حسن محمد الزبن - خرج ريان الطفل، وهو يتنفس الحياة، بعد جراحة قيصرية بكل معدات الإنقاذ نحو بئر عميق، وينقل في طائرة عامودية إلى المستشفى، ليفارق الحياة، موعدا مع رحم الأرض من جديد متكفنا بالدعاء والرحمة.
الطفل ريان أورام، ابن قرية اغران، في الريف الجبلي من منطقة شفشاون شمالي المغرب، الذي أمضى خمسة أيام بلياليها، وظلمتها، وفقرها، في قعر بئر عميق تجاوز عمقه 30م، ويكتب له الحياة بلطف الله رغم ما أصابه من كسور، وصدمة الخوف، ووحشة الاغتراب عن أمه وأبيه، وقد اجتمعت الإنسانية صوبه، الإنسانية شرقيها وغربيها، في زحام من المشاعر الحنونة والمتدفقة نحوه، وكل عدسات الصحافة والاعلام، وكل القلوب والسواعد الخيرة من المجموعات الطبية والاسعاف والطوارئ، وفرق الإنقاذ، في الدولة المغربية، والأمل يتجاذب الناس بالإنقاذ وعودة ريان إلى حضن أمه وأبيه سالما معافى، عدا عن الدموع التي انهالت من عيون المتابعين انتصارا للحياة، تعاطفا واستدراكا، أن الحياة أسمى ما في الوجود، فكيف إذا كانت الحياة لطفل بعمر ريان الذي صار في عمق البئر يلتحف الأرض فراشا، والسماء غطاء.
لكن هي مشيئة الله أن يكون ريان إلى جوار ربه، بعد دقائق من إنقاذه، ليمضي مكللا بالحب والدعاء، بلسان الإنسانية وكل اللغات على وجه الأرض، وعبر كل الفضاءات، وليس لنا إلا أن نصدع لأمر الله؛ فالموت حق، وفقد ريان مصاب وأسى للإنسانية جمعاء، ولأمه أبيه من قبل ومن بعد.
رحمك الله طفل البئر، فمن بئرك تدفق الحب، وتدفقت الدموع، ومشاعر الانسانية ،،