انطلقت اليوم إنتخابات مجالس الفروع لنقابة المهندسين ومجالس الشعب، كتبت سابقاً عن تجاذبات الإنتخابات في نقابة المهندسين، عندما كانت الساحة بيضاء وخضراء فقط، حيث كان التنظيم والولاء الحزبي يحكم ذلك، وانتقدت بحيادية سلوكيات السعي للإستحواذ على النقابة لتسجيل انتصارات في الظل؛ هي إمتداد لأحزاب وتوجهات ايديولوجية لم يفلح أصحابها في تسيد المشهد السياسي الاردني، فاغتنموا ديموقراطية النقابات وعدم تمكن الحكومات من السيطرة عليها، وسعدتُ بظهور تيار نمو المهني (الذي ظهر نتيجة هيمنة البيض والخضر على النقابة وتحييد المستقلين)، لتركيزه على المهنة واصحابها، وترك التوجه الأيديولوجي والمواقف الوطنية كحرية شخصية لا يفرضها احد.
نجحت نمو في الدورة الماضية لانتخابات النقابة، وكسرت نمو احتكار البيض وقبلهم اليساريين، مع أن نمو فيها من كل الأطياف، وكما للديموقراطية حسنات، فقد حملت التجارب السابقة تشكيل دكتاتوريات استحواذ واستبعاد للآخر لتكرار فوزها وسيطرتها، الناتجة عن بعد؛ أنها منظمة وامتداد لأحزاب وجماعة تعمل على الساحة الوطنية من أيام الأحكام العرفية، وعدم وجود حياة نيابية.
شخصياً لست مع أي حزب او جماعة حالياً، لعدم قناعتي، ولأنني لا أقبل أن أكون حجر شطرنج والغي تفكيري ورأيي وأسلمه لغيري بحجة الإنتماء الحزبي، وهو في الغالب مخترق وينحو تجاه دكتاتورية تفرض على المنتسبين إغلاق عقولهم بحيث يصبحو أتباع للأخوان والرفاق، وبذات الوقت أنا مع أحزاب فكرية برامجية وطنية( غير أحزاب المخاتير والبشاوات، والحرس القديم، وأرباب المناصب الفاشلين).
بكل الأحوال تبقى ديموقراطية النقابات مثال حسن يمكن أن يبنى عليه، لترسيخ قيم الحرية والوطنية لمصلحة الوطن، وما يعجبني أن الجميع يقاتل للفوز، وبعد الفوز يعود الجميع زملاء وأصحاب وتستمر مسيرة النقابة، مع ما فيها من ملاحظات ونقد ومحاولات استحواذ وسيطرة واستبعاد واختلافات، لكنها تبقي لعبة الديموقراطية بالإنتخاب، أفضل ما توصلت إليه الشعوب لإدارة شؤونها، فمرة تكون في الحكم ومره في المعارضة.
ولكم أن تتعجبوا ..! في الإنتخابات الحالية تحالف البيض( الإسلاميين) مع الخضر ( اليساريين)، وبطلنا نفكر بالأيديولوجيا بل في المصالح، وأصبحت الغاية تبرر الوسيلة لدى الطرفين… ! لمواجهة تيار نمو الصاعد.
بكل الأحوال نعول على وعي المهندسين، لإختيار أفضل من يمثلهم بغض النظر عن اللون، فالنقابة هي الأكبر بعدد المنتسبين والأكبر في مواجهة تحديات تواجهها من تزايد أعداد العاطلين عن العمل من المهندسين، وتطوير المهنة، وقضايا ملحة في إعادة النظر بقوانين النقابة، والتي ربحها البيض في الجولة الماضية من باب النكاية لا من باب المصلحة…! لأن البيض لا يريدون أن يسجل النجاح ربما ..لغيرهم..!، فالمقترحات كان من بينها ما هو مأمول ومقبول للجميع ويصب في مصلحة النقابة ومنتسبيها، وبعضها خلافي فيه وجهات نظر.
نأمل أن تتجذر الديموقراطية النقابية التي سجلت نجاحات لحينه، برغم الكثير من الهنات هنا وهناك، وأن تنعكس على الفعل الوطني للإصلاح، بحيث تصبح الممارسات الديموقراطية والحزبية أساسية راسخة يحملها الفعل والتطوير والإنجاز، ويترك الحكم والتقييم لصناديق الإقتراع.
تحية لكل المترشحين بأطيافهم، وتحية أكبر لمن يفوز وفي ذهنه خدمة النقابة والوطن، لا مرجعياته الحزبية الضيقة أو مصالحه الخاصة، وأن لا تنتج هذه الديموقراطية دكتاتوريات أستحواذ واستبعاد وإقصاء للآخر، فدكتاتورية الأحزاب والجماعات أثبت التاريخ أنها أسوء من دكتاتورية الفرد… .حمى الله الأردن.