لسانه ومن ساء كلامه قل احترامه وكثر ملامه ومن ساء لفظه ساء حظه وضاق صدره فلا تسيء اللفظ وإن غاب عنك ادب الجواب
تناقلت معظم المواقع الإخبارية ومواقع التواصل الاجتماعي يوم السبت 29 / 1 / 2022 خبرا ليس مستغربا لتكراره لكنه مرفوض ومدان بصيغته واوانه وهو ما يمكن وصفه بالغير أخلاقي والمستنكر بكل ما ورد فيه من عبارات التهكم والشتم والتحقير بحق ابناء الشعب الاردني من قبل وزير أسبق شغل قبل سنوات حقيبة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات حيت وصف الأردنيين وبدون وجل او خجل بالتيوس عبر صفحته على موقع الفيسبوك
حين كان يجلس في برجه العاجي وقصره المنيف يداعب بيداه ريموت المكيف الضخم ويتمتع بالدفء الممل ويشغل عينيه بمشاهدة افلام الشاشة العملاقة وهو يتذوق أغلي المكسرات وأشهى المقبلات ويتابع توار الصور لأبناء الشعب الأردني البسطاء من حجرته المحصنة بشبابيك زجاج الدوبليكس حيث افزع المشهد بكل تفاصيله خلوة معاليه وعكر صفوه واثار حنقه وأطلق غضبه غير المبرر
فسن عقله وكتب على موقعه مستهجنا خروج بعض الشباب والأطفال والعائلات الاردنية فرحين وهم يستمتعون بتراكم الثلوج وعطاء الخير وجود السماء في مثل هذه الأجواء الخيرة حيث قال فيهم أشد مما قاله مالك في الخمر بحجة عدم جاهزية البنية التحتية المتهالكة والتعطيل على الغير ( بارك الله في هذا الحرص المصطنع والمزيف الذي كنا نفتقده فيك وانت تقبض بنواجذك على كرسي الوزارة ) وبهذه المناسبة نتمنى على كل( الشبعانين ) أن لا يلوموا البؤساء والفقراء والجوعى والعاطلين عن العمل على انفعالاتهم العفوية وفرحتهم البريئة
سوق التوصيات والنعوت البذيئة بهذا الشكل المستهجن هو منطق ولغة من فقدوا القدرة على الاتزان وبدأ الوهن يدب في نفوسهم قبل أجسادهم وصاروا يشعرون أنهم قاب قوسين أو أدنى من الاندثار والرحيل لان القوي والواثق من نفسه لا يمكن أن يلجأ إلى هذا الأسلوب ولا يمكن أن يستخدم مثل تلك الألفاظ المسيئة التي لا تقبلها أعرافنا وعاداتنا وتقاليدنا علاوة على ديننا الإسلامي السمح الذي نهى حتى عن شتم الذين كفروا برب العالمين
فكيف إذا ما تفوه بها رجل يفترض أنه واجهة اجتماعية ومرجعية سياسية وصاحب خبرة طويلة ومتمرس عمليا حيث كان ( وزيرا في خدمة الأردنيون ) وممثل لهم في فترة من الفترات اليس من المعيب والعار بعد كل هذا ان يشتمهم بأقذع الصفات ثم الا يعلم ذلك الوزير بان الأردنيون هم أكرم من ينعتوا بالتيوس ام هي غضبة مستعجلة ومفتعلة ودخيلة ورائها ما هو مخفي واعظم خاصة وانها وبحسب رأي الكثيريين
جاءت من باب الشوشرة والتوتير والإثارة بطريقة مكشوفة لتلميع الشخصية واثبات الوجود على حساب الوطن والمواطن من خلال توظيف الاحداث والظروف التي تمر بها البلاد لقد أصبحنا نفقد القدرة على استيعاب كثرة المسؤولين الذين يسيئون للأردن وابنائه بمجرد خروجهم من الوظيفة العامة وهم من زوايا حياتهم الخاصة المخملية المنعمة ورواتبهم الخيالية التي يتقاضونها من جيوب الأردنيين الفقراء يصدعون رؤوسنا ليل نهار بقيم الوطنية والولاء والانتماء وهم ابعد من ذلك كحال الثرى والثرية في الأرض والسماء
