رحل المفكر الأستاذ عدنان أبو عودة ابن فلسطين والأردن، الذي احتل مكانة مرموقة في النظام الأردني، بألمعيته وصلابته وإمكاناته الثقافية ومثابرته وإخلاصه للقراءة.
ظل عدنان أبو عودة، المحلل الإستراتيجي، الجريء، ذو الهمة، المختلف والمخالف، الشيوعي، ابن النظام، مرجعا لمراكز الدراسات والأبحاث والتحليل والصحافة العالمية، في الشأنين الفلسطيني والصهيوني، وظل يعلن: «ما حدا من القيادات العربية بفهم بالصهيونية، إلا الملك الحسين ووصفي».
كما آمن حتى النهاية، بقومية المعركة وأدان فلسطنتها.
اتصف الصديق أبو السعيد والد الصديق سعيد، بالشجاعة والوضوح في قول رأيه، والدقة في تحليلاته.
لم يلتفت إلى الخلف، وقد انفثأت اراجيف خصومه، فظل أعلى منهم كعبا وذِكرا. خاصة بعدما تكشّف أنهم يكنزون الملايين وأكثر، في حين أنه لم يتربّح من المناصب السَّنية التي شغلها.
قال عنه الدكتور مروان المعشر: «كان نظيف اليد، يشهد على ذلك بساطةُ بيته...».
لم يكترث للهجوم العاصف، حين قال «إن وصفي الذي قُتِل، هو وصفي فلسطين ووصفي الأردن، ويجب تكذيب كل من يدّعون غير ذلك».
وظل أبو السعيد طافيا بارزا، رغم كيد الأميين ومحاولاتهم الضارية لإقصائه.
وسيظل تقديري للأستاذ عدنان أبو عودة في كماله وتمامه، رغم أنه منعني من الكتابة، وفصلني من عملي في صحيفة الأخبار في أواخر السبعينات، فتلك حقبة الأحكام العرفية، وأنا لم أكن سهلا.
كانت آخر الندوات التي جمعتنا، في حزيران 2021، بمركز الدراسات الإستراتيجية في الجامعة الأردنية لإطلاق كتاب الدكتور محمد عيسى العدوان «التلفيق والتوثيق- فلسطين وآخرون حرب عام 1948».
قال أبو السعيد «إن هذا الكتاب من أهم الكتب التي تقدم التوثيق الحقيقي والصادق والعلمي المهم، عن دور الأردن في المحافظة على فلسطين والقدس والمقدسات».
ها هو المفكر الأستاذ عدنان أبو عودة يرحل، وسط تبجيل أردني، يعزز الأمل، بأن شعبنا الكبير يُبجّل الأصالة والفكر والثقافة.
ونحن في انتظار المزيد عن الراحل الكبير، في كتاب قيد الطبع، هو «الحديث الأخير- حوارتي مع عدنان أبو عودة» للروائي عامر طهبوب، الذي يتضمن جديدا لم يُكشف عن مواقفه وآرائه وشخصيته.