سلامة الدرعاوي - بعض المشاريع المتعثرة التي قام بها القطاع الخاص خلال السنوات الماضية باتت تشكّل عبئاً على البيئة الاستثماريّة في المملكة، وتعطي صورة سلبية عن الواقع الاقتصاديّ نتيجة توقفها لدرجة أنها باتت معلماً من معالم تثبيط العزائم والهمم، ومثال حيّ للفشل في إدارة المشاريع وإيجاد الحلول.
مشروع أبراج السادس أحد أبرز المشاريع الكبرى المتعثرة منذ ما يقارب الـ15 عاماً، وبات عنوانا لفشل القطاع الخاص في التوافق على إنجازه واستكماله، وانتقل الفشل للحكومات التي وقفت عاجزة عن التدخل في إيجاد حلول لإنهاء حالة الجمود التي أصابت تنفيذ المشروع بسبب خلافات الشركاء بالدرجة الأولى، ولأن الأردن دولة قانون ولا تمارس أي سلوكيات رسميّة على المستثمرين بشكل يعطي الطابع “البوليسي” في التعامل معهم، لم تتمكن الاتصالات والحوارات التي أجرتها جهات حكوميّة وأهلية مع الجهات ذات العلاقة في المشروع من التوصل إلى تفاهمات تفضي في النهاية إلى استئناف عمليات البناء والإنجاز لأبراج السادس المتوقف منذ عام 2009 .
هذا الجمود الاستثماريّ في مشروع أبراج السادس وعلى هذا النحو والشكل بات يشكّل عبئاً على الاقتصاد الأردنيّ والجهود المبذولة في الترويج الاستثماريّ للمملكة، وباتت تعطي دلالات لأي مستثمر يأتي للمملكة وهو يشاهد هذه الأبراج وهي على حالتها المزرية دون اي تقدم يذكر لسنين طويلة، مما يخلق انطباعا ودلائل مهمة بأن توقف وتجميد هذا المشروع قد يكون سببه “تعاسة” السياسات الرسميّة تجاه الاستثمار، وان المستثمرين لا يرغبون باستكماله لأسباب اقتصاديّة، علما ان توقف المشروع هو قرار خاص بالشركاء بالدرجة الاولى.
أمام هذا المشهد المؤلم لهذا المشروع وغيره من المشاريع المتعثرة والتي كما قلنا وصفت سابقا بأنها باتت معالم للفشل الاستثماريّ، فإن الحكومات ومؤسساتها الرسميّة مطالبة بالتدخل الإيجابي لحماية الاستثمار ودعم الجهود المبذولة للترويج واستقطاب الاستثمارات للمملكة، حتى لو كانت تلك الاستثمارات عائدة في ملكياتها للقطاع الخاص، فالشكل العام للبيئة الاستثماريّة بدأ يتزعزع نتيجة عدم استكمال تنفيذ هذه المشاريع الموجودة في قلب العاصمة على مرأى ومسمع الجميع بلا استثناء، واصبحت حديث الصالونات باعتبارها فشلاً رسميّاً في إيجاد الحلول.
تدخل الدولة في إيجاد الحلول لهذه المشاريع المتعثرة يجب ان يكون قويّاً ومباشراً، فالمسألة باتت قضية رأي عام ومصلحة وطنيّة عليا في التدخل للصالح العام وعدم ترك الأمور على هذا النحو من الجمود والتعثر، فالمسؤولية الوطنيّة تحتم التدخل الإيجابي وفق أحكام القانون لتعزيز بيئة الاستثمار.
طبعا سيخرج العديد باتهام الحكومة ومؤسساتها بأن تدخلاتها هي لصالح فئة من القطاع الخاص وهذا لا يجوز، والحقيقة ان التدخل الرسميّ بات واجبا وضرورة ملحة، ويكون ذلك بأساليب ووسائل متعدد وفق أسس اقتصاديّة واستثماريّة بحتة.
لا يمكن ان يبقى هدا المشهد القاتم للمشاريع المتعثرة على ما هو عليه دون ان يكون للدولة وأذرعها الرسميّة ومؤسساتها المختلفة القدرة على التدخل الإيجابي من خلال إما الشراكات الاستثماريّة، او منح الاعفاءات والتسهيلات التي تحفز السير في تنفيذ المشاريع واخراجها للنور، حينها ستكون هناك قيمة مضافة جديدة للمشاريع المتعثرة وسيكون لها مردود إيجابي عال للخزينة، وداعم رئيسي لتحسين الصورة الاستثماريّة في المملكة، وإنهاء شكل من أشكال الازعاج ” المجاني” التي تسيء للاستثمار في المملكة وتثبط العزائم والجهود المبذولة لترويج الأردن استثماريّاً، وكل ما يتطلبه الأمر شجاعة مسؤول في اتخاذ القرار، بعيدا عن الايدي المرتجفة التي تعطل الحلول، وتتفنن بخلق المعيقات.