أيها الوزير المتصنع الغضب والراقد في رغد العيش والمتغافل عن الحال المؤلم والعصيب لشظف حياة الكثير من الأردنيين الشرفاء والمساكين والمقهورين والمغلوبين على أمرهم اسمح لي ان أقول لك إذا كنت تعتبر نفسك أحد أفراد الشعب الأردني فأنك حتما ستدخل معنا في وصفك وعندها فقط سنقبل منك الاعتذار على ما صدر منك وإذا كنت لا تعتبر نفسك أحد أفراد الشعب الذي شتمته فإنني أقول لك نعم نحن كما وصفتنا لأننا قبلنا بك ذات يوم مسؤولا علينا وسكتنا عليك كل تلك المرحلة التي كانت فيها وزارتك من تحتك ومن فوفقك تطفح بسوء الإدارة والتخبط وسرطان المحسوبيات
هنالك بعض المسؤولين أصحاب مناصب عالية ورفيعة ولكنهم صغار الى درجة الانحطاط بأخلاقهم وبمعرفتهم بما حولهم بعدما أصبحوا محصنين بحكم مواقعهم التي شغلوها والقابهم التي حصلوا عليها أشخاص فوق الشبهات وقضاياهم لا يجوز ذكرها
هذا التطاول المشين على كرامة ومكانة ابناء الشعب الأردني الاوفياء ليس بجديد علينا وقد حصل مرات عديدة سابقا ولا زال يحصل اليوم وسنراه غدا من قبل بعض المسؤولين الذين نعرف جيدا مبادئهم وسيرتهم الذاتية وكيف وصلوا الى مناصبهم وامتيازاتهم وهم في كل مرة يبادرون الى شتم هذا الشعب العظيم واستحقاره وعدم مراعاة شعوره والحقيقة المرة أننا ربما نستحق نحن أيها ( الرداحون ) أكثر من هذا الذي صنعناه بفعل أيدينا فلماذا نلوم ونعتب على من يشتمنا طالما تعلم شعبنا أن يسحج ويطبل ويهلل ( للي جاي ويشتم الي رايح )
ما يدفع بصورة أكبر استمرار ظاهرة شتم واحتقار الشعب الأردني من قبل بعض الوزراء والمسولين الموتورين هو استشراء حالة النفاق والجبن لدى بعضنا فعندما يأتي مسؤول سواء كان كبير أو صغير في زيارة ما يستقبله البعض بالتقديس والرياء والاطراء الكاذب وحتى الانبطاح وحينما تكون هناك مناسبة اجتماعية فلا يروق لنا إلا جلب أحد من هؤلاء الذين كانوا سببا في دمار البلاد والعباد لكي يطلب العروس أو يصلح بين طرفين علما بان تلك الشخصيات غالبا ما تكون بحاجة الى من يصلحها ويستر عوراتها
هنالك حكومات اردنية استحقت عن جدارة لقب ( مهينة الشعب الأردني ) حيث صدرت من بعض أفرادها هجمات متعددة من الألفاظ التي لا تليق بمناصبهم وقد وجه أعضائها الاهانة المباشرة لأفراد من الشعب وعلى وجه الدقة هناك ثمانية وزراء من أصل 28 وزيرا في حكومة الرفاعي الابن والتي جرى تعديلها وجهوا في اكثر من مناسبة شتائم لأفراد من الشعب الأردني الذي كان من الواجب عليهم خدمته وشكره لا شتمه
ولم تتردد حكومة سابقة عن اتهام الاردنيين بـ ( المراهقة العاطفية السياسية ) واتهام النواب الذين نددوا بجريمة اغتيال الرئيس الشهيد صدام حسين بأنهم مراهقون سياسيون لا يمتلكون شيئا من الوعي وان احد رؤساء السلطة التشريعية الذي يفترض انه يمثل الشعب كان أول من وصف الشعب الأردني بـ ( الدهماء ) وهنالك وزيرة للتنمية الاجتماعية أساءت للأردنيين بقولها انهم ( شعب وجهه بارد ) وكلنا يتذكر الوزيرة التي كان من الأولى بها أن تدافع عن المعوقين لا أن نعتت شعبنا بهذه الصفة حين قالت ( كل الأردنيين معاقين )
ولا ننسى ابدا كيف وجه وزير للتربية إساءة بالغة الى معلمي الأجيال الذين نعول عليهم الكثير من أجل تربية أبنائنا ولأنهم طالبوا بتحسين أوضاعهم طالبهم بـ ( الاهتمام بملابسهم وحلق ذقونهم ) وتنكر لحقهم بنقابة ترعى شؤونهم المهنية فيما وزير اخر للزراعة خص عمال المياومة في وزارته بتوجيه كلام غير لائق لممثلهم وطلب من حرس رئاسة الوزراء طرده ومن المفيد ايضا التذكير بوزيرة السياحة التي اهانت طلبة التوجيهي عبر حسابها على الفيسبوك بعد اعلان النتائج وما رافقها من أصوات اطلاق للألعاب النارية بوصفهم بـ ( الحمير والحثالة ) حقا ان الملافظ سعد وان الكثيرين فقدوا سعدهم
وفي سباق الإساءة الطويل واستفزاز مشاعر الأردنيين صرح وزير سابق كان مسؤول عن تطوير القطاع العام بأن الحكومة ( غير ملزمة بقراراتها التبرير والشرح للرأي ) وفي حادثة أخرى لوزير تهتم وزارته بشؤون العمل والعمال تهجم على ممثلي مزارعي وادي الأردن ووصفهم بأنهم كانوا غير حضاريين في اعتصامهم وهددهم بأنه لن يتهاون معهم في المرة القادمة قائلا سأضرب ( بيد من حديد) وفي أطلاله عجيبة لاحد وزراء التعليم العالي عبر برنامج ستون دقيقة وصف بعض أساتذة الجامعات الرسمية بأنهم لا يستحقون أن يعبروا من أبواب وزارته يبدو ان الرجل كان حريص على مستقبل التعليم العالي في الأردن
اما الإساءة التي سجلت بوضوح تام أمام الرأي العام وعدسات المصورين قبل سنوات عدة فكانت لوزير كانت ألفاظه وقحة وغير مؤدبه حين وجه عبارات الاستهزاء المخزية مثل ( بياخة وسماجة وزناخة على دلع ) واستخدم كلمات غير لائقة على غرار ( حمار وحمارة ) بحق بعض الزملاء الإعلاميين ممن نحترمهم ويتمتعون بالتميز والإبداع نعتذر عن ذكر أسمائهم
ان تكرار الشتائم والاوصاف غير اللائقة من قبل بعض الوزراء والمسؤولين بحق عموم المواطنين اضحى ظاهرة معيبة يقترفها الجهلاء منهم الذين يستندون بأفعالهم الفاضحة الى تسامح شعبنا وسعة صدره ويقينهم في كل مرة انهم يعودون بعد افعالهم المشينة الى بيوتهم بلا عقاب او مسائلة
بعد هذا السيل العرم من الإساءات والشتائم التي تعرضنا لها من قبل عدد من اعضاء الطواقم الوزارية الذين اشبعونا شتما يلزمنا الامر بالتوجيه الى رئيس الحكومة المقبلة بضرورة إجراء فحص قياس لقدرة وزرائه على حسن التعامل والتحمل والاستقصاء عن حسن ادبهم ومنعهم من الاساء اللفظية للأردنيين
وبناء عليه فأننا نقترح على مجلسي النواب والاعيان دراسة مشروع قانون يسمى قانون ( احترام الشعب الأردني ) يتصدى لكل المارقين والمزايدين الذين يحاولوا ان يجدوا لهم موقعا في الضوء حتى ولو كان ذلك على حساب الوطن وثوابته وقيادته وان يعطى التسامح لمن يستحقه فقط لان الديمقراطية تحتاج الى ديمقراطيين وليس لمن يركب صهوتها لتحقيق اجندته السوداء
باختصار شديد كلام وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات الأسبق والمعني بالأمر عيب كبير ومرفوض ومردود عليه ولا يجوز أن يصدر عن شخص يفترض أن يكون مثالاً وقدوة على الأقل لأولئك الذين يؤمنون بما يقوله او يدعو إليه كما يجب ان يعلم بان الشتم والنعوت البذية ليست مخالفة للقانون فقط لكنها ايضا مخالفة للأعراف المجتمعية وللدين وتكفي معرفة الوزير بأن الآخرين أيضا يمكنهم أن يسبوا ويشتموا وينعتوا بصفات مماثلة وان عدم السكوت على هذه السلوكيات القبيحة أصبح مطلبا شعبيا وشرعيا وحقا لا ينكره أحد لأن إهانة كرامة الاردنيين مسألة تستوجب العقاب القانوني كأولوية ملحة
هذه النوعية من المسؤولين نأمل ان لا ينالوا ثقة سيد البلاد جلالة الملك بعودتهم ثانية الى تبوء أي مناصب حكومية بحكم نظرتهم السلبية والدونية للأردنيين حين ينعتوهم بأقذع واحط وأبشع الصفات حتى ان بعضهم شتموا رموز وطنية وقامات أخلاقية ودينية ولم يبقى انسان محترم ووطني إلا وتم شتمه ومنهم من وصف الشعب الأردني كاملا نساء ورجال وشيوخ وأطفال بـ ( الحمير والزبالين والحثالة والرعاع ) وماذا لنا بعد كل ذلك غير ان نقول حسبنا الله ونعم الوكيل وان كل اناء بالذي فيه ينضح
mahdimubarak@gmail.com