فتحت مقالتاي حول «أعطاب الأحزاب» اليومين الماضيين، البابَ على «ندوة افتراضية»، تلقيت فيها فيضا من الملاحظات الجوهرية حول الأحزاب، تكشف عن اهتمام واسع، وتحذير من «فشل وطني» حسب مخاوف البروفيسور كمال ايوب الذي كتب لي: «الفشل ليس فشل أفراد أو تيار فحسب، بل هو فشل تجربة تاريخية وطنية أخرى، إن لم تتوفر لها أسباب النجاح كاملة، فمن دون الاستعداد الداخلي للأحزاب، لن يستطيع قانون الأحزاب، أن يفعل أي شيء، فنحن نعرف من تجربة الأحزاب القومية والتيارات الاشتراكية، أن بذور الإخفاق والفشل، هي نفس البذور، التي تتمثل في النقاط - الألغام الخمسة التي طرحت اخ محمد».
ويسلط الأستاذ مخلص المومني الأضواء على أس المعضلة، فيقول: «إن سلوك الناس لا يمكن تغييره بجرة قلم ولا بقانون. التغيير الاجتماعي والسياسي، مخاض طويل المدى، يحتاج إلى إعادة صياغة المفاهيم والقيم السائدة حالياً، لإحداث التغيير المنشود. ومن الخطأ توقع نتائج جذرية مختلفة في المدى القصير».
الأستاذ مالك نصراوين يعتقد أن «أصحاب رؤوس الأموال والمتنفذين، سيسعون إلى إنشاء أحزاب على مقاسهم، وبتتابع الدورات الانتخابية الشكلية، سيفوز الممولون بمنصب زعامة الحزب، ويهيمنون على قراراته، إلى ما شاء الله.
المخرج الكبير الأستاذ صلاح أبو هنود يقول للشباب الأردني المتحمس، الذي سيتقدم لخوض التجربة الحزبية، وفق محدداتها الجديدة: «الخبراتُ والتجاربُ جِرارُ العطر». مُحيلا جزءا من أسباب النجاح، إلى التجربة والخبرة التي تقي من العِثار.
يقول المتنبي:
الرأيُ قبل شجاعة الشجعانِ،
هو أولٌ وهي المحلُّ الثاني.
ثمة حماسة لخوض التجربة الحزبية، بشروط الدولة الجديدة، رغم أنه من الظلم تطبيق القانون الجديد على الأحزاب الموجودة بأثر رجعي. فحيث إن التمويل الرسمي البالغ 50 ألفا كل سنة، كان قابلة كثرة الأحزاب، فإن قطع هذا الحبل السري يعالج معضلة الكثرة.
ودائما، لدى مناقشة قوانين الانتخاب لمجلس النواب، كنت أقول، إن «نزاهة الانتخابات أهم من قانونها». وأَسمح لنفسي أن أسحب تلك المقولة على قانون الأحزاب لأقول، إن نزاهة وشفافية وعدم التدخل في تشكيل الأحزاب، أهم من قانونها.