يرتكز الأمن الوطني الأردني على عدة عناصر متمثلة في : القدرة الدفاعية العسكرية للدولة التي تعالج التهديدات ذات الطابع الاستراتيجي ، والتنمية الشاملة التي تتمثل في الاستثمار، وتحقيق الأمن المائي والغذائي والبيئي ، بالإضافة إلى المجالات الاقتصادية وكذلك السياسة الخارجية التي تنقل صوت الدولة ومصالحها للعالم الخارجي .
الأبعاد السياسية
1. بنيت الأبعاد السياسية للمشروع على الحقائق الآتية:
أ. هناك بعض التيارات في الأردن تعتبر هذا المشروع نوعاﹰ من أنواع التطبيع مع إسرائيل، ، علماﹰ بأنه مشروع بيئي وليس لأغراض أخرى.
ب. المشروع لا يشكل حدوداﹰ مائية بين الأردن وإسرائيل لسير المياه بواسطة أنابيب تمر عبر أنفاق وليس ظاهراﹰ إلا في بعض المناطق ولا تشكل القناة الحدودية .
جـ. إقامة المشروع ستؤدي الى تشجيع المستثمرين للاستثمار في هذه المنطقة وكذلك حث الدول المشاركة على تمويل المشروع .
د. انحسار البحر الميت وتعرضه للجفاف سيكون له أبعاد اقتصادية مؤثرة على الأمن الوطني الأردني من حيث الأمن المائي والأمن الغذائي والأمن البيئي.
الأبعاد الاجتماعية
2. تتمثل الأبعاد الاجتماعية بما يلي:
أ. سيساهم المشروع في خلق فرص عمل والتي ستساهم في حل جزء من مشكلة الفقر والبطالة.
ب. إقامة المشروع سيساهم في الهجرة المعاكسة من المدن الكبرى إلى القرى ضمن منطقة المشروع.
جـ. إنشاء الجامعات والمعاهد في منطقة المشروع.
3. سيساهم انحدار المياه من ارتفاع عالي يصل إلى 500 م في نشاط الحركة الزلزالية التي تتصف بها منطقة المشروع وبالتالي سيكون عامل مؤثر على التجمعات السكانية في منطقة المشروع.
الآراء المعارضة للمشروع
هناك عدة أسئلة تطرح للاستفسار، منها: هل المشروع المطروح مشروع بيئي فقط أم له أبعاد أخرى لبناء مشاريع إقليمية اقتصادية بين إسرائيل والبلاد العربية ؟.
للإجابة على هذه الاستفسارات يجب أن نعرف بأن المشروع طرح من قبل الأردن، وهو مشروع بيئي لإنقاذ البحر الميت، وسيتم إنشاء عدة مشاريع لإنتاج الكهرباء وتحلية المياه وكذلك ستنشأ عنه مشاريع سياحية في وادي عربة.
118. وجهة نظر المعارضة الأردنية. بنيت وجهات النظر الأردنية المعارضة لإقامة المشروع على النقاط الآتية:
أ. إغراق الأراضي الزراعية الموجودة في منطقة البحر الميت.
ب. غمر المنشآت والمواقع السياحية والأثرية الموجودة في المنطقة.
جـ. إغراق جزء من طريق الغور الصافي العقبة.
د. إغراق مصنع البوتاس الأردني.
هـ. التأثير سلبيا على مشاريع سلطة المصادر الطبيعية، واحتمال تزايد النشاط الزلزالي في المنطقة.
و. هناك بدائل للمشروع بإنشاء محطة تحلية في خليج العقبة وخاصة بالأردن.
للاجابة على هذه التساؤلات وبعد التحليل من وجهة نظر الكاتب قد تكون من خلال مايلي:
1. منطقة الأغوار الجنوبية ووادي عربة خالية من السكان وطاردة لهم. لذلك يشكل فراغ المنطقة من السكان عنصر تحدي للأمن الوطني، حيث إن مساحة إقليم الجنوب المتمثلة في المحافظات (الكرك، الطفيلة، العقبة، ومعان ) حوالي 032, 45 كم2 . ولذا فلا بد من إقامة مشاريع تكون جاذبة للعنصر السكاني في المنطقة التي تخلو من السكان تدريجيا بسبب الهجرة إلى المدن الرئيسية ، وزيادة الهجرة سيشكل تحدياﹰ يؤدي إلى تفريغ المنطقة من السكان. لذلك لا بد من إقامة مشاريع لاستغلال المناطق الشاسعة والصالحة للزراعة لتشكل عنصر جذب للسكان، وليس عنصراﹰ طارداﹰ لهم.
2. المشروع سيقام ضمن منطقة نشطة زلزالياﹰ، وفي حال حدوث أي زلزال سيؤثر على جميع عناصر التنمية التي أقيمت للاستثمار في هذه المنطقة.
3. ساهمت عملية السلام بعد مؤتمر مدريد في إجراء اتصالات متعددة الأطراف بين إسرائيل والدول العربية المعنية بعملية السلام. حيث حانت الفرصة لإحياء بعض المشاريع التي يمكن أن تنفذ بشكل إقليمي وفي مقدمتها مشروع قناة البحرين ( الأحمر ـ والميت ) .
4. المشاريع المطروحة البديلة لقناة البحرين ، مثل إقامة محطة تحليه على البحر الأحمر في خليج العقبة، علما بان إقامة محطة تحليه على خليج العقبة لا تحل مشكلة الزراعة والفقر والبطالة الذي تعاني منه الأردن والذي يحل باستصلاح الأراضي في منطقة وادي عربة التي تصل مساحتها 8 آلاف كم2 ولا تساهم في توليد الطاقة الكهربائية التي ستساعد في استغلال الصخر الزيتي .
5. المشروع سيسير بواسطة أنابيب بدءاﹰ من البحر الأحمر ولغاية البحر الميت وسيكون ضخ المياه مسيطراﹰ عليه بالإضافة إلى وجود محطات على طول القناة لحبس المياه في حال تعطيل أي جزء من القناة .
6. البدائل المطروحة للمشروع لا تحل التحديات التي تواجه الأمن الوطني الناتجة عن الفقر والبطالة والطاقة . ان معارضة هذا المشروع ،لا ترتكز على حقائق، لذلك عدم إقامة المشروع قد تضر بالأمن الوطني الأردني الشامل على المدى البعيد.
وفي النهاية : لا شك بان هناك أخطار تنتج عن إقامة المشروع ولكن حين النظر إلى التحديات التي يشكلها العجز المائي بالنسبة للأردن بالإضافة إلى الأخطار البيئية التي تهدد منطقة البحر الميت بسبب انحساره وتشكيل الحفر الانهيارية ، حيث يظهر من خلال دراسة الأخطار والفوائد بان إقامة المشروع ايجابي ولصالح الأردن في المستقبل ، وقد تتحول التحديات الحالية إلى تهديدات للأمن الوطني الأردني مستقبلا ، إذا لم يتم تلافي العجز المائي الذي تعاني منة.
الدكتور مفلح الزيدانين
متخصص وباحث في الدراسات الاستراتيجية