في الازمة الروسية / الاوكرانية ، وقبل اندلاع الحرب والهجوم الروسي على اوكرانيا من الواجب الوقوف على خطاب الرئيس الروسي بوتين ، وكما بدا قوميا بصورة واضحة لا تقبل الجدل في حديثه عن الامة الروسية وعظمتها .
بلا شك ان قلوب ومشاعر الشعوب المقهورة والمهمشة والمضطهدة في الجنوب « العالم الثالث « انفطرت فرحة ومبتهجة وتشعر ببالغ السرور من الغزو الروسي لاوكرانيا ، وتحدي بوتين لواشنطن وحلف الناتو .
ما بعد ازمة اوكرانيا ، من الممكن القول ان العالم انقسم ما بين معسكرين : شرقي وغربي . ونعم ، روسيا اليوم ليست الاتحاد السوفيتي القديم ، وعلاقتها مع العالم الثالث ليست مربوطة في ايدولوجيا الاممية الاشتراكية والحل الشيوعي ، والعلاقة التي كانت شعوب الجنوب تنشد موسكو منها للخلاص وعتق رقبتها من الامبيرالية والتبعية ، وبناء اقتصاديات وطنية اشتراكية متحررة .
في الغرب سمعنا خطبا وحروب تصريحات عن حماية الديمقراطية الاوكرانية ، والرواية الغربية المستهلكة والمتبذلة حول الديمقراطية وحقوق الانسان ، والتعاليم الليبرالية المعلبة التي غزا الغرب العالم في ظلالها ومن وحي شرعيتها ، وباب تحرير الشعوب ، وفي نظرة عنصرية واستعلائية لمركزية وتفوق غربي يؤمن بان شعوب العالم الثالث غير قاردة على ادارة امورها واوطانها .
وماذا صنعوا في العراق وليبيا وسورية والسودان ، وكيف زرعوا اسرائيل في قلب العالم العربي ؟ وتحول العرب الى وقود يدفعون ثمن الصراعات الدولية ولعبة الامم ، وتحولت اوطاننا الى ساحات لحروب بالوكالة . فماذا يمكن ان ننصح الاوكرانيين ، نقول لهم ثقوا في النصيحة الامريكية والبريطانية ، وثقوا في تعاليم ومواعظ الاستعمار الجديد لكي تدفعوا اثمانا باهظة لما دفعناه في دول العرب .
في اوكرانيا اتكلوا على امريكا وحلف الناتو ، واتكلوا على الغرب ان يحمي بلادهم ، وكل من يتكل على امريكا يبات في العراء .. وهذا القول ليس من اجتهادي ، ولكن كل انتاجات تحالفات امريكيا تؤكد صواب هذه المقولة ، وكيف تقع دول العالم الثالث والجنوب بين فكي واشنطن وتوابع علاقة تحالف ثمنها انهيار ومقايضات سياسية ، وتحويلها رقعة من ادوات لعبة الصراع الدولي .
لربما ان احتلال دولة لدولة اخرى فكرة مقلقة في العلاقات الدولية .. ولكن في احيان كثيرة صعب طرح راي في فكرة دون اخذها ضمن سياقها والمعطى العام ، وما يجري من حولها من توابع وتداعيات .
وما فعله بوتين انفراجة في النظام العالمي ، وما فعله بوتين قسم العالم بعد ازمة اوكرانيا الى معسكرين : شرقي وغربي . وليس من المهم ان تحدد اين تقف .. ولكن الاكثر اهمية ان تفهم ما يجري في العالم الجديد ، والهزة الكبرى التي اصابت النظام العالم ، وفهم الدول لمصالحها من زوايا بعيدة النظر ، وخصوصا نحن في دول الجنوب والعالم الثالث ، والاصدقاء الخاسرون لامريكا في الشرق الاوسط .
امريكا واوروبا مرعوبة ، وفي الاعلام الغربي والعربي التابع والموالي تلامس في روايات الاخبار رعبا وذعرا غربيا .. وصراحة انا اشعر بالفرح والسرور وامد قدمي وانا اتابع الاخبار .. من حقي ، فما يقلق سكينة واطمئنان سكان بلاد «العم سام» يجعلني اشعر بالفرح ، وانا اتفرج على الاخبار ، وما هو ات من عواصم الغرب على تبعات وعواقب الهجوم العسكري الروسي على اوكرانيا ، ولذلك شان اخر .