الدكتور محمد علي صالح الرحاحله - من المبادئ المتوفق عليها في ادبيات الاستراتيجيات والسياسات ان الادارة السياسية هي صاحبة القرارات العامة وعلى المؤسسات ان تضع الخطط والاليات لتنفيذ توجيهاتها بما فيها متطلبات تنفيذ هذه السياسات والتوجهات. وهذا ينطبق على جميع المؤسسات المدنية بعض النظر عن نوعها ومهامها. فتدخل المؤسسات بعمل الادارة السياسية وفرض ارادتها يعني تغول هذه المؤسسات وبالتالي انفراط عقد الادارة السياسية التي تصبح محكومة للمؤسسات وليس المؤسسات محكومة للادارة الساسية والسياسة العامة اي انه المؤسسات تقنن السياسية العامة لصالحها ومن زاويتها المحددة والمحدود. فالادارة السياسية والسياسة العامة تنظر للامور بطريقة شمولية وترا ما لا تراه المؤسسات التابعة لها. فمثلا القيادة العسكرية هي اداة بيد الادارة السياسية فهي التي تحدد التوجية للقيادة العسكرية وعلى الادارة العسكرية هي التي تضع الخطط لتنفيذ التوجة السياسي بمالا يتوافق مع امكانيات. فالقرار دائما للادارة السياسية او الحكومة والتنفيذ دوما على المؤسسات.
اما في ظل موضوع الكورونا فان الامور سارت بالعكس فلجنة الاوبئة هي التي تتحكم في السياسة العامة للبلد سواء التعليمية او الاقتصادية او غيرها والاصل ان السياسة العامة والادارة السياسية هي التي تتحكم في لجنة الوبئة اي انها تضع السياسة وعلى اللجنة ان تضع الحلول والخطط للنفيذ وليس العكس ان تتحكم لجنة الاوبئة بالسياسة العامة وتقيدها فلجنة الاوبئة ماهي الا اداة في يد الادارة السياسية والسياسة العامة وليس العكس كما هو الحال عندنا.
وكان لهذا التحكم الاثار السلبية الكثيرة الاقتصادية والمجتمعية وفي كافة مناحي الحياة، فتراجع الاقتصاد وزيادة البطالة وزيادة اعداد الفقراء وفقد العديد لوظائفهم وتراجع الحياة الاجتماعية وتراجع التعليم بدرحة كبيرة جدا وانتشار حالات الانتحار التي اصبحت بشكل مقلق وكذلك حالات العنف المجتمعي المتمثل في المشاجرات التي تستخدم فيها الاسلحة وينتج عنها حالات قتل التي اصبحت شبة يومية ماهي الا امثلة على هذا العكس للامور ولقاعدة اساسية.
لقد اعطيت لجنة الاوبئة خلال العامين الماضيين سلطة لم تكن لها من قبل وهي بالتالي فهي تعمل جل جهدها على ان تستمر السلطة في يدها (وهذه طبيعة بشرية لان من يملك سلطة ليس من السهل التفريط بها) وان تبقي تتحكم في السياسة العامة وفي الادارة العامة وفي البلاد، فهي تعمل من منظورين المحافظة على هذه السلطة التي اعطيت لها وتصدرها وغيرها من المعنيين وسائل الاعلام من خلال التهويل الاعلامي وبالتالي قدر الامكان ولاطول فترة ممكنة. وثانيا انها تنظر للامور من زواية واحدة على الرغم من عدم قدرتها على وضع حد لانتشار المرض المستمر لثلاث اعوام فهي تتعامل معه كازمة مؤقتة وليس كحالة مستمرة يصعب معها تعطيل الحياة وجلوس الناس في بيوتهم انتظار زوال المرض. فهي تلجاء الى اقصر الطرق وليس لافضلها. وهي تنشر الارقام المطلقة وهذه الارقام في الاغلب لا تفيد في شئ الا التهويل.
تنشر الارقام المتعلقة بالكورونا ارقاما مطلقة تراكمية، وليست مفصلة لكل سنة او بصورة شهرية، وهذا يعطي الكثير من التهويل لعدد الاصاب ونسب الشفاء والوفيات، ومن مراجعة اعداد الوفيات المنشورة حسب دائرة الاحصاءات العامة خلال الفترة 2004-2020 فان نسبة الوفيات لعدد السكان تكاد تكون ثابتة وهي حوالي (0.3%) من اجمالي السكان وهذه السنة لم تتغير بشكل ملحوظ لعام 2020 بل كانت ضمن المعدل العام اي انه ليست هنالك فروقات جوهرية لصالح عام 2020 عام الكورونا. فلابد من اعادة النظر في مؤشرات الكورونا
اتخذت الحكومة العديد من الاجراءات المعيقة للحياة العامة بناء على توصيات لا تاخذ بعين الاعتبار الشمولية في اتخاذ القرارات وتعطيل مصالح الناس فمثلا اختصار دخول المؤسسات العامة والخاصة على المتلقين لجرعتين هو ارباك للحياة العامة وتعطيل لمصالح الناس، بينما ارتداء الكمامة لا يسبب ارباكا للحياة العامة. مع ان تلقي جرعتين او حتى اكثر لا يعني المناعة الابدية ضد الكورونا بل يعطي مناعة مؤقتة و لمدة محدودة لا تزيد عن ستة اشهر، خاصة وان طبيعة الفيروسات عامة التحور بين فترة واخرى.
تدل الاحصاءات على ان متلقي جرعتين حتى نهاية شهر حزيران بلغ حوالي (1.4) مليون، ومتلقي جرعة واحدة (2.5) مليون شخص، اي ان هؤلاء جمعيهم اصبحوا ضعيفي المناعة، وبينما بلغت عدد متلقي الجرعين حتى يوم امس حوالي (4.3) مليون مقابل (4.7) مليون تلقوا جرعة واحدة. يشكلوا تقريبا (50%) من السكان فوق (14) سنة. كما يلاحظ ان نشرات اليومية لعدد متلقي المطعوم تراجعا كبير خلال الفترة الماضية حيث يعود السبب ليس لقناعة الناس بل لاسلوب الاجبار للعاملين في المؤسسات العامة والخاصة والجامعات.
وبما ان مدة المناعة الفعالة هي ست اشهر، فيتضح من هذه الارقام ان من تلقوا جرعتين ومناعتهم ليست ضعيفة فقط حوالي (3) ملايين شخص، بينما هنالك حوالي مليون ونص ممن تلقوا جرعتين (40%) ممن سندهم اخضر مناعتهم قليلة او منعدمة ومع ذلك مسموح لهم بمراجعة ودخول المؤسسات العامة.
فتطبيق سند يعطي من تلقى جرعتين بغض النظر عن الفترة لونا اخضر. فهل سند اخضر فعال في مكافحة الكورونا ام ارتداء الكمامة؟.
ومن حيث منطق الامور فان الذي اخذ الجرعتين قبل ستة اشهر اصبح الان والذي لم ياخذها هما في نفس الوضع بالنسبة للتعرض للاصابة بالكورونا. فكيف يسمع لمن اخذ الجرعتين قبل اكثر من ستة اشهر بالدخول مع انه معرض للاصابة ومناعته ضعيفة ويمنع من لم يتلقي الجرعتين؟ سؤال برسم الاجابة. اي ان موضوع سند اخضر هذا بحاجة الى اعادة النظر الا اذا كان الهدف منه تسويق هذا التطبيق.
هنالك سؤال كبير يخطر على بال كل شخص يطلع في المواقع المختلفة المحلية وغير المحلية ما يقوله البعض من الشخصيات المعروفة في تخصصاتها في مجال الانترنت عن فترة انتهاء الكورونا وانتشار اوبئة جديدة.
ان المطلوب هو العودة الى القاعدة الاساسية ووضع الامور نصابها الصحيح الا وهو في يد الادارة السياسية المتمثلة في الحكومة فهي التي تقرر ما هو مطلوب وعلى الجهات الاخرى التنفيذ وليس الاستناس برائها، فالاستناس برايها هو من قبل تنفيذ الخطط والاليات فقط، فمثلا للحكومية اتخاذ قرار بعودة التعليم الوجاهي وعلى لجنة الاوبئة ووزارة الصحة وضع الخطط والاليات اللازمة لتنفيذ هذا التوجة بحيث تكون هذه الاجراءات والخطط بحيث لا توقف ولا تربك الحياة العامة وان لا تذهب الى ابسط الحلول كاغلاق ومنع دخول الامكان العامة وغيرها من الحلول. ذلك ان نظره الحكومة نظرة شمولية فهي لا يجب ان تنحصر في وجة او زاوية محددة بل تشمل كافة القطاعات وكافة الزوايا.