سلامة الدرعاوي - لقاء مصارحة للملك مع عدد من الزملاء الكتاب الصحفيين تناول آخر التطورات والمستجدات السياسية والاقتصادية والمحلية والدولية، تحدث جلالته بعمق عن رؤيته للمشهد الأردني وعلاقاته بالجوار ودوره في المنطقة.
اقتصاديا، الرؤية واضحة عند الملك، فالتحديات تتطلب شجاعة في اتخاذ القرار، وقبل ذلك التحدث بوضوح وشفافية للمواطنين، ووضعهم بصورة التحديات والحلول، وضرورة وضع النقاط على الحروف، بعيدا عن الشعبويات والسوداوية المستدامة لدى جهات اعتادت خلق حالة من التأزيم والتذمر.
أجندة المرحلة المقبلة ستكون مزدحمة بالحراك الاقتصادي، المبني على تفاهمات حوارية مع القطاع الخاص – المحرك الرئيسي للتنمية- للوصول إلى خريطة أولويات اقتصادية، مضمونها الأساسي دفع عجلة النمو للأمام، واستعادة زمام المبادرات التنموية، لمواجهة التحدي الأكبر وهو البطالة التي تشكل تحديا حقيقيا لاستقرار وأمن المجتمع.
حوار اقتصادي ضمن ورش مختصة قطاعيا ستبدأ عملياته النقاشية تحت مظلة الديوان الملكي، تفضي في النهاية لمخرجات أولية قابلة للتنفيذ والتطبيق ضمن خطة عمل “عابرة للحكومات “وهذه النقطة الأساسية التي تضمن نجاح واستمرارية التنفيذ بشكل مؤسسي متفق عليه.
فالممارسات التراكمية السابقة في إعداد الخطط والبرامج الاقتصادية تدلل بوضوح على ضعف التنفيذ المؤسسي لتلك البرامج وعلى مزاجية الحكومات في التعاطي الضعيف للغاية مع برامج طويلة ومتوسطة الأمد، فكل حكومة تأتي تنسف ما قامت به سابقتها دون فهم او تمحيص، ليكتشف الجميع في النهاية انه في أدراج الحكومات الأردنية المتعاقبة كم كبير من البرامج المجمدة التي اشبعتها الحكومات باحتفالات تدشين، ليصير وضعها النهائي داخل أدراج الحكومة مع كل أسف، مما أفقد الخطاب الاقتصادي التنموي الحكومي الثقة من قبل الشارع.
حضور الديوان بعمق في المشهد الاقتصادي الراهن هو ضمانة للحفاظ على استدامة التنفيذ لمخرجات توصيات الورشات الاقتصادية، وتجاوز عقبة التقلبات والتغييرات الحكومية ومزاجية المسؤولين في التعامل مع البرامج المختلفة، وهذا بحد ذاته يعطي دفعة قوية على جدية الإصلاح الاقتصادي، وان المملكة بأمس الحاجة اليوم لكل دقيقة للسير قدما في إنجاز خطوة إصلاحية إيجابية تنعكس مباشرة في الأمن المعيشي للمواطنين.
الملك كان واضحا بأن تقييم المسؤولين ومدى التزامهم بتنفيذ البرامج والخطط الحكومية هي عملية حسابية لمعرفة جوانب التقصير في آليات المتابعة، وعلاجها الفوري المبني على المحاسبة.
العلاقات الاقليمية مع كل من مصر والعراق وبعض الدول الخليجية كانت محور حديث الملك مع الزملاء الاعلاميين، وفي هذا الإطار ما يزال الملك بخيار التعامل مع الدول الشقيقة وإحداث اختراق إيجابي كبير في العلاقات الاقتصادية بين الأردن وتلك الدول الشقيقة وتشكيل تحالفات اقتصادية، فآفاق التعاون والفرص الاقتصادية بينهما كبيرة وباتجاه إطار تكاملي يحقق المنفعة لتلك الدول.
العراق ما يزال السوق الأكثر استراتيجية للاقتصاد الأردني، وللمملكة اصدقاء حقيقيون داخل العراق يتطلعون الى مزيد من التشابك الاستثماري والاقتصادي مع الأردن، وهو ما جعل الملك يحث المسؤولين في القطاعين العام والخاص على مواصلة الزيارات الميدانية للعراق، وتمتينها على مختلف المستويات والقطاعات، فالفرص واعدة وكبيرة، والأمر يتطلب تحركا اقوى من قبل الأردن.
الأردن ما يزال تحت مظلة مؤمرات البعض الذين يحاولون التضييق عليه ومحاصرته بأشكال مختلفة، والحد من دوره الإقليمي، وانتزاع مواقف منه لا تنسجم أبداً مع مبادئه، لكن الأردن بقيادة الملك ظل ثابتا، وفاعلا إقليميا ودوليا، وهو ما جعل الإدارة الاميركية تقدر هذه المواقف من خلال زيادة حجم المساعدات السنوية للمملكة والتي باتت اليوم على اجندة اللجان المختصة في الكونغرس، وهذا ما يفسر ” جنون” البعض وقيامهم بإطلاق حملة إشاعات جديدة لتبخيس الدور الملكي في المنطقة ولفت الأنظار عن الجهود الأردنية بقيادة جلالته للحفاظ على القدس ودعم الأشقاء الفلسطينيين وصمودهم على أرضهم والحفاظ على القدس.
الملك متفائل في العام 2022، وهو متأكد انه سيكون عاما للانجاز السياسي والاقتصادي، والاصلاح سيكون ثمرة حقيقية للجهود في تحقيق الامن الاقتصادي للأردنيين والحفاظ على كرامتهم، وتعزيز قدرة الحكومات على مواجهة التحديات واتخاذ القرارات الرشيدة والجريئة لمعالجة التشوهات